المقالات

النجيفي.. وخيار الانفصال


أحمد عبد الأمير

لم يكد ينسى العراقيون اسطوانة التصريحات الطائفية التي لطالما رددها السياسيون الجدد في العراق حتى طلّت عليهم واحدة أخرى، وهذه المرة على لسان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، الذي دعا، في مقابلة تلفازية أجراها في واشنطن، إلى انفصال السنة وتكوينهم إقليما خاصا بهم لشعورهم بـ"الإحباط الشديد وبأنهم مواطنون من الدرجة الثانية"، على حد تعبيره، مبينا عقب محادثاته مع مسؤولين أميركيين أبرزهم نائب الرئيس جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن التوازن الطائفي في العراق "مغيّب". ولربما يتساءل البعض عن كيفية وصول النجيفي إلى موقعه الرسمي الحالي على رأس أكبر سلطة تشريعية في البلاد يمكنها مساءلة وإقالة من تشاء من المسؤولين الحكوميين دون استثناء بضمنهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وفقا للدستور، وهو ينتمي- على حد قوله- إلى المكوّن "المغيب"؟ وكيف حصل قيادي آخر في قائمته على منصب نائب رئيس الوزراء؟ وكيف تولى وزراء من ذات المكون الذي ينتمي إليه رئيس مجلس النواب عددا كبيرا من الوزارات وفقا للاستحقاق الانتخابي؟ربما يكون النجيفي، وهو أيضا أحد القياديين البارزين في القائمة العراقية "العلمانية التوجه"، غافلا أو أنه يتغافل توجهات قائمته التي صدعت رؤوس العراقيين في فترة الانتخابات وما بعدها بتصريحاتها "الوطنية" الداعية إلى الوحدة بين أبناء الشعب العراقي قاطبة ونبذ الهوية الطائفية والاثنية وتبني الخيار الوطني، منتقدة في أكثر من مناسبة خصومها السياسيين عندما كانوا يتحدثون بلهجة تفهم أنها ذات بعد طائفي وكان آخرها عندما أشار رئيس الوزراء نوري المالكي إلى أن حقيبة الدفاع ينبغي أن تكون للمكون السني.النجيفي دعا أيضا، في نفس المقابلة، بغداد إلى أن تكون عادلة مع الجميع، ولربما يخطر ببال القارئ غير المطلع على الوضع العراقي أن المحافظات الأخرى تحظى برعاية وعناية كبيرتين من لدن الحكومة، وأنها تنعم بالخدمات المتميزة من ماء وكهرباء وطرق وجسور ومجمعات سكنية حديثة، إلى جانب تميزها عن نظيراتها "السنية" بانحفاض نسبة البطالة بين سكانها. فلو تكرّم السيد النجيفي وإطلع على الواقع المأساوي الذي يعيشه الناس في جنوبي البلاد لتأكد من أن حال المحافظات التي يشكو بأمرها ربما يكون موازيا إن لم نقل أفضل مما يقابلها في الجنوب العراقي، وبهذا تكون بغداد عادلة في توزيع مشكلاتها وازماتها لباقي المحافظات وبصورة متساوية لكونها تشاطرهم المعاناة ذاتها ولا يمكنها منح الأفضل كونها تفتقر إليه وفاقد الشيء لا يعطيه.التناقض الواضح بين ما تدعو إليه القائمة العراقية وما يصدر عن بعض أعضائها من "زلات لسان" يفضي إلى حقيقة أن الطائفية كانت ولم تزل متجذرة في صدور العديد من السياسيين العراقيين ولكنهم ربما استعاضوا عنها بأخرى في الفترة الأخيرة لعدم إيمان الشعب بها، أو لأنها أصبحت كالاسطوانة المشروخة التي سئم من سماعها أغلب العراقيين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك