المقالات

متشابهات الربيع العربي /


حافظ آل بشارة

في مثل هذه الايام من سنة 1991 دارت رحى الانتفاضة الشعبانية في العراق ، كان ربيعا عراقيا لمارد الحرية الذي انتفض منتصبا على قدميه وسط شلال الدم والنار ، وقد وضعت تلك الانتفاضة نظام صدام على حافة الهاوية كانت طائرته في احدى الليالي تتهيأ للاقلاع منطلقة من قبو في القصر الجمهوري وكان يرتدي الدشداشة ويدخن الجروت في يأس بالغ يحيط به جلاوزته وابناؤه وابناء عموته تحاصرهم هتافات الشارع ، في تلك اللحظات الفاصلة تقدم حسين كامل بمشروع ابادة واسع يمتد من بغداد باتجاه كربلاء وقد وافق صدام على المشروع فورا وبدأت كارثة الربيع العراقي ، رسموا فصولا حية من طف عراقي متميز ، اجتاح الوحش مدن العراق الواحدة تلو الاخرى ، فاتحا ابواب المبادرات الدموية لغيره من كبار الجلادين في سباق للفوز بالمكافئة الصدامية تحت غطاء من السمتيات التي كانت تطير بتوجيه ووقود امريكي دفعوا ثمنه نقدا في مباحثات خيمة صفوان الشهيرة ، قبلها قال قائد عاصفة الصحراء شوارزكوف في مذكراته ان قواته وصلت الى الناصرية متقدمة نحو بغداد الا ان البرقية التي وصلته من البيت الابيض اعتبرت حركة الجيوش ماقبل الناصرية مرتبطة بقرار عسكري اما ما بعد الناصرية فمرتبطة بقرار سياسي ! كانت تلك الاحداث المحزنة قد اختتمت بمشاهد انتقام الهي عز نظيره في تاريخ الطواغيت حسين كامل ذبحه عمه ليقدم رأسه هدية الى صدام ، ومهندس تلك الابادة حوكم واعدم وحوكم واعدم رموز تلك المجزرة القمعية ومنهم من ينتظر الجزاء حتى هذه اللحظة . ومن آذار العراق الى آذار العرب حيث تتوالى الانتفاضات في بلدان عديدة ، العروبة والعراق وجهان لعملة واحدة في الدم والاحتجاج والابادة والغضب والعفوية والتمييز الطائفي ، الهتافات السلطوية تدعو عادة الى ابادة شعب بتهمة الخيانة ، وهناك الهتاف الطائفي الذي يصدر حكم الاعدام على طائفة كاملة بلا مقدمات ، وما بين اليوم والبارحة هناك تواصل عجيب في الموقف العالمي المتفرج وموقف الامم المتحدة البارد الكسيح وموقف الجامعة العربية الحافل بالجبن والنفاق ، هم مع الشعوب على صفحات الجرائد ومع الحكام في ميادين الابادة ، خذلان متماثل في صوره ومبرراته ، زمن الامم المتحدة يسير بطيئا مملا لكي تتخذ قرار ادانة شديد اللهجة ضد الابادة اما زمن الحكام فيسير بسرعة خاطفة ليسجل صفحات جديدة في مسار المواجهة الدموية ، وبين الربيع العراقي الذي اصبح ذكرى والربيع العربي الراهن ، هناك اشكالية مشتركة اخرى هي فقدان القيادات التي تقود الانتفاضات الجماهيرية ، لاسباب مجهولة يثور الجمهور غير معترف بقيادات المعارضة القديمة ، بينما تواصل المعارضات التقليدية حركتها الدودية الغامضة غير معترفة بمبادرة الامة وصراخها ودمها ، ومع افتخار الشباب بمنجزات مواقع التواصل الاجتماعي ، لا يمكن لتلك المواقع ان تلعب دور القيادة ، ثالوث الثورة المنتصرة هو : القيادة ، الجمهور ، المنهج ، مزيد من التفاؤل بتحولات الربيع العربي ولكن يبقى السؤوال الكبير موجها للانتفاضات العربية ، من انتم وماذا تريدون ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك