المقالات

نصوص ليست بحاجة الى تفسير

833 21:21:00 2011-02-07

بقلم : صالح العطار

من خصوصيات الدساتير في الانظمة الديمقراطية ، ان تكون نصوصها صريحة واضحة وشفافة ، حيث يحرص كُتابها دائما على استخدام كلمات وجمل سائدة لا يختلف عليها ولا يمكن تأويلها حتى لا يتشابه او يختلط على المشرع او الجهة التنفيذية او المعنية حقيقة المادة او النص الدستوري . ورغم ذلك لا تخلو بعض الدساتير من مواد معقدة او غير واضحة ، لان واضعيها بشر لهم ذات الطبيعة التي يمتلكها غيرهم ، اي انهم ليسوا خارقين او ذوي مواصفات قياسية لا يمتلكها اقرانهم ... لذا فالخطأ وارد ، كما يمثل التقادم الزمني تحديا يسقط الكثير من المواد الدستورية او يدفع العقلاء الى استبدالها بمواد اخرى اكثر مقبولية وتوافقا مع متطلبات الواقع والمجتمع ، بعد استشارة الشعب عبر الاستفتاء او استشارة نوابه . المدخل اعلاه ومسبباته ، جاء بعد الاثارة الاخيرة والخطيرة من قبل المحكمة الاتحادية العليا والرأي الذي منحت بموجبه صلاحية اشراف رئاسة الوزراء على الهيئات المستقلة بل وربطها به . واذا كان الدستور في المادة 92 ثانيا يقف وراء هذا الموقف حينما منح صلاحية تفسير مواده لجهة قانونية مستقلة ماليا واداريا وهي المحكمة الاتحادية العليا ، اذ نص على ان تتكون المحكمة من مجموعة قضاة ، وخبراء في الفقه الاسلامي ، وقانونيين ، يُحدد عددهم وتنظم طريقة اختيارهم وعمل المحكمة بقانون يُسن بموافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب ، فان ذلك يعني : 1. لا وجود في الوقت الحالي لما يسمى المحكمة الاتحادية العليا ، لان قانونها لم يسن او يطرح على مجلس النواب في الدورة الماضية او الحالية ، بل ما زالت تعمل بالقانون رقم 30 لسنة 2005 الذي جاء استنادا لقانون ادارة الدولة في المرحلة الانتقالية . 2. ان المادة 102 التي تنص على ( تُعد المفوضية العليا لحقوق الانسان ، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، وهيئة النـزاهة هيئاتٌ مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب ، وتنظم اعمالها بقانون ) ، هي مادة واضحة وصريحة ولا تحتاج الى مجهود لتفسيرها او ابداء الرأي بشأنها . 3. ان المادة 103 التي تنص فقراتها على :اولاً : يُعد كل من البنك المركزي العراقي ، وديوان الرقابة المالية ، وهيئة الاعلام والاتصالات ، ودواوين الاوقاف ، هيئاتٌ مستقلة ماليا واداريا ، وينظم القانون عمل كل هيئة منها . ثانيا : يكون البنك المركزي العراقي مسؤولا امام مجلس النواب ، ويرتبط ديوان الرقابة المالية ، وهيئة الاعلام والاتصالات بمجلس النواب .ثالثا : ترتبط دواوين الاوقاف بمجلس الوزراء .هي مادة متممة للتي سبقتها ، تزيد من وضوحها ورصانتها بشأن استقلالية الهيئات المذكورة في المادة 102 .4. ان الجهة التنفيذية بسؤالها للمحكمة الاتحادية حول موضوع ربط الهيئات المستقلة ، جاء بدوافع توسيع الصلاحيات وليس لتطبيق روح الدستور والالتزام بمواده . اذن ، المحكمة الاتحادية والسلطة التنفيذية تقودان انقلابا على مواد دستورية صريحة بشكل لا يقبل الشك او المغالطة سواء من جهة ارتباط الهيئات المستقلة او تنظيم اعمالها بسن قوانين من صلاحية مجلس النواب حصرا ، ذاك ان تفسير المحكمة الاتحادية العليا جاء خارجا عن جميع معادلات كتاب الدستور ان لم يكن تفوق عليهم في انحيازه للجهة التنفيذية في الموقف من ربط تلك الهيئات بمجلس الوزراء وفصلها عن مجلس النواب ، كما هو منصوص وواضح اصلا في الدستور . ليترك الباب مشرعا امام الكثيرين للتشكيك في مدى مصداقية المحكمة الاتحادية واستقلاليتها وحتى الدعوة الى حلها ... ورغم الاعتقاد السائد بأن الدستور كتب على عجالة وفيه من الثغرات ما فيه ، لكن يبقى العمل به افضل من الالتفاف على مواده ، لان الاخلال ببعض تلك المواد ممكن ان يحدث تضخما في احدى السلطات على حساب الآخريات ، وبالتالي خلق دكتاتورية سلطوية لم ير العراق لها مثيلا لا في الماضي ولا حتى بالمستقبل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك