المقالات

منتفضون بلا قيادة /


حافظ آل بشارة

تظاهرات الاحتجاج العربية الغاضبة التي ظهرت في تونس ثم مصر والجزائر واليمن والاردن كانت كلها تشترك في ظاهرة واحدة هي غياب المعارضة التأريخية التقليدية المعروفة التي كانت دائما تخطب باسم الجماهير ، سبب غياب المعرضة عن المشهد هو تقادمها واعتزالها في المنفى واعتيادها على النشاط الاعلامي الشكلي فهي نموذج للبطالة والرتابة والبيروقراطية ، فللمعارضة مكاتبها ودوامها الرسمي ، وثقافة اعضاءها تتركز على اسقاط الحكومة اثناء الدوام الرسمي فقط ! معظم المعارضات العربية التي هي عادة في المنفى تعيش بلا محتوى فكري وبلا مشروع وتعكس نوعا من الصراع على السلطة وليس مخالفة النظام القائم في الاهداف والمثل ولو قدر لتلك المعارضات ان تصل الى السلطة ربما تسعى الى انتاج نظام قمعي مماثل ، التظاهرات الاحتجاجية الممتدة في العالم العربي تمثل قرار الشعب حين ينتفض رافضا قبول الواقع الحالي ، وقد تملك هذه الجماهير قدرة على التغيير مدعومة بموقف دولي يلوح بالهراوة للانظمة القائمة ويمنعها من استخدام العنف ، لكن الجمهور المحتج يفتقر للبديل وهنا تظهر الحاجة لقيادة المعارضة التي يجب ان تستثمر الموقف وتعيد صياغة المطالب الشعبية وتقدم اطارا لكيفية تلبية تلك المطالب ضمن جهد اعلامي منظم ، وهذا يعني ان جهود المعارضين العرب في تونس ومصر والجزائر واليمن وغيرها لم تثمر شيئا مع انهم كانوا طيلة عقود من الزمن يمارسون العمل المعارض سياسيا واعلاميا ولهم اذاعاتهم وصحفهم ومواقعهم الالكترونية وهم ينفقون من اموال الأمة وتبرعاتها تحت شعار (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) ولكن في ساعة العسرة لم نر منهم قوة ولا خيلا وهم نائمون ، بل ان بعض المعارضين كانوا عاجزين تماما عن اتخاذ موقف محدد تجاه التظاهرات الحاشدة و يسألون هل نؤيدها ام نكتفي بالصمت ! وهذه اسئلة بائسة ومدهشة وتكشف اشكالية عميقة في عقلية المعارضات العربية وازمة المصداقية عندها . ربما هي متأثرة بمقولة سقوط الاديولوجيا واستبدالها بما يسمى (الواقعية) والواضح ان سقوط الاديولوجيا هو منهج دول وليس منهج معارضين ، فالمعارضة تحتاج الى روح فدائية مفعمة بالقيم والايثار والاستعداد للعطاء بلا مقابل اي الروح الفدائية التي لا تتوفر الا في ظل المثل الاديولوجية ذات المنشأ القيمي ، لكن الحماس الاديولوجي يتلاشى عندما تسقط قيادات المعارضة في الصراع على السلطة ، شاب يحرق نفسه احتجاجا ويموت فيتحول الى رمز قيادي تتصدر صوره التظاهرات الحاشدة وتغيب صور المعارضين القدامى الذين يراقبون التظاهرات في بلادهم على الشاشة في شقة دافئة في اوربا اثناء تهطال المطر عبر النافذة العريضة وهم يشربون (الكباتشينو) الساخنة ويختلط في اسماعهم صوت الرعد والمطر في أرض المنفى مع صوت دوي الرصاص المنطلق الى صدور المتظاهرين في بلادهم عبر النقل المباشر . هناك الف شاب يعد نفسه للموت احتراقا يقابله الف معارض في المنفى يخطط لسرقة الثورة وركوب موجتها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
هشام حيدر
2011-01-31
لايمكن ان يحدث كل هذا دون مدبر! نعم قد تكون القيادة خفية لكن لايمكن ان نصدق ان مجهولين على الفيسبوك ينظمون هذه التظاهرات ويستجيب الناس لهم بكل هذه البساطة!
الدكتور شربف العراقي
2011-01-31
عاش الشباب
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك