المقالات

ايجابيات الجرأة


السيد حسين الصدر

من التاريخ الى الجغرافية

لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الايجابي للجرأة ، في مواطن الحاجة للكشف عن الظلامة وغمط الحقوق .فمع الوجل ، والتردد ، وملازمة الصمت ، والهروب من المواجهة الساخنه لا تزداد المظالم الاّ تراكماً .والحق - كما هو معلوم - يؤخذ ولا يعطى وللجرأة دورها البليغ في وضع النقاط على الحروف ، وتسليط الأضواء على القضايا العادلة سواء كانت شخصية محضة ، أم مطالب أجتماعية عامة .انّ مجرد خروج التظاهرات الجماهيرية يوم 25 شباط /2011 ، والمطالبة السلمية بجملة من الحقوق المشروعة ، أدّى الى إمهال الوزارات والمؤسسات مهلة أمدها مائة يوم ، وها هي قد نفدت ، وان المراقبين السياسيين يتوقعون ان تؤدي - في الأقل - الى محاسبة الوزراء ، وأقصاء بعضهم .ونحن لا نريد ان تقول بأن مطالب الجماهير قد أستجيب لها بالكامل ، وقد شقّت طريقها الى التنفيذ ، ولكننا لا يمكن أن ننكر أنها كانت السبب في تدشين مرحلة جديدة ، تقوم على أساس الأختيار والمتابعة الدقيقة للأنجازات وهي خطوة مهمة على طريق التصحيح .ان التظاهرات السلمية حق مكفول دستورياً للمواطنين العراقيين ، تماماً كما هو مكفول لسائر مواطني دول العالم الأخرى .وأنّ إعمال هذا الحق ، بشكل سليم ، بعيداً عن المقاصد الخبيثة والدسائس والمكائد السياسية ، يقود الى تشكيل ضغوطٍ ، لا يمكن للحكومة تجاهلها ، الأمر الذي ينعكس ايجابياً في النهاية لصالح الأستجابة لمطالب الجماهير .ومجرد الخشية من ركوب بعض الأشرار هذه الموجه ، لا يعني شرعية التصدي لتحجيم هذه التظاهرات ، ووضع العوائق والمطبّات أمام انطلاقتها.ان أهم الفنون التي لابد للمسؤول ان يتعلمها بأتقان ، ( فن الأصغاء ) للحاجات الأجتماعية ، والمطالب المشروعة ، والتعاطي معها ، بكل صدق وأخلاص ، لتكون الحصيلة النهائية اقتراباً حقيقياً من نبض الشارع ، والوقوف على حقائقه الراهنة ، ومعرفة هواجسه ، وما يعتمل في نفوس أبنائه .وليس ضرباً من المثالية ان نقول :انّ على المسؤولين ان يوفروا كل فرص النجاح لمثل هذه التظاهرات والأعتصامات الشعبية لكي يصلوا الى مرحلة التفاعل الحقيقي مع المواطنين ان أي نجاح للحكومة في مضمار العناية بحقوق الانسان ، وحرياته ، وصيانة كرامته ، يؤدي الى ان يحتل العراق موقعه العالي تحت الشمس حضارياً وسياسياً .ولا ضير على الاطلاق من تعالي أصوات المواطنين بما يريدون .ان المحذور والضير في كَبْت تلك المشاعر والأحاسيس ، ومتى ما تجمعّت وتراكمت ، يخشى ان يكون انفجارها وخيم العواقب ، ومصحوباً بالكثير من المصائب .لتكنْ الجماهير جريئة في أبراز مطالبها .ولتكن الحكومة جريئة في خطواتها الانفتاحية ، وقراراتها الأجتماعية .ان الجرأة قد لا يملكها الكثير من الكبار ، بينما يتوفر عليها الكثير من الشبان وهذه هي سمة مرحلتنا الحاضرة .انها مرحلة الحراك الشبابي المتطلع نحو الحاضر المشرق والغد المتألق شاهد تاريخي : ومن جميل ما قرأت هذه القصة :" قدم إياس بن معاوية الشام وهو غلام ، فقدّم خصماً له الى قاضٍ لعبد الملك بن مروان ، وكان خصمه شيخاً كبيراً .فقال له القاضي :أتقدّم شيخاً كبيراً ؟ فقال له إياس .الحق أكبر منه .قال القاضي :أسكتْقال إياس :فَمنْ ينطق بحجتي ؟قال القاضي :ما أظنك تقول حقاً حتى تقوم قال إياس :أشهد أن لا اله ألا الله فقام القاضي فدخل على عبد الملك فأخبره بالخبر فقال :اقض حاجته وأخْرجه من الشام لا يُفسد عليّ الناس "وهنا لابد من ملاحظة أمرين :الأول:ان الجرأة كانت سبباً في نجاح ( إياس بن معاوية ) في الحصول على حقه ، والاّ لضاع .الثاني :ان الحكام ، غالباً ، يتوجسون الخيفة من أصحاب الجرأة .وهكذا خشي عبد الملك من بقاء ( إياس ) في الشام .وربما يخشى الحكّام اليوم من أصحاب الجرأة ، ما كان يخشاه عبد الملك من إياس ....انّ هذه الخشيه ليست مبررةً على الأطلاق ، متى ما كانت النيات صادقة خالصة ، ومتى ما اتجه المسؤولون نحو العمل الدائب الحثيث من أجل خدمة الوطن والمواطنين .

حســـين الصـــدر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك