المقالات

دور العراق الابوي في تصحصح اخطاء مشايخ وامراء وملوك الخليج ؟


علي حسن الشيخ حبيب

يرتبط تفجرّ مسألة الطائفية في الخليج بعد قرارالسعودية المفاجىء في ارسال قوة درع الخليج والقضاء على المظاهرات في البحرين وقمع اغلبية شعبها بقوة السلاح، كاحد الاوراق التي تراهن عليها العوائل الحاكمة في الخليج، وصعود دور العامل الإقليمي كمؤثر خارجي مقرر في الكثير من السياسات المحلية في هذاامنطقة ، المسألة الطائفية الى الامس القريب كانت اداة حاضرة لتجنيد الرأي العام المحلي في تلك الامارات الخليجية لدعم الاسر الحاكمة وتسخيرها لتكون اداة ضاربة ضد شعوبهم المطالبة باستعادة بعض الحقوق السياسية والاقتصادية.. اليوم وبعد السيل العارم من الثورات في العالم العربي من تونس ومصر الى السعودية والبحرين وليبيا واليمن وسلطنة عمان، هناك ما يشبه الإجماع تدعمه مجموعة من الحقائق:-اولا:- مصادرة اراداة الشعوب وتسخير طاقاتها في خدمة الامراء والمشايخ والملوك والسلاطين .ثانيا :- تلاشي مرتكزات الضبط الامني، والقبضة الحديدية التقليدية التي تدير معظم الانظمة الخليجية فيها المجتمع. أدّى ذلك كله، الى إمكانية استعادة العراق دورة الابوي المشهود لتلك الشعوب المتطلعة الى نور الحرية لكونة الطرف الاكثر فاعلية من الدول الاقلمية وغير الاقلمية في الشأن الخليجي ..كان العراق في فترات ومراحل مختلفة من تاريخ العراق الحديث مغيبا عن لعب هذا الدور الابوي المهم ، لأسباب وظروف وبواعث عديدة ومعقدة. أن المرتكزات لهذا الدور المتوقع للعراق في تصحيح المسار الاقليمي وفرض المعادلة الابوية العراقية على البلدان الخليجية ومساعدة شعوبها المتطلعة في الحياة الكريمة وعند البحث في السباب التي تؤهل العراق على لعب هذا الدور الابوي هي :-1- وجود مؤسسات دينية قوية وفاعلة في العراق ، قادرة على التأثير المباشر على الجماهير العراقية والجماهير في الدول الاقلمية للعراق وفي مختلف طبقاتها ..2- توفر الارضية في تلك الشعوب بعد اتضاح الرؤية لدى المواطن الخليجي وماقدمته له التكنلوجيا الحديثة من ادوات التواصل التي كانت سببا الى تغيير الانظمة الدكتاتورية العربية، وما يمتلكة العراق من انفتاح اعلامي كبير، يؤثرعلى الكثير من مشايخ وامراء الخليج الذين لديهم حساسية مفرطة من النقد، اوتقبل مطالب الشعوب بحقوقهم المشروعة في الحياة الكريمة..3- عملت تلك الانظمة والمشيخة الخليجية على تهميش المرجعية السنية وربطها بالمفتي العام التابع الى البلاط الاميري لتلك الدويلات ، مما ادى الى تشتت القوة الشعبية السنية وتغييبها عن المطالبة في حقوقها السياسية والتمتع في ثرواتها النفطية ،واشاعة فكرة ان الثورة على ولي الامر هو خروج عن الدين من خلال اشاعة احاديث من اختلاق وعاظ السلاطين من المفتيين والعلماء المرتبطين بالبلاط الاميري الحاكم.4- نفور الشارع السني الخليجي من ايران كلاعب اقليمي مهم ، نتيجة الشحن الطائفي لامراء وملوك وسلاطين الخليج على مدار العقديين الماضيين، اما في الحالة العراقية فالقواسم المشتركة التي تربط الدول الخليجية مع الشعب العراقي ، من عادات وتقاليد واعراف وصلة قرابة عشائرية، مما يعطي العراق الضوء الاخضر والمقبولية من الشعوب الخليجية اكثر من الدول الاقلمية لكي يتبوء دوره الابوي والاخوي اتجاة تلك الدول.5- نجاح العراق وبشكل فاق التصورات في القضاء على الطائفية، مما خلق فيه حالة تعايش سلمي قل نظيره في دول الخليج والاقليم العراقي ،الذي كان وللامس القريب يراهن على تقسيم العراق وتحويلة الى طوائف متصارعة ، فاصبح لدى العراق جيش قوي، وقوة امنية كبيرة، تمثل الطيف العراقي المنوع،الذي يستطيع من خلاله العراق ان يفرض معادلات سياسية تتلائم وطبيعة المنطقة والتغيرات السريعة التي تمر بها اليوم..6- تتطلع النخب السياسية الخليجية، وحتى للكثير من المواطنين فيها بروز دورالعراقي المرتقب ومن دون سائر الأطراف، كلاعب مقرّر في المعادلات الداخلية الخليجية ، لانه في معظم الأدبيات الخليجية السياسية السائدة ان العراق هو الاب الحنون والاخ الاقرب والاكبر واللاعب الاساسي في المحور الخليجي المتخلخل نتيجة سياسات القمع والتغييب التي مارستها سلطات الامراء والملوك،وعلى الرغم من تباين مستويات الدور الإقليمي واشكاله وتنوع مصادره...7- الخبرة العراقية الرائعة في التعاطي مع العامل الإقليمي وبأشكاله المختلفة من التدخلات العسكرية والسياسية والثقافية، المباشرة وغير المباشرة ، كما يتمثل في فاعليته ودرجة تأثيره في مجرى الصراعات المحلية التي سوف تحدث في حالة زوال انظمة الملوك والمشيخة والسلطنة الخليجية وانهاء حكمهم الدموي ..8- معرفة العراق بالتفاوت النسبي في فاعلية هذا الدور وقوة زخمه، بين هذا الطرف أو ذاك، من شأنه أن يحدد درجة التأثير وسعة مداه . فالدور الإيراني مثلاً، لا يمكن مضاهاته بالدور التركي، والدور التركي لا يمكن مضاهاته بأدوار بعض الأطراف االاوربية وامريكا واسرائيل ودول الافريقية العربية ..7- قدرة العراق على تشجيع الدول الخليجية على الانجذاب نحو شراكات اقتصادية جديدة معه، عبر الاتفاقات المتنوعة التي سوف توقعها مع العراق، وإنشاء خط بري استراتيجي لنقل المنتجات النفطية العراقية عبر الدول الخليج العربيه،وهذه المسألة تتيح لصانع القرار العراقي الخليجي المساحة الكافية لتلبية تطلعات شعوبها نتيجة العامل الجغرافي العراقي والعوامل المشتركة بين الشعب العرافي والشعوب الخليجية ..8- قدرة العراق على تكوين منظومة دفاع مشترك مع تلك الدول، والقضاء على الطائفية بأشكالها السياسية والمذهبية، وانهاء فرضية الصراع الشيعي-السني، وقطع الطريق على عمليات تأجيج المسألة الطائفية، والغاء المنظور السائد للمسألة الطائفية في الكثير من الأدبيات السياسية، والقضاء على فكرة التمدد المذهبي ، والتركيز على اعطاء الناس مساحات واسعة من احترام الراي والاعتقاد واحترام الخصوصيات المذهبية واحترام الاقليات الدينية والعرقية..

9- حرص العراق على تقوية وشائج الروابط والاواصر الاخوية بين شعوب الخليج العربية ومساعدتهم على ادارة مرافق دولهم ومؤسساتهم وأجهزتهم ، واستغلال السلطة والنفوذ والثروة، في خدمة شعوبهم ومنع حدوث خلل في توازن القوى الاجتماعية، وخلق نمط من التفاوت في قوة الجماعات المحلية وقدرتها على التحكم في مسارات الأحداث وتطورها..10- قدرة العراق على منع الجماعات السياسية المتنافسة على مصادر السلطة، او الاستأثار بها لجماعات معينة، او استخدام الخطاب الديني في تغذية الصراعٍات التي تدور داخل حقل السياسة لا داخل حقل الهويات المذهبية، وهذا التطور في النظرة العراقية هو نتيجة الى نضوج التجربة الديمقراطية العراقية وقوتها نتيجة المحن والاختبارات الصعبة التي مرت بها .

علي حسن الشيخ حبيبباحث واكاديمي عراقي مستقل

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك