المقالات

مَن تغيب عن القمة أعادته بغداد لحجمه الطبيعي !


بقلم رئيس تحرير السفير اللبنانية طلال سلمان:

خلعت بغداد ثياب الأرملة وتزينت بجراحها جميعاً، تلك التي تسبب فيها الطغيان أو تلك التي ألحقها بها الاحتلال الأميركي، لاستقبال الأشقاء العرب العائدين إليها بعد غياب طال أكثر مما يجب وتغييب لها استطال أكثر مما يجوز.

لكن الذين تآمروا على العراق دهراً وحاولوا إشغاله بالفتنة ليسدوا أمام شعبه كل الطرق للعودة إلى موقعه الطبيعي في أحضان أمته، عاملاً من أجل تقدمها ورفعتها، غيبوا أنفسهم بذريعة الأمن، لأن عودة العراق تعيدهم إلى أحجامهم الطبيعية.

.. وشتان ما بين العراق وبين الدول التي استُنبتت على عجل، في قلب صحراء الذهب فحرفت التاريخ وزورت الجغرافياوخربت احتمال النهوض العربي وأقامت حاجزاً بينها وبين فلسطين حتى لا يحرجها أحد بمواجهة العدو الإسرائيلي.

الذين خرجوا من عروبتهم وعليها، لم يتورعوا عن اتهام العراق في عروبته بذريعة أنه بات خاضعاً لإيران... وهم هم الذين نفخوا في غرور صدام حسين ووظفوه لكي يقاتلوا بجيش العراق حرباً لا منتصر فيها بين بلدين جارين وصديقين تجمعهما المصالح ووحدة الدين، ثم لما أنجز المهمة صرفوه من الخدمة من دون تعويض... فكان أن انتقم منهم، على طريقته الفذة، بغزو الكويت ملحقاً بالأمة جميعاً كارثة تفوق بتأثيراتها المدمرة الهزيمة في فلسطين أمام العدو الإسرائيلي، موفراً الذريعة لتثبيت الهيمنة الأميركية، وإسرائيل من ضمنها، على المنطقة جميعاً.. بعد اغتيال العراق.

تزينت بغداد بجراحها لاستقبال «قمة من دون جمهور» وفي قلبها غصة لتغييب سوريا، وهي توأم العراق في تأسيس الجامعة العربية التي تعقد القمة تحت شعاراتها... مع أن ذلك لن يمنعها من بذل الجهد في محاولة تصحيح الخطأ التاريخي الذي أوقعت فيه الجامعة عمداً فعاقبت نفسها ودورها وتاريخها من دون أن توقف بحر الدم الذي فجرته أخطاء السلطة في سوريا.. وكل ما فعلته أنها استقالت من وظيفتها تاركة للمستجدين على عالم السياسة أن يحلوا مجلس الأمن الدولي مكانها، لتكون «نكبة» عربية جديدة.

تزينت بغداد بجراحها وهي تستقبل إخوتها العائدين إليها، وفيهم من جاءت بهم الانتفاضات الشعبية الذين لا يعرفون ما يكفي، ولا يملكون من أسباب القوة ما يجعل حضورهم قوياً وفاعلاً، بحيث يمكنهم اتخاذ القرار في ما لا بد من القرار فيه.

... وتستقبل الذين غيبوا أنفسهم وأرسلوا من يظهر في الصورة مع أنه لا يملك أن يقرر، لأنهم خائفون من أن تمتد إليهم الانتفاضات في قصورهم، متذرعين بأن بغداد غير آمنة، أو أن قرارها ليس في يدها، وأن الحكم فيها ليس ديموقراطياً تماماً كأنهم هم وصلوا إلى مواقعهم السامية بانتخابات تمثل نموذجاً للديموقراطية وذروة في احترام كرامة الإنسان... يمكن القول، والحال هذه، إن غيابهم إدانة لهم أكثر مما هو عقوبة للعراق.

إنهم يخافون من عودة الروح إلى العراق... خصوصاً أنهم لا يستطيعون شراءه بـ«دنانيرهم»: إنهم يريدون إشعار العراق بأنه ما يزال تحت الامتحان، فإن خضع لهم والتحق بهم ذليلاً مهاناً قبلوه في موقع التابع.

بقي أن يفيد أهل الحكم في بغداد من وهج الإنجاز بعودة العراق إلى العرب وعودة العرب إلى العراق، كما قال رئيس الحكومة نوري المالكي في «السفير» أمس، فيحاولوا التخفف من خلافاتهم الداخلية التي تتهدد العراق في وحدة شعبه وفي قوة دولته وفي دوره الذي لا يعوّض داخل نضالات أمته من أجل أن تستعيد روحها وزخمها وحقها في مستقبل يليق بكرامة شعوبها.

والقمة في أن يعود العراق إلى موقعه في آمال شعبه وأحلام أشقائه العرب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك