المقالات

البحرين : سيناريو العراق يتكرر !


حيدر قاسم الحجامي

البحرين : سيناريو العراق يتكرر !

ليس رغبة أو بطراً أو حتى تقليد إن تثور اغلب شعوب المنطقة العربية بهذا الشكل المتتابع ، بل ليس مصادفة إن تنتقل حمى التغيير من تونس الى مصر ومن مصر الى اليمن "الحزين " بحكم صالح "الغير صالح " إلا للقمع والاستبداد ، مروراً ببلاد عمر المختار التي تخوض نضال مثير للإعجاب ضد واحد من اعتى الطغاة بعد زميله المخلوع صدام ، الى البحرين التي تعيش ثورة غضب شعبي أحجمت الكثير من وسائل الإعلام العربية عن متابعة تفاصيلها ربما لانشغالها بثورة ليبيا التي أصبحت "حمام دم " منذُ ساعاتها الأولى ربما ، ولكن للإحجام أسبابه الأخرى أيضا .

تأتي ثورة "البحارنة" بعدما امتلأت قلوبهم غيضاً وسئموا العيش على الهامش وملوا الصبر الذي ما عاد يجدي نفعاً مع نظام طائفي يفرق بين مواطنيه على أساس الطائفة ولا تتوانى أجهزة إعلامه الرسمية عن خدش مشاعر أغلبية الشعب بأوصاف " التبعية " والولاء للخارج " والخيانة" وغيرها من التهم ولم تشفع لهم رفضهم الانضمام الى جلباب إيران وفضلوا العيش كدولة عربية مستقلة ذات سيادة ، وفوق هذا كله يعيش الغالبية العظمى منهم أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية في بلد ليس لديه موارد كثيرة أسوة بجيرانه الأثرياء ، فالبحرين دويلة صغيرة لا تتجاوز مساحتها الكلية الـ 750 كيلو متر يقطنها أكثر من 900 إلف نسمة .

تحكمت أسرة إل خليفة بتفويض من مستعمر البلاد القديم "بريطانيا " بهذه البلاد بعد الاستقلال عام1971 ، وتتربط هذه الأسرة علاقات واسعة مع الكثير من الدول الغربية ومن أهمها أمريكا فالأسطول الخامس يتخذ من المملكة مقراً له منذ عقود .

دوماً ظلت العائلة المالكة تعيش هاجس الاختلاف المذهبي وتتخوف من فقدان عرشها لهذا السبب ، ولذا لجأت أخيرا الى عملية تغيير ديموغرافي من خلال تجنيس الأجانب من "السنة " بهدف خلق توازن طائفي يمكنها من الاستمرار في حكم هذه البقعة وتستمد شرعيتها المنقوصة لإضفاء مقبولية قد تعد حجة كافية وقد سبقها النظام العراقي السابق بمثل هذا الفعل ، هذه الأسباب وغيرها كانت بمثابة صب الزيت على نار الغليان الشعبي الذي يتصاعد أوره من جراء تعسف هذه الأسرة الحاكمة وفسادها .

تقترب الثورة الشعبية البحرينية القائمة اليوم كثيراً من نظيرتها العراقية التي انطلقت عام 1991م والتي كانت أسبابها تقريباً نفس الأسباب التي دعت "البحارنة" للثورة ، وتقترب منها أيضا في إلية التعامل الداخلي والخارجي معها .

داخلياً لم تتمكن السلطة "الطائفية " من رؤية أبناء البحرين ينظمون حراك سلمي شعبي للمطالبة المشروعة بحقوقهم ، فسارعت لقمع هذا التحرك من خلال مهاجمة المعتصمين العزل في ميدان "اللؤلؤ" مستعينة بقوات من " السعودية " التي خبرت القمع تجاه أي حراك شعبي ينطلق فيها - و ساهم بعض بقايا رجال المخابرات وفدائيي المجرم "صدام " وغيرهم من المرتزقة كما ذكرت وسائل إعلام عالمية ، بهجوم مكثف على أناس عزل في منتصف الليل ، وسط صمت رهيب اكتفت بعض الدول التي حذرت بأشد اللهجات مبارك من أي مساس بالمتظاهرين ، اكتفت هذه المرة بالدعوة الى ضبط النفس والتعامل بحكمة وغيرها من هذه ِ العبارات الفضفاضة التي تسوف القضايا وتخرجها عن إطارها الحقيقي .

إما السعودية ومعها المحور الخليجي فلم تلتفت الى احترام سيادة البحرين أو تحفظ أدنى حدود اللياقة بالتعامل مع مواطنين يحتجون داخليا في شأن هو بكل الأحوال شأن داخلي أو تمنعها حكمة دبلوماسية فهي سارعت للعرض علانية على أسرة "خليفة " استعدادها للتدخل المسلح بشكل اكبر وأوسع لقمع المتظاهرين والقضاء عليهم .

ها هي السعودية تعيش مرة أخرى أعلى حالات الاستنفار من تصاعد الغضب الشعبي و تخرج عن كل منطق الدولة الذي تتخفى خلفه وتتحول الى قوة مليشياوية جاهزة لقمع أي تحرك شعبي في أي دولة محيطة بحجج طائفية ، نفس الدور الذي لعبته هذه الأسرة تجاه حركة ثوار العراق 1991 الشعبية وقادت تحالف مشبوه لدعم النظام آنذاك الذي استطاع من إعدام مئات آلاف العراقيين ودفن آخرين في مقابر جماعية وتشريد ملايين آخرين .

إن تدخل هذه الدول وبهذا الشكل العلني في إعانة صدام من قبل و الأسرة الحاكمة في البحرين اليوم سيدفع لارتكاب مجازر جديدة تجاه المتظاهرين إذا ما أصروا على مطالبهم ، ولذا يجب على كل القوى الشريفة والمناصرة لحقوق الشعوب إن تسعى لمخاطبة الرأي العام العالمي والتحذير من المخطط السعودي الخليجي لقمع البحرينيين كما فعلوها بالأمس مع العراقيين وظنوا إن جرائهم ستسقط بتقادم الزمن وإلا فالقمع قادم لا محالة .! .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
لكم الله يا اهل البحرين
2011-02-24
اوجه ندائي الى ابطال البحرين بعدم الكف عن هذا الملك الصغير ولا تكتفوا ببعض المطالب التي يريد تحقيقها لكم فالبرامج التي مخطط لها كبير فالباب مفتوح لكل الجنسيات العربية بالتجنس في البحرين وكذلك بعض الجنسيات الاسيوية بشروط بسيطة جدا فاليوم الكفة لكم لكن غدا سوف تكون الكفة بغير صالحكم وسوف يبطش بكم بكل ما اوتي من قوة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك