المقالات

الديمقراطية التي تريدها امريكا الى جوار (واحة تل ابيب )..!!

1074 17:06:00 2011-02-12

هشام حيدر

يصف الاعلام الغربي اسرائيل بانها واحة ديمقراطية وسط صحراء الديكتاتوريات العربية .....والنظرة السطحية العابرة تؤكد صحة هذا الوصف في الواقع الا ان التركيز واعادة النظر والتامل في المشهد العربي يكشف عن حقيقة تختلف عن تلك الصورة اختلافا جذريا... لا لأن اسرائيل لاتتبنى النهج الديمقراطي أو لأن الانظمة العربية متحررة ومتحضرة,,, بل لأن هذا المنظر برمته منظر رسمته فرشاة الساسة الانكليز وتم تأطيره واعادة ترميمه على الدوام بواسطة التكنولوجيا المتطورة الامريكية, بخلاف مايراد تسويقه من ان هذا المشهد نتاج تخلف الذهنية العربية سواء للشعوب او الحكومات العربية المتعاقبة .....ولعل الاحداث الاخيرة في المنطقة العربية قد ازاحت اخر الاقنعة التي تحاول حجب الصورة الحقيقية للمشهد!في الجزيرة العربية كان الشريف حسين يسعى جاهدا لتوحيد الامارات والمشايخ والمدن العربية لذلك انخرط في خدمة المشروع البريطاني ضد الدولة العثمانية مقابل وعد الانكليز بتحقيق حلم الشريف بحكم العرب في اطار دولة عربية واحدة ....لكن وبموازاة ذلك كان ينمو في ذات الجزيرة برعم نظام بدوي سلفي غاية في التخلف والتحجر ....وبرعاية انكليزية ايضا....ثم يتقاطع هذين المتوازيين الحليفين لبريطانيا العظمى التي كانت تقف على مسافة واحدة من الطرفين الحليفين لتختار التعامل مع الاقوى وفقا لقاعدة البقاء للاقوى ثم تعامل الطرف الخاسر معاملة مشينة مهينة تصل الى نفي الشريف حسين ومنعه حتى من الاقامة مع واحد من انجاله الذين نصبتهم بريطانيا على العراق او الاردن ! ومن حينه كان نظام ال سعود واحدا من اقوى الحلفاء لبريطانيا خاصة والمشروع الغربي عامة ....رغم ان النظام كان يوجه ويعمل باشراف ثلة متخلفة من مشايخ الوهابية ....لكن القنصلية البريطانية الصديقة وتاكيدا لتحضر بريطانيا العظمى ورفضها لاستعباد البشر(من قبل غيرها) كانت تمنح حق اللجوء للعبيد الافارقة في الجزيرة العربية وتتعهد بنقلهم الى افريقيا ...رغم استعباد بريطانيا للهنود خاصة وسوقهم للحروب في مختلف الجبهات او استعباد شعوب اخرى ترزح تحت نير الاحتلال البريطاني الذي ارغم الملك فيصل مثلا على انهاء الجدل في البرلمان على التصديق على المعاهدة مع بريطانيا بمنحه مهلة حتى منتصف الليل من قبل المندوب السامي فيتم إحضار النواب بواسطة مفارز الشرطة الى مبنى البرلمان للتصويت قبل منتصف الليل على معاهدة تعطي بريطانيا كل شيء مقابل لاشيء ....وتلخص حقيقة المعاهدة كلمة السعدون المدافع القوي عن بريطانيا وكل ماتطلبه اذ قال انا لااعرف ماهي فائدة المعاهدة لكني لااشك بنوايا بريطانيا العظمى على الاطلاق!لاحقا.....دعمت بريطانيا ...وخليفتها امريكا والنظام الغربي الليبرالي المتحضر....انظمة مثل شاه ايران والسادات ومشايخ الخليج وملوك الاردن والمغرب ونظام البعث الفاشي في العراق .....وقدموا لهم كافة اشكال المساندة لترسيخ اقدامهم واعانتهم على شعوبهم ولم نسمع اية مطالب امريكية او غربية لحرية هذه الشعوب لارسميا ولا اعلاميا , لكن مايحصل هو حملات منظمة من قبل كبريات الصحف او مؤسسات الانتاج وفي مقدمتها هوليوود لترسيخ صورة العربي البدائي الهمجي كتبرير ضمني لدعم الانظمة العربية وللسكوت على قمع الحريات في الدول العربية !لم يهاجم الاعلام الغربي صدام حسين الا قبيل التحضير لمسرحية الكويت لتهيئة الراي العام ....لكنهم دعموه لاحقا لقمع شعبه الذي انتفض عليه مما ادى لارتكاب النظام البعثي ابشع المجازر بحق ابناء شعبه بمرأى طائرات المراقبة الامريكية التي كانت تتفرج على مشاهد تلك المجازر وتصورها كما تصور مشهد الطائرات المقاتلة التي تقصف المنتفضين رغم قرار حظر الطيران المزعوم!كان المبرر لسكوتهم هو قيادة الاسلاميين للانتفاضة وان لم يصرحوا بذلك رسميا....كما هو مبرر قمع الجيش في الجزائر لجبهة الانقاذ الاسلامية اثر فوزها الكاسح في الانتخابات هناك ...كما هو مبرر دعم الجيش التركي لاسقاط الكثير من الحكومات وحظر الكثير من الاحزاب التركية التي تفوز في الانتخابات...كما هو مبرر مقاطعة حكومة حماس والتضييق عليها والتامر عليها ...كما هو مبرر دفع صدام لشن الحرب على ايران وكل اشكال المقاطعة والتضييق والاستفزاز لايران التي وصلت الى حد التصريح بتخصيص المليارات من الموزانة الاتحادية الامريكية لزعزعة الوضع في ايران......كما هو مبرر دعم مبارك والتلاعب بمصير مصر وشعبها اليوم رغم التصريحات المزيفة للمسؤولين الامريكان بدءا من الرئيس الامريكي وليس انتهاء بالمتحدث باسم البيت الابيض او المبعوث الامريكي الذي اعلن صراحة عن دعم امريكا لبقاء مبارك لقيادة عملية (التغيير) و(الانتقال السلمي) للسلطة!لكن الموقف الصريح كان موقف (الواحة) الاسرائيلية التي كانت تشكو من( الصحراء العربية) التي تحيط بها والتي يفترض ان تفرح باي تغييرات ديمقراطية...الا انها صرحت بكل وضوح بان وجود حكومة تدعم (السلام) معها افضل من وجود نظام ديمقراطي يهمين عليه ...(اسلاميون)!وهو عين مايحدث في العراق كذلك ........ولم يكن مفاجئا بل كان متوقعا من غير المسلمين او الاسلاميين حتى ...راجعhttp://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=31321

طبعا بغض النظر عن النظرة للدول او الحكومات التي ذكرت اعلاه .....لكن على من يزعم انه يتبنى النهج الديمقراطي ان يقبل بالنتائج التي تفرزها صناديق الاقتراع .... لا ان يقول اقبلها بشرط ان لاتاتي باسلاميين ....وهو الذي تدخل لاسقاط انظمة كثيرة بدعوى الدفاع عن الديمقراطية والشرعية كما في هاييتي وغيرها وان كانت ملايين الشعب تتظاهر في الشارع ...او ان عاد الرئيس الى قصره بالمصفحات !وعلى غرار الشان العراقي شرعت اذرع الاخطبوط الامريكي الغربي بتهيئة وجوه جديدة مرشحة لفترة التغيير المزمعة في المنطقة ..وفي المثال المصري تم ترشيح البرادعي لرئاسة وكالة الطاقة الذرية قبل سنوات...ثم تسليط الاضواء على نكرة بلا رصيد يدعى (ايمن نور) ثم (صباحي) والان (وائل غنيم).....وهذا مايذكرنا بفترة مابعد صدام وكيف طفت على سطح المستنقع الامريكي في العراق اسماء من قبيل رجاء الخزاعي وصنكول جاكوب وموفق الربيعي ليقفوا على قدم المساواة مع مسعود بازراني وجلال طالباني وعبد العزيز الحكيم وابراهيم الجعفري كقادة لاحزاب كبيرة لها ثقلها ورصيدها الجماهيري والسياسي ...والامر ذاته ينطبق على امثال اياد علاوي واحمد الجلبي وكريم ماهود وغازي عجيل الياور وغيرهم!وخير دليل على صحة الطرح اعلاه هو اختفاء معظم الاسماء اعلاه وتلاشي حضورها في الساحة السياسية العراقية ولاكأن احدهم كان من بين خمسة وعشرين عضوا في مجلس الحكم الانتقالي او مستشارا للامن القومي....او رئيسا للجمهورية !وهذه النظرة الازدواجية للديمقراطية لايتبناها النظام الامريكي او الغربي فحسب , انما هي عقيدة غالبية الحركات العلمانية اليسارية في المنطقة عموما وفي العراق خصوصا كدلالة واضحة على زيف دعاوى كل هؤلاء من جهة وعلى ارتباطهم بالمشروع الاستعماري بوجهه الجديد في المنطقة وليمثل هؤلاء بدورهم وجه المشروع الاستحماري الذي ينهق مكذبا كل دعاوى وشعارات الحرية الفردية وحرية الراي وحكومة الاغلبية وما الى ذلك !واذا مارفعنا رؤوسنا قليلا وجلنا بطرفنا على مشاهد اخرى قريبة او من التاريخ الحديث نجد ان امريكا راعية حرية الفرد والفكر تحظر قيام حزب شيوعي على اراضيها منذ تاليف ماركس لراس ماله ومرورا بقيادة لينين لثورته البلشفية وحتى اليوم ....لكن ذلك لم يمنع من ان تكون اول اجازة للعمل الحزبي في العراق من قبل سلطة الاحتلال الامريكي للحزب الشيوعي العراقي !!كما لم يمنع العداء المعلن للبعث من قبل امريكا واعلان قانون اجتثاث البعث ,من ان يتبنى الجيش الامريكي توزيع صحيفة الزمان على العراقيين مجانا ...وهي المملوكة للبعثي المعتق..... سعد البزاز !وعودا للشان المصري.....فان المسرحية الغربية ....او (الزلزال الكبير) الذي سيحدث في الشرق الاوسط كما وصفته اسرائيل...يراهن على الوقت...اي ..على جوع المصريين وفقرهم وفاقتهم ....للتسليم لنظام تتبدل فيه الوجوه ليس الا....اذ ان امريكا تسمح بان (الشعب يريد اسقاط الرئيس)...ولاتسمح للشعب ان (يريد اسقاط النظام).....خوفا من الاسلام لاخوفا من فزاعة الاخوان المسلمين المزعومة....لان دور هؤلاء الحقيقي هو دور (البعبع) المخيف بوجهه القبيح ....وقد اثبتت الاحداث في مصر ضحالة دور الاخوان .....وانا بدوري اجزم ان دورهم سيتاكل في غضون سنوات قلائل في ظل تجربة ديمقراطية قد تشهدها مصر ......اللهم الا ان استعانوا لفرز الاصوات ببرنامج صربي ....ومفوضية الانتخابات ..(المستقلة)..بقيادة المايسترو فرج الحيدري وشركاؤه .....اما كم الاطراء والمديح للانتخابات العراقية فلايعني الا ماعناه روكفلر بقوله (اذا ما مدحني احد تحسست جيوبي)...ولنعرف معنى هذا المديح ماعلينا الا تحسس الموزانات الانفجارية وجيوب العراقيين !ولئلا ينساق البعض مع كم التضليل الاعلامي العالمي المثير للعرب....ولئلا يضل التاريخ يعيد نفسه على انه عرض جديد....فاني انصح بتقليب صفحات الماضي القريب...سواء في العراق او في مصر ...ولاتشتموني اذا ما انتابتكم نوبات ضحك هستيرية لتكرار بعض المشاهد بالفاظها او بسيناريوهاتها رغم مرور كل هذه العقود....عودوا لما ارخ له عبد الرزاق الحسني او علي الوردي حول تاريخ العراقي السياسي الحديث...وعودوا لما ارخ له محمد حسنين هيكل في (خريف الغضب)...وقارنوه بشتاء الغضب الحالي , وكذلك كتبه القيمة الاخرى كأسطورة صناع القرار , وزيارة جديدة للتاريخ , والامبراطورية الامريكية, ومدافع اية الله , وغيرها من موسوعته الفكرية القيمة !اما خريف الغضب لهيكل بحد ذاته فهو سرد لوقائع مصر التي تتكرر اليوم.....وفي ذات الوقت هو سرد لوقائع العراق هذه الايام ....عودوا اليها لتعرفوا حقيقة مايحدث...وسيحدث !عودوا للتاريخ في زيارة جديدة كما عاد اليها هيكل ....لان المقارنة بين احداث الامس واليوم تجعل منك انسانا عاقلا واعيا مدركا...لاكما يراد لكم ان تكونوا كائنات فاقدة للذاكرة !

هشام حيدرالناصريةhttp://husham.maktoobblog.com/

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
هشام حيدر-الاخ ابو الحارث
2011-02-13
الاخ الكريم ....كيف للمرء ان يخوض في تاريخ العراق السياسي الحديث دون ان يكون قد اطلع على لمحات الوردي مع تحفظي على اراءه الشخصية التي وردت فيها؟! وكان بودي ان تشير الى ماتعتقد انها معلومات خاطئة وردت في المقال ! مع اني لااظن ذلك على اية حال مع شكري وتقديري! ---------- الا انه على اية حال سيجد الباحث في تاريخ الديمقراطية الانكليزية في العراق الملكي ان الامر يسير الان بنفس الاتجاه في الديمقراطية الامريكية في العهد الجمهوري....كما سارت في عهد السادات وسياسة الانفتاح ومصير الدولة المصرية!
ابو الحارث
2011-02-12
عزيزي الاخ هشام اطلب منك ان تقرأ كتاب (صدام الخارج من تحت الرماد) فيما يخص تاريخ العراق الحديث. وتمعن اكثر بخصوص ذلك في لمحات من تاريخ العراق الحديث لعلي الوردي لتصحيح بعض معلوماتك . اما بخصوص العميل السعدون كيف نقيم له تمثالا وشارع باسمه وموتته المخالفه للشريعه وهو الموت منتحرا . شكرا لك اخي وللموقع
ابو موسى
2011-02-12
اؤيد ما جاء في اعلاه وسوف تظهر فتنة المسلمين والاقباط من اوائل الفتن كي تساهم في اضعاف مصر
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك