المقالات

هل من سبيل إلى التغيير؟!


محمد رشيد القره غولي

يمر الإنسان خلال حياته بفترات منها مشرقة و منها ما هو مظلم، كما و يتأثر سلبا أو إيجابا بالظروف التي تحيط به و الأفكار التي يقع تحت مطرقتها، و منها ما يرتقي به فكره نحو النضوج و منها ما يتسافل به فكره، و نستطيع أيضا تقييم جيلا كاملا وفق معطيات الثقافات و البيئة التي أحاطت بذاك الجيل، لماذا؟ لان سلوكياته العمومية لا تنفك إلا و تترجم على الواقع مما تترك انطباعات إجمالية عن هذا الجيل مع و جود استثناءات في كل جيل يولد. أريد أن أقول هنا أن الأجيال التي نشأت و ترعرعت في ظل ثقافة البعث العفلقي و أجنداته نستطيع من خلال تلك المعطيات معرفة اتجاه هذا الجيل و طريقة التفكير عنده، و هذا ليس معناه أن كل ما جاء به البعث قد سرى فكرا على الجميع بل هي مسالة نسبية فمنهم من تأثر بمقدار كبير و منهم بأقل من ذلك، و على اختلاف النسب لا بد و أن نذعن أن موروث البعث تركة ثقيلة يجب أن تسعى جميع المؤسسات لتصحيحه و تجنيب جيلا آخر قد يتوارثها و أن سقط صدام لكن الأفكار لم تسقط بعد فهي سلوكيات تضر من حيث لا نحتسب. كما نحن لا ننكر أن بعض الموروثات التاريخية و العادات العشائرية الخاطئة قد اتحدت في بعض ما جاء به البعث و تبلورت فكرا هو بعيد كل البعد عن واقع الشعب العراقي المسلم. اذن أجيالنا خضعت لموا مرة حقيرة لجره بعيدا عن القيم و الأفكار و الأخلاقيات الإنسانية و الإسلامية الصحيحة فهي قديمة متجددة. لكن هل هناك دليلا على ما نقول أم رجما بالغيب؟ لناخذ مثالا بسيطا على اغلب العمليات الارهابية التي كانت منفذها عراقي الجنسية من أي جيل هو؟ نجده مولودا في الثمانينيات أو التسعينيات و حتى الاجيال السابقة هي لم تسلم من الموروث الخاطئ و من الفكر العفلقي فهم أيضا تحمل ويلات ذلك فمنهم من صمد بوجه التيار و منهم من لم يستطع للبيئة التي نشا بها و منهم من تدارك ذلك على كبر بعد مروره بثورة تصحيحية لأفكاره المكتسبة من المدرسة أو الجامعة أو حتى الشارع الذي عاش فيه شطرا من حياته. كذلك لو قسنا اليوم العقلية السياسية التي تحكمنا لوجدنا بعض لاعبي أدوارها و أن كانوا في يوم ما يسمون بالمعارضة للدكتاتورية، هم ايضا ليسوا ببعيدين عن الفكر العفلقي الذي اسس دكتاتورية نفذ ثم لا تناقش. فكم من سياسينا يتقبل وجهة النظر الأخرى و كم منهم من يتحمل اخطاء الأخر قصدا أو عمدا و كم من يحاول الوصول إلى حل وسط الذي به رضاء للجميع و كم منهم من لا يتمسك برأيه و جعله مقدسا؟! لكن هنا أيضا تطرح قضية هل الفرد العراقي دكتاتورا في تصرفاته؟ و هل يستطيع أن يقيم الاشخاص الذين سيمثلونه في البرلمان بشكل دكتاتوريا أم بعقلانية تسمح له أن ينظر إلى هذا أو ذاك بواقعية أكثر؟ اني على يقين ان هذه الصفة تلازمنا في كل مجال من مجالات حياتنا، لكن لنفهم ما الدكتاتورية في الانتخاب و ما القصد منها؟ أن القصد منها هو الاسلوب الذي يفكر به الفرد العراقي في الانتخاب فهو لا ينتخب على اساس كفاءة أو قدرة أو مقومات تجعل من هذا أو ذاك اهلا ليصل إلى اهم مؤسسة في الدولة، بل نرى منهم ملتزما بهذا الكيان أو الحزب الفلاني و ينتخب منهم و أن كان في داخله يعلم أن من سينتخبه لا يستحق حتى أن يكون مدير جمعية للمجتمع المدني و مع ذلك يكون دكتاتوريا على فكرة بحيث لا يعطي المجال اللازم إعطاءه أو فسحة من التفكير المجرد من العاطفة الممزوجة بالسذاجة المهلكة ليصل إلى الاختيار الصحيح. اذن ما السبيل إلى التغير؟ فالسياسي دكتاتوريا في فكره و فعله و الفرد دكتاتوريا في تقييمه!! الجواب هو عندما نصل إلى جيلا يستطيع أن يعطي لعقله المتسع الكافي و المجرد من العاطفة السلبية و يتمتع بمنطق يميز به الصواب نصل بهذا الجيل إلى بر الإمام و نبدأ ببناء جيلا آخر هو أكثر رقيا منه و هكذا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك