المقالات

القيادة والغدير


جواد العطار

ما رحل رسول او شارف على الرحيل الى جوار ربه الا ونصب من يلي الامر بعده او اوصى به ، ومن هذا المنطلق خاطب القرآن؛ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم في الآية الكريمة ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) وذلك لان الله تعالى لن يدع امر المسلمين فوضى بعد رسوله الاكرم ، بل نصب لهم وليا وقائدا .. في اليوم الذي تمت به النعمة واكتمل فيه الدين (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) ، يوم الغدير آخر البلاغات السماوية واهمها ، (وان لم تفعل) اي ان لم تبلغ (فما بلغت رسالتك) اي الرسالة غير مكتملة ، لانها وفقا لهذا المعنى بحاجة الى راع وهاد ومسؤول يحافظ عليها وينميها ويمتلك القدرة والشجاعة على مواجهة تحدياتها ، وبذلك لا بد من شخصية قيادية متكاملة تجتمع فيها الخصال والقدرات التي تؤهل للعمل والتصدي . لذا فلا اختلاف على ان بيعة الغدير جمعت بين الامامة والخلافة ، امامة الامة والخلافة؛ القيادة الدنيوية .. وكان الخيار الالهي للبيعة ما تجسد في مناداة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم لمبايعة علي عليه السلام .. وفي ذلك يقول شاعر عهد الرسالة حسان بن ثابت :يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم واكرم بالنبي مناديايقول له قم يا علي فانني رضيتك من بعدي اماما وهاديافمن كنت مولاه فهذا وليه فكونوا له انصار صدق موالياهناك دعا : اللهم ! وال وليه وكن للذي عادى عليا معاديا

الوصية بالخلافة اذن كانت في التكليف والتصدي بتحمل المسؤولية على كل المستويات ، فالامام علي عليه السلام رغم انه لم يحظى بالخلافة بعد وفاة النبي الاكرم الا انه كان في حينها امام امة المسلمين لا اميرها .. واستمر اماما حتى توليه الخلافة وما زال اماما للمسلمين واميرا الى يومنا هذا .. اماما استعان به الخلفاء الذين سبقوه في الامور الروحية والدنيوية .. حتى قال فيه الخليفة الثاني لولا علي لهلك عمر ، وما زال اماما واميرا ينهل من فيض علمه وتجربته الخالدة التي مزجت بين ولاية امر الامة روحيا وارشاديا وقيادة امر المسلمين وشؤونهم الدنيوية ، ذوي العقل والحكمة على مر التأريخ ، لان في المرحلة التي استلزمت تولي مسؤولية القيادة والتصدي للامور الدنيوية وبعد ان تحقق اجماع الامة ، ضرب الامام علي (ع ) اروع الامثلة في احداث التوازن الذي افتقدته الامة الاسلامية منذ آواخر عهد النبي بين امامة الامة وقيادة الدنيا . يقول الامام : ااقنع من نفسي بأن يقال هذا امير المؤمنين ، ولا اشاركهم ( اي الرعية ) في مكاره الدهر او اكون اسوة لهم في جشوبة العيش .. هكذا ينظر الامام من قيادة الدنيا الى رعيته ليعلم الحكام من بعده بأن الحكم ليس وسيلة للاستمتاع بملاذ الدنيا ، ولا اداة للتميز عن الآخرين في مظاهر الحياة وزينتها او للترفع عن الرعية او صناعة الاحجبة التي تحول بين الطرفين ( الحاكم والمحكوم ) ، انما هو مسؤولية وخلافة تصل حد مشاركة المستضعفين همومهم . لذا لا بد من استحضار القيم والضوابط التي حكمت عملية تكليف الامام علي (ع) لخلافة المسلمين وربطها بالحاضر ، لان واقعة الغدير موجودة في كل حاضر سياسي ولكل البلدان ، اما في عراق اليوم فان درس الغدير البليغ يتجسد على اكثر من مستوى :• القيادة السياسية : المطالبة بالتصدي للمسؤولية في الدعوة الى توحيد كلمة الامة وقت شتاتها ، وضرب المثل في المبادرة الى انهاء الخلاف السياسي ووأد الاختلاف بين مختلف المكونات السياسية ، ذلك الخلاف الذي طال حتى اصبح هو الاساس والاتفاق هو الشواذ .• القوى السياسية : مطالبة بتقديم الرجل المناسب في المكان المناسب وسحب الغير مناسب ممن في مواقع المسؤولية حاليا ، وذلك اعتمادا على الكفاءة والنزاهة والاخلاص والمهنية وتقديمها على معايير الولاء والانتماء وغيرها من المعايير الضيقة في ترشيحها للمناصب الوزارية او في مجالس المحافظات او اية مناصب ادنى ، لان القيادة قدوة وصفات وليست تميز او ميزات وامتيازات . • الشعب : مثل كل وقت مطالب باختيار الاجدر ومبايعته وانتخابه لخدمة المجموع ، وبما ان لا انتخابات قريبة او في المدى المنظور؛ بل قد تكون هناك استفتاءات او استطلاعات رأي حول الاقاليم؛ فان الشعب مطالب في هذا الوقت بمبايعة العراق الواحد لا الاقاليم المتعددة .هذا هو نهر الغدير لجميع العراقيين من سياسيين وغير سياسيين ولامة المسلمين ينهلوا منه كيفما شاءوا وانما شاءوا .. دون توقف ، في كل زمان ومكان .. لانه لا ينضب ابد الدهر .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك