المقالات

بين ثورتين


حافظ آل بشارة

سجلت الثورة المصرية التي اطاحت بمبارك ظواهر سياسية مهمة تعد معايير لتقييم التحولات في المنطقة وطبيعة القوى المشاركة فيها ، ابرز مافي الثورة المصرية غياب الاسلاميين من الساحة الجماهيرية الفاعلة وفقدان تعبئتهم الميدانية ، كان المفروض ان تتخذ طلبات الجمهور في ميدان التحرير شكلا مؤطرا بالشعارات الاخوانية العريقة الا ان تلك الطلبات بقيت بسيطة ومباشرة وغير مؤطرة بأي قالب سياسي او عقيدي ، يفسر غياب الاسلاميين المصريين بأنه نتيجة لدخولهم اللعبة السياسية ومنعهم من العمل السياسي ثم انقسامهم ليلتحق الجزء المتطرف بالتكفيريين ويبقى الجزء المعتدل في صفوف المعارضة الممنوعة التي خاضت الانتخابات مرات عديدة تحت لافتات مستعارة لكنها لم تحقق شيئا فتعايشت مع نظام الحكم ولم تعد قادرة على التفاعل مع الجمهور ، وبحساب الجنة والنار فان فريق التعايش افضل من فريق الارهاب . تزامنت الثورة المصرية مع الذكرى 32 للثورة الاسلامية في ايران والتي كانت ثمرة لتنظيم سياسي يقوده علماء الدين قد لا يختلف جوهريا عن الاخوان في مصر وطريقة عملهم ، كان الامام الخميني من رموز الحوزة وقد عمل في الميدانين المدرسي والسياسي فهو فقيه اصولي له جمهوره الطلابي في الحوزة ممن يأخذون بآراءه ويلاحظ انه مارس ودعا الى تجديد مناهج تدريس الاخلاق في الحوزة الى جانب الدروس الاصولية والفقهية ، وكانت دائرة حركته واسعة وقد كسر اطواق الجمود والاعتياد مستثمرا الرؤية الاجتهادية في الفقه الامامي افضل استثمار وكانت احدى منجزاته الفكرية انه أحيا مشروع توسيع ولاية الفقهاء لتكون ولاية سياسية ، وانعش الخط المرجعي الثوري الذي يؤمن بالتواصل بين قيادة المعصوم والفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة وهو مبحث معقد وتخصصي وقد اعاد الامام الخميني وطلابه ومعاصروه بحث هذا الباب حتى حصل على دعم وقناعات داخل الحوزة قبل ان يتوجه الى جمهور حزب الله وهو تعبير عن المجتمع الاسلامي المهتم بشأن الحاكمية . مقارنة بسيطة بين مسيرة التنظير السياسي لدى حزب الاخوان وما يماثله لدى ايران يتضح ان الايرانيين اعتمدوا نظرية متكاملة وعريقة وغنية في الحاكمية وقد مرت عليها مئات الاقلام من اجيال العلماء في زمن الغيبة (ولاية الفقيه) وفيها عناصر اقناع قوية ، اما المصريون فان نظرية الحاكمية لدى الاخوان المسلمين كانت بحاجة الى تشكيل قاعدة اقناع اصولية داخل الازهر او المدارس الدينية الكبرى قبل الانتقال الى الشارع ، اضافة الى ان التيار الاخواني المصري استنزف قدراته في الصراع السياسي مع السلطات القائمة بينما كان الاسلاميون في ايران يرفضون الدخول في تنافس مع السلطة القائمة وكانوا اكثر راديكالية ولم يرضوا الا بتغيير شامل ، لذا اصبح والفرق كبيرا في نتائج التجربتين فتجربة الاخوان انتجت جمهورا محبطا بلا اي غطاء عقيدي سياسي ، اما في ايران فقد صنعوا دولة عصرية تبحث عن مكان لها بين القوى الكبرى في العالم وتحاول ان تبني مجالها الحيوي الاقليمي فيما تحاول القوى الكبرى ان تكسب رضاها معترفة بدورها في التوازن العالمي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك