المقالات

ركاب هذه الموجة /

802 15:33:00 2011-01-23

حافظ آل بشارة

تتصاعد من العراق وبلدان المنطقة موجة تشويش اعلامي ومعرفي جديدة ومتعمدة ترفع لواء التحذير ممن تسميهم (الاسلاميين) وتقول انهم الآن يقودون العراق ويهيمنون على السلطة واذا استقرت لهم الامور فسوف يصنعون نظام القمع الديني ضد الاتجاهات الاخرى كما تفعل طالبان ! هذه الموجة يقودها مثقفون غامضون يبالغون في اظهار مخاوفهم من الاسلاميين في العراق ! يتحدثون لوسائل الاعلام في مايشبه توزيع الادوار مختلقين معركة لا وجود لها زاعمين ان حقوقهم مهدورة وحرياتهم مصادرة وان مستقبلا اسود ينتظر الشباب والشابات فهم سيفقدون الحريات الاساسية كشرب الخمر في الشارع واقامة علاقات غير شرعية بين الجنسين وسير النساء في شوارع المدن اشباه عاريات وغير ذلك من المظاهر ، هؤلاء يقدمون فهما ساذجا للحريات ويهينون المجتمع بمثل هذه الاقاويل ، لأن الناس بحكم ثقافتهم وتقاليدهم ودينهم يمجون هذه المظاهر الانحلالية ، فالشعب العراقي على سجيته يسمي الشبان المتميعين (جراوي) ويحتقر النساء المتبرجات ويستهجن من يجاهرون بشرب الخمر ويعدهم خارجين على المجتمع وتقاليده وثقافته وهويته ، هناك قلة ممن يدعون التحرر يريدون نشر اللادينية في المجتمع ويعيشون هاجس صراع وهمي مع الدين ويعدون الشذوذ في التفكير حقوقا يجب احترامها ويشكون من القمع مع ان احدا لم يتعرض طريقهم والغريب انهم قمعيون في التعامل مع الآخر ويتعاملون معه باحتقار واستعلاء وهم لا يقبلون بفرص متساوية مع الآخر في التعبير عن رأيهم بل يريدون اسكات المقابل نهائيا فهم قمعيون حتى على صعيد النقاش النظري! قنوات التغريب توفر منابر لهذه القلة المثيرة للجدل ولم يواجهوا اي صعوبة في التعبير عن رأيهم . كثير من المثقفين الاسلاميين يستخفون بهذه الموجة ولا يعترفون بخطرها ويقولون انها تحمل معها بذور فشلها الحتمي لان دعاتها يتمسكون بالكذب والافتراء كوسائل تشويش ، ويردون عليهم بأن العراق حاليا لا يحكمه الاسلاميون بل يحكمه ليبراليون يؤمنون بالحريات غير المقيدة بوجود نظام ديمقراطي يعطي للجميع فرصا متساوية في العيش والتعبير ، وقد يكون بين كبار المسؤولين في الدولة اشخاص اسلاميون الا انهم الآن لا يحكمون البلد برؤية اسلامية لكي تسجل هذه التجربة باسمائهم انهم مشاركون في السلطة فحسب ، كما تقع هذه الموجة في اخطاء الخطاب العلماني العربي القديم نفسها فهي تخلط عن عمد بين الرؤية الاسلامية النظرية كرؤية كونية تؤطر الثقافة والانتاج الحضاري وبين التطبيقات الخاطئة او المتطرفة التي تدعي الاسلام وتتحدث باسمه من الامويين والعباسيين وحتى تجربة طالبان او تجربة التيار التكفيري في تعاملها مع المخالفين ، وهو خلط متعمد اذ لم تظهر في المنطقة اي تجربة حكم اسلامي حقيقية لكي يجري الحكم عليها ، و لا توجد سابقة تاريخية في سلوك المسلمين لتدعم هواجس الخائفين . ولا ينسى العالم ان التيار الاسلامي المتطرف هو صناعة غربية جرت تحت اشراف المخابرات وهناك وقائع مسجلة حول هذا الملف ، بالعكس فالسابقة التأريخية تجعل من حق الاسلامي ان يخاف من العلمانية وليس العكس فالقمع الذي عاشته الشعوب والشعب العراقي بالذات في القرن الماضي واشده في عهد النظام البعثي انما كان قمعا علمانيا ، فالعلمانية هي التي انشأت انظمة الحكم العسكري الظالمة والقمعية في العراق والمنطقة ، ومن حق ضحايا الابادة العلمانية ان يثيروا الشكوك حول كل من ينادي بالعداء للدين ويعدونه من دعاة القمع ، ثم يجب ان لا ننسى ان هذه الدعوات تنشط في وقت تتعاون فيه الانظمة الاستبدادية والموجة التغريبية على تطويق واضعاف الاسلاميين المعتدلين المسالمين الذين يريدون تقديم النموذج الاسلامي الحقيقي للعالم بتسامحه وايمانه بالحوار واعترافه بالآخر وتمسكه بقيم روحية واخلاقية بناءة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك