المقالات

ركاب هذه الموجة /


حافظ آل بشارة

تتصاعد من العراق وبلدان المنطقة موجة تشويش اعلامي ومعرفي جديدة ومتعمدة ترفع لواء التحذير ممن تسميهم (الاسلاميين) وتقول انهم الآن يقودون العراق ويهيمنون على السلطة واذا استقرت لهم الامور فسوف يصنعون نظام القمع الديني ضد الاتجاهات الاخرى كما تفعل طالبان ! هذه الموجة يقودها مثقفون غامضون يبالغون في اظهار مخاوفهم من الاسلاميين في العراق ! يتحدثون لوسائل الاعلام في مايشبه توزيع الادوار مختلقين معركة لا وجود لها زاعمين ان حقوقهم مهدورة وحرياتهم مصادرة وان مستقبلا اسود ينتظر الشباب والشابات فهم سيفقدون الحريات الاساسية كشرب الخمر في الشارع واقامة علاقات غير شرعية بين الجنسين وسير النساء في شوارع المدن اشباه عاريات وغير ذلك من المظاهر ، هؤلاء يقدمون فهما ساذجا للحريات ويهينون المجتمع بمثل هذه الاقاويل ، لأن الناس بحكم ثقافتهم وتقاليدهم ودينهم يمجون هذه المظاهر الانحلالية ، فالشعب العراقي على سجيته يسمي الشبان المتميعين (جراوي) ويحتقر النساء المتبرجات ويستهجن من يجاهرون بشرب الخمر ويعدهم خارجين على المجتمع وتقاليده وثقافته وهويته ، هناك قلة ممن يدعون التحرر يريدون نشر اللادينية في المجتمع ويعيشون هاجس صراع وهمي مع الدين ويعدون الشذوذ في التفكير حقوقا يجب احترامها ويشكون من القمع مع ان احدا لم يتعرض طريقهم والغريب انهم قمعيون في التعامل مع الآخر ويتعاملون معه باحتقار واستعلاء وهم لا يقبلون بفرص متساوية مع الآخر في التعبير عن رأيهم بل يريدون اسكات المقابل نهائيا فهم قمعيون حتى على صعيد النقاش النظري! قنوات التغريب توفر منابر لهذه القلة المثيرة للجدل ولم يواجهوا اي صعوبة في التعبير عن رأيهم . كثير من المثقفين الاسلاميين يستخفون بهذه الموجة ولا يعترفون بخطرها ويقولون انها تحمل معها بذور فشلها الحتمي لان دعاتها يتمسكون بالكذب والافتراء كوسائل تشويش ، ويردون عليهم بأن العراق حاليا لا يحكمه الاسلاميون بل يحكمه ليبراليون يؤمنون بالحريات غير المقيدة بوجود نظام ديمقراطي يعطي للجميع فرصا متساوية في العيش والتعبير ، وقد يكون بين كبار المسؤولين في الدولة اشخاص اسلاميون الا انهم الآن لا يحكمون البلد برؤية اسلامية لكي تسجل هذه التجربة باسمائهم انهم مشاركون في السلطة فحسب ، كما تقع هذه الموجة في اخطاء الخطاب العلماني العربي القديم نفسها فهي تخلط عن عمد بين الرؤية الاسلامية النظرية كرؤية كونية تؤطر الثقافة والانتاج الحضاري وبين التطبيقات الخاطئة او المتطرفة التي تدعي الاسلام وتتحدث باسمه من الامويين والعباسيين وحتى تجربة طالبان او تجربة التيار التكفيري في تعاملها مع المخالفين ، وهو خلط متعمد اذ لم تظهر في المنطقة اي تجربة حكم اسلامي حقيقية لكي يجري الحكم عليها ، و لا توجد سابقة تاريخية في سلوك المسلمين لتدعم هواجس الخائفين . ولا ينسى العالم ان التيار الاسلامي المتطرف هو صناعة غربية جرت تحت اشراف المخابرات وهناك وقائع مسجلة حول هذا الملف ، بالعكس فالسابقة التأريخية تجعل من حق الاسلامي ان يخاف من العلمانية وليس العكس فالقمع الذي عاشته الشعوب والشعب العراقي بالذات في القرن الماضي واشده في عهد النظام البعثي انما كان قمعا علمانيا ، فالعلمانية هي التي انشأت انظمة الحكم العسكري الظالمة والقمعية في العراق والمنطقة ، ومن حق ضحايا الابادة العلمانية ان يثيروا الشكوك حول كل من ينادي بالعداء للدين ويعدونه من دعاة القمع ، ثم يجب ان لا ننسى ان هذه الدعوات تنشط في وقت تتعاون فيه الانظمة الاستبدادية والموجة التغريبية على تطويق واضعاف الاسلاميين المعتدلين المسالمين الذين يريدون تقديم النموذج الاسلامي الحقيقي للعالم بتسامحه وايمانه بالحوار واعترافه بالآخر وتمسكه بقيم روحية واخلاقية بناءة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك