المقالات

نصوص ليست بحاجة الى تفسير


بقلم : صالح العطار

من خصوصيات الدساتير في الانظمة الديمقراطية ، ان تكون نصوصها صريحة واضحة وشفافة ، حيث يحرص كُتابها دائما على استخدام كلمات وجمل سائدة لا يختلف عليها ولا يمكن تأويلها حتى لا يتشابه او يختلط على المشرع او الجهة التنفيذية او المعنية حقيقة المادة او النص الدستوري . ورغم ذلك لا تخلو بعض الدساتير من مواد معقدة او غير واضحة ، لان واضعيها بشر لهم ذات الطبيعة التي يمتلكها غيرهم ، اي انهم ليسوا خارقين او ذوي مواصفات قياسية لا يمتلكها اقرانهم ... لذا فالخطأ وارد ، كما يمثل التقادم الزمني تحديا يسقط الكثير من المواد الدستورية او يدفع العقلاء الى استبدالها بمواد اخرى اكثر مقبولية وتوافقا مع متطلبات الواقع والمجتمع ، بعد استشارة الشعب عبر الاستفتاء او استشارة نوابه . المدخل اعلاه ومسبباته ، جاء بعد الاثارة الاخيرة والخطيرة من قبل المحكمة الاتحادية العليا والرأي الذي منحت بموجبه صلاحية اشراف رئاسة الوزراء على الهيئات المستقلة بل وربطها به . واذا كان الدستور في المادة 92 ثانيا يقف وراء هذا الموقف حينما منح صلاحية تفسير مواده لجهة قانونية مستقلة ماليا واداريا وهي المحكمة الاتحادية العليا ، اذ نص على ان تتكون المحكمة من مجموعة قضاة ، وخبراء في الفقه الاسلامي ، وقانونيين ، يُحدد عددهم وتنظم طريقة اختيارهم وعمل المحكمة بقانون يُسن بموافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب ، فان ذلك يعني : 1. لا وجود في الوقت الحالي لما يسمى المحكمة الاتحادية العليا ، لان قانونها لم يسن او يطرح على مجلس النواب في الدورة الماضية او الحالية ، بل ما زالت تعمل بالقانون رقم 30 لسنة 2005 الذي جاء استنادا لقانون ادارة الدولة في المرحلة الانتقالية . 2. ان المادة 102 التي تنص على ( تُعد المفوضية العليا لحقوق الانسان ، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، وهيئة النـزاهة هيئاتٌ مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب ، وتنظم اعمالها بقانون ) ، هي مادة واضحة وصريحة ولا تحتاج الى مجهود لتفسيرها او ابداء الرأي بشأنها . 3. ان المادة 103 التي تنص فقراتها على :اولاً : يُعد كل من البنك المركزي العراقي ، وديوان الرقابة المالية ، وهيئة الاعلام والاتصالات ، ودواوين الاوقاف ، هيئاتٌ مستقلة ماليا واداريا ، وينظم القانون عمل كل هيئة منها . ثانيا : يكون البنك المركزي العراقي مسؤولا امام مجلس النواب ، ويرتبط ديوان الرقابة المالية ، وهيئة الاعلام والاتصالات بمجلس النواب .ثالثا : ترتبط دواوين الاوقاف بمجلس الوزراء .هي مادة متممة للتي سبقتها ، تزيد من وضوحها ورصانتها بشأن استقلالية الهيئات المذكورة في المادة 102 .4. ان الجهة التنفيذية بسؤالها للمحكمة الاتحادية حول موضوع ربط الهيئات المستقلة ، جاء بدوافع توسيع الصلاحيات وليس لتطبيق روح الدستور والالتزام بمواده . اذن ، المحكمة الاتحادية والسلطة التنفيذية تقودان انقلابا على مواد دستورية صريحة بشكل لا يقبل الشك او المغالطة سواء من جهة ارتباط الهيئات المستقلة او تنظيم اعمالها بسن قوانين من صلاحية مجلس النواب حصرا ، ذاك ان تفسير المحكمة الاتحادية العليا جاء خارجا عن جميع معادلات كتاب الدستور ان لم يكن تفوق عليهم في انحيازه للجهة التنفيذية في الموقف من ربط تلك الهيئات بمجلس الوزراء وفصلها عن مجلس النواب ، كما هو منصوص وواضح اصلا في الدستور . ليترك الباب مشرعا امام الكثيرين للتشكيك في مدى مصداقية المحكمة الاتحادية واستقلاليتها وحتى الدعوة الى حلها ... ورغم الاعتقاد السائد بأن الدستور كتب على عجالة وفيه من الثغرات ما فيه ، لكن يبقى العمل به افضل من الالتفاف على مواده ، لان الاخلال ببعض تلك المواد ممكن ان يحدث تضخما في احدى السلطات على حساب الآخريات ، وبالتالي خلق دكتاتورية سلطوية لم ير العراق لها مثيلا لا في الماضي ولا حتى بالمستقبل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك