المقالات

أين الاسلاميون ؟ وهل فشلوا ؟ /


حافظ آل بشارة

كثير من الاسلاميين العراقيين خائفون من نتائج التجربة السياسية الحالية ، هؤلاء ليس لديهم اعلام ينشر آراءهم ، يعتقدون ان تعثر نظام الحكم الراهن معناه ان الاسلاميين فشلوا سياسيا ، فتنشأ عملية استقراء خاطئة تقول ان الاسلام ليس دين سياسة او ادارة حديثة ، ويأتي آخرون ليعززوا هذا التصور بالقول ان حكومة الاسلام انتهت في زمن النبي والخلفاء ، لأن مملكة بني امية وبني العباس ليست اسلامية ، وما تلاها من دويلات وصولا الى الدولة العثمانية كانت سلطنات ملكية بغطاء اسلامي ، ربما تجربة ايران فقط قابلة للقياس والتقييم باعتبارها حكومة فقهاء ، لكن اعداءها شوهوا صورتها اعلاميا فلم تعد تسترعي الانتباه ، أما حركة التكفير الحديثة فنموذجها حكومة طالبان المرعبة التي شكلت باشراف المخابرات الغربية لتشويه صورة الاسلام . أما الاسلاميون العراقيون فهم ورثة المفكر المجدد محمد باقر الصدر الذي قدم نموذجا نظريا لحكومة الاسلام لم يظهر في تجربة العراق بل ظهر نموذج بريمر ، لكن التجربة سجلت باسم الاسلاميين الشيعة ، وقد حملوهم اوزارها ، مثلما يحمل المستشرقون مسؤولية النموذج الاموي والعباسي للاسلام ونبيه دون تمييز ، الاسلاميون في العراق حاولوا الاندماج بالمشروع الديمقراطي التقليدي فقط والسلام . وقريب من العراق هناك الربيع العربي الذي تستولي عليه تيارات اسلامية تدريجيا فيها المعتدل والمتشدد والمجهول الحال ، لا أحد يستطيع التكهن بما يحكمون . بلدان الغرب اصبحت الآن تفكر بالاسلام أكثر لماذا ؟ لأن المجتمع الغربي يشيخ ويتناقص السكان وينقرض نظام الاسرة ، والجاليات الاسلامية هناك تتسع ، والهجرات الاسلامية الى الغرب تتفاقم ، يقولون ان اوربا وامريكا الشمالية ستصبح بلدانا مسلمة خلال خمسين سنة ، الغزو السكاني الاسلامي بديل للغزو السياسي او العسكري ، لاحتواء الموجة يريدون مسلمين (نص ردن) يستبدلون الكنيسة بالمسجد وابوك الله يرحمه ، يصوغون نموذجا عالميا للشراكة المستقبلية بين الغرب والاسلام ملخصه : (المسلم الجيد هو اللبرالي الجيد) ويبرهنون رأيهم قائلين : لو تم تفكيك مشكلة ادارة الحكم في اي بلد اسلامي ستظهر قواسم مشتركة اكثر مما نتصور بين العلماني والاسلامي ، فالقطاعات الخدمية محايدة وغير قابلة للادلجة وتشكل 90% من عمل اي حكومة ! وفي التشريع اغلب القوانين لا علاقة لها بالدين وهي لعامة البشر ، وفي تنصيب الحكام الانتخابات هي البيعة ، الهامش الضيق الذي يميز الاسلام سياسيا ممكن التطبيق ، فالاسلام يضيف لواجبات الحكومة فرض الحجاب وتحريم الربا ومنع المعاصي العلنية الجماعية ، وحماية المجتمع من الضلال وحفظ هويته . الآن التجربة في العراق لا هي تجربة اسلاميين على وجه ، ولا لبراليين على وجه ، ما يعانيه البلد من ارهاب وفساد وبطالة وفوضى وتوقف خدمي وتنموي وصراع سياسي ليس سببه الاسلام ولا العلمانية ، لان هذه التجربة لا تنتمي سياسيا الى اي منهما ، يبدو ان القضية تتعلق بطبيعة المرحلة التأريخية ، انها حقبة ما قبل الدولة وما قبل السياسة ، يمكن تسميتها حقبة القبائل التي ربما تأتي بعدها ما يسمونه بالعصبة الخلدونية ، وهذه قضية ثانية تحتاج الكثير من الكلام ، والله اعلم .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك