المقالات

طريق التغيير يبدأ بقطرة دم

889 22:39:00 2011-02-03

علي المالكي

بعد سنوات طويلة من الدكتاتورية وحكم التسلط ومصادرة الحريات العامة والخاصة ،أدركت الشعوب العربية حاجتها الماسة إلى التغيير السياسي وضرورة استبدال الأنظمة الحاكمة (التي حولت بلدانها إلى تركات ارثيه) بأخرى ديمقراطية تماشيا مع طبيعة الوضع السياسي الراهن وتطلع أبناء الشعب العربي في دوله المختلفة إلى الديمقراطية وحرية التعبير .شرارة التغيير بدأت من تونس الخضراء والتي تحولت إلى حمراء قانية بفعل الهمجية السلطوية التي كان يحملها نظام المخلوع زين العابدين بن علي والذي كان متشبثا بنظامه الفاسد حتى الرمق الأخير من فترة حكمه التي انتهت بهزيمة نكراء حاول من خلالها الحفاظ على حياته وترك البلد في ظروف صعبة مرت بها تونس ، تماما كما حدث في العراق لنظام المقبور صدام حسين الذين كان يتحدث دائما عن المبادئ والقيم والتضحية وهو أول من رمى هذه المبادئ والقيم عرض الحائط وهرب كما تهرب الجردان .وبعد أكثر من أسبوع على انتفاضة الشعب العربي في مصر خرج حسني مبارك على شاشة التلفزيون المصري يطمئن أبناء شعبه الثائر بأنه لن يرشح لفترة رئاسية جديدة وانه سيدعم انتقال السلطة بصورة سلسة إلى الشخص المنتخب من بعده سعيا منه لتهدئة الأجواء ومحاولة السيطرة على الأمور التي بدأت تفلت من يديه شيئا فشيا كما حدث في تونس بالضبط .وبإصرار قوى المعارضة وصلابة مواقف الجماهير المصرية فان فترة حكم مبارك بدأت بالعد التنازلي وأصبح حسني مبارك خارج حسابات المنطق ولم يبقى على سقوطه سوى لحظات قليلة يحاول من خلالها عرقلة الأمور وخلط الأوراق كما يحدث الآن تماما في ميدان التحرير، فقد أرسل مجموعة مناوئة للجماهير الغاضبة تدعي أنها من أنصار النظام ... واغلب الأخبار التي تأتي من مصر تباعا تؤكد إنها قوات الأمن نزلت إلى الشارع بلباس مدني لمواجهة الجماهير المحتشدة في خطوة أخيرة يخطوها النظام المتزعزع لثبيت أركان حكمه وإشغال الناس بفتنة داخلية قد تتحول إلى حرب أهلية تمتد إلى محافظات عدة من مصر ، وهذا مايجب أن تدركه الجماهير الغاضبة لتفويت الفرصة على نظام مبارك في تقويض الانتفاضة الشعبية الكبرى .يضاف إلى ذلك إن نظام مبارك بدا يفقد أنصاره من الخارج تباعا وأولهم الولايات المتحدة الأمريكية التي يعول عليها كثيرا خصوصا وان النظام يعتبر من اشد الموالين لأمريكا وإسرائيل في المنطقة وتعلق عليه هاتين الدولتين أمالا كبيرا في تمرير مشاريعهما في المنطقة ،ألا أن البيت الأبيض طلب الأربعاء من مبارك الانصياع لرغبات الجماهير الغاضبة وتنفيذ مطالبهم .والسر الأكبر في ديمومة هذه الانتفاضة التي ستحقق مبتغاها (إنشاء الله) أنها بدأت بدماء الأبرياء التي سالت في شوارع القاهرة على يد قوات الأمن ... فحتى الآن قضى أكثر من مئتي شهيد في مصر على طريق التحرير وإقصاء الدكتاتورية المتغلغلة في جميع مفاصل الدول المصرية والكل يعلم إن اجتثاثها نهائيا أمرا غاية في الصعوبة ويحتاج إلى تضحيات جسام .وللانتفاضة أبناء مصر عدة سيناريوهات أفضلها سيكون إزاحة نظام الحكم نهائيا وهذا الاحتمال سيكون أكثر واقعية بسبب الظروف المفترضة المصاحبة لهذه الانتفاضة ، إضافة إلى العوامل المحيطة بها والجوانب السياسية والاجتماعية المتدهورة في مصر والتي تعطي لهذه الانتفاضة زخما آخر قد يزيد من حديتها وانتشار شرارتها في الأيام القادمة .السيناريو الآخر والذي نحذر منه وندعوا القوى الشعبية المعترضة في مصر الانتباه إليه ومعرفه أخطاره وتحذير الجماهير من السقوط في فخه المحتمل هو موضوع الفتنة الداخلية التي بدا النظام يعمل لها وربما يستخدمها كسلاح أخير في حال فشل المسعى الرامي لإبقائه في الحكم فترة أطول ، وكما هو معتاد ومعروف فان الأنظمة الحاكمة في اغلب البلدان العربية تدين بولائها الكبير للسلطة ولاتعير أي اهتمام للبلد ومن السهل لديها التفريط ببلد كامل وشعب بأكمله من اجل البقاء على سدة الحكم فترة أطول .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زيــــــد مغير
2011-02-04
من قرائتي للتاريخ , أرى إن حكام العرب ينتهجون منهج سيدهم وجدهم أبو سفيان الذي قال يوم تولي عثمان بن عفان الخلافة بعد عمر وقال : تلاقفوها يا بني أمية تلاقف الكرة , والذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا نــــار . الخلافة والكرسي أهم من رفاهية الشعب والكل يتذكر بطيحان التكريتي الذي من أجل الكرسي قتل ‘ضده عدنان طلفاح وصهره وملايين من الشعب و و و ..لعنة الله على كل ظالم من المقبور جمال عبد الناصر الى علي عبد الله صالح الى القرد القذافي والى من قتل أبيه من أجل السلطنة وهو قابوس ومن هل مال حمل جمال
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك