المقالات

الاعلام الوطني منابر محتلة /


حافظ آل بشارة

لم يكتف ساسة هذا البلد باحتلال الصدارة في مثلث السلطة والمال والقوة ، بل ذهبوا ابعد من ذلك عندما احتلوا الاعلام وهيمنوا على وسائله بحجة انهم صانعو الاخبار ، السياسة بحراكها اليومي ليست هي قوة التغيير الاجتماعي في اي بلد بل وظيفتها تقديم الخدمات والحماية للناس ، والعاملون في السياسة ليسوا دائما قدوة انسانية ، هم كبقية الناس فيهم الصالح والطالح ، القدوات هم العلماء والمفكرون والحكماء ورموز العدل والعطاء في الحياة ، لذا فالحضور الاعلامي المفرط للنواب او الوزراء لا مبرر له ، ومن يتذرع بتمثيل شريحة او طائفة او قومية فليراجع نفسه ، اذ لا يوجد اسلوب لتمثيل الناس غير الانتخاب ، وهو مصدر الشرعية ، وهو نقيض للوصاية المسبقة ولا يجتمعان في نموذج سياسي واحد ، فأما الانتخاب واما الوصاية ، بعض الساسة في العراق يريد الجمع بين الاثنين وهو مستحيل ، مفهوم الوصاية الطائفية او العرقية ليس مفهوما ديمقراطيا ويؤدي الى الغاء رقابة الامة على الدولة والاحزاب ثم استعبادها ، وعندما يعمل الساسة خارج دائرة رقابة الشعب يبدأ الصراع والتمييز واستخدام العنف فيما بينهم ، كان الشعب دائما على عكس الساسة مصدرا للقيم الايجابية ، ولم يمارس عبر تأريخه التمييز الطائفي او العرقي ، الساسة هم مصدر المشاكل ، ينبغي ان تكون القوى السياسية تابعة للشعب وليس العكس ، لا ان تحتل مكانه وتصادر قراره وتكتم انفاسه ، وهذه المفارقة تثير اسئلة حول شرعية البرلمانات التي تنشأ في اجواء الوصاية ، يجب ان تبقى العلاقة بين الشعب والبرلمان علاقة نيابة وتمثيل ، اما الوصاية فيمكن ان تفجر تناقضا بين اهداف النواب واهداف الشعب الذي انتخبهم ، سيشعر الناس ان مشاريع وازمات البرلمان لا تعنيهم ، فيتأسس خطاب شعبي غير منشور وغير مسيطر عليه ناقد وساخط وغاضب وعشوائي وتختلط فيه الاشاعات بالحقائق ، هناك من يستغل الأزمة فيدعي ان الحكومة مظلومة ومجلس النواب هو المقصر ، والحقيقة ان التمييز بين الحكومة والمجلس في تحمل المسؤولية امر غير ممكن لسبب بسيط هو ان الحكومة منبثقة من مجلس النواب ولا تمييز بينهما ، ولم يرتبطا في وحدة النشأة فقط بل اصبحا ساحة مشتركة للأزمات فاذا اندلعت الأزمة في البرلمان تكررت بشكلها ومضمونها في الحكومة وبالعكس ، ولان الصراع القائم لا علاقة له بمصالح الشعب ، ولان النوايا الحسنة غير مضمونة اذن لا يحق لاطراف الصراع ان ينتقدوا سلطة ويبرئوا اخرى ، ومن يتابع الملفات الحالية يجد كيف ان المعارك تعقدت وازدادت ابتعادا عن مصالح الناس واستولت على وسائل الاعلام . هذا لا يعني ان الاعلام بريء ومظلوم في هذه الازمة ، بل تقع عليه مسؤولية وقد عجز قصورا او تقصيرا في مواقف كثيرة ان يتصرف كسلطة رابعة ، اصبح الاعلام الوطني مجرد منابر لخطاب التأزيم واستعراض العضلات بين المتخاصمين الذين يقتسمون وسائله ، ربما السبب هو ان اغلب وسائل الاعلام الحالية تابع للاطراف السياسية وتموله ، او ان بعضها نشأت مستقلة اولا ثم جرى تركيعها لاحقا بالمال والقوة ، احدى وظائف الاعلام الجماهيري بلوة المجتمع المدني والتبشير به وابرازه وتعريفه ، المجتمع المدني تعبير حديث عن شعب غير مقسم وغير مؤدلج وهو بالتعبير التقليدي (امة حزب الله) المنتمية الى الله وحده وان اختلفت الاديان والطوائف ، وينشأ المجتمع المدني بقوة وتماسك الاهالي وارادة الاندماج والتعايش التأريخي الذي معناه صياغة مفهوم المصالح الاجتماعية الموحدة ، ورفض محاولات الوصاية الطائفية او الحزبية ، وتنمية مفهوم الامة الجامعة والقيادة الجامعة ، المصالح بطبيعتها محايدة وبسيطة التعريف وواضحة المعنى وحقوق الانسان واحدة لا تتجزأ ، يجب ان يكون الاعلام منشغلا بهذه المضامين التغييرية لانه ممثل الامة ، لأنه الوسيط بينها وبين السلطة ، لأنه وسيلة الاتصال والحوار والتواصل بين الناس ، لأنه مصدر المعرفة المتاح بلا تمييز . لذا نحلم مثل بقية الشعوب الديمقراطية في الارض ان نؤسس وسيلة اعلام يمولها الشعب بطريقة ما وينتدبها للتحدث باسمه والمناداة بحقوقه .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك