حافظ آل بشارة
بينما يقترب موعد زيارة الاربعين الحسينية المباركة ، يواصل مئات الالاف من الزوار توافدهم على كربلاء المقدسة مشيا على الاقدام كما اعتادوا في احياء هذه الشعائر ، ويختار الزوار القادمون من خارج العراق نقاط انطلاق قريبة من كربلاء للسير منها الى الحرمين المقدسين مشيا ، وقد لاحظ المراقبون زيادة هائلة في عدد الزوار لهذه السنة من الداخل والخارج الامر الذي يثير مزيدا من القلق في اوساط المعنيين بالأمن والخدمات في وقت تتواصل المطالبات بأن تنفذ الدولة قرارها المؤجل الذي يقضي بتأسيس هيئة وطنية لادارة الزيارة والسياحة الدينية ليكون الاهتمام بشؤون الزيارة جاريا على المستوى الوطني ومن مراكز القرار العليا ، فالهيئة الوطنية تعزز قدرات المدن المقدسة ودوائرها السياحية خاصة وان عدد الزوار في تصاعد ولم يرافقه اي توسع في امكانيات المدن المقدسة على صعيد الطرق السالكة والساحات والفنادق ومخيمات الايواء المؤقت ومراكز الاستراحة والمطاعم والاسواق والمراكز الصحية ووسائل النقل . هذه التجمعات الشعائرية عبادية تطوعية وستبقى هكذا وكذلك تبقى الخدمات المقدمة للزوار هي الاخرى ذات طابع خيري تطوعي لكن تدخل الدولة ضروري في ادارة الزيارة وخدماتها وأمنها ، ويجب ان تنظر الى هذا الدور من زاوية روحية بما يرمز اليه من شرف معنوي وما يسبغه من بركات على البلاد والعباد فخدمة ذكرى اهل البيت ع لا تقل قدسية عن خدمة حجاج بيت الله الحرام ، ويمكن ان يحمل رئيس دولتنا لقب خادم الحرمين ايضا والمقصود النجف وكربلاء بل هو خادم لاربع عتبات باضافة الكاظمية وسامراء وهو لقب تشريفي كبير ، هناك رؤية عراقية لخدمة الاسلام وتحديث الشعائر ورفدها بوسائل الادارة المتطورة في اطار تعريف الاسلام للعالم بشكله المتحضر الذي يجعل قلوب المسلمين تزداد ثقة بدينهم وتهفو اليه وتقاوم مشاريع الالحاد والردة والتكفير ، واحياء ذكر اهل البيت ع انما هو احياء للاسلام باعتداله وحضارته وتسامحه . اما اذا نوقش الموضوع من زاوية اقتصادية فان العراق مرشح لاحتلال المرتبة الاولى بين دول المنطقة في النشاط السياحي الديني والثقافي ، وهذا يعني امكانية ان تتحول السياحة الى مصدر ثان لتكوين الدخل الوطني بعد النفط في وقت يحذر الخبراء من خطورة استمرار الاقتصاد الاحادي النفطي وعدم العثور على بدائل مستدامة ففي مواجهة تفرد النفط يمكن للعراق ان يحيي قدراته السياحية والزراعية لتهيئة مصادر ثروة جديدة ومتجددة واكثر امانا ، ثم ان السياحة تفتح ابواب التبادل الثقافي مع العالم ، ومن يقترب من عتبات اهل البيت ع سيقع في جاذبية الحب التكويني لهم وهي مجربة وسيقصد العراق في كل حين زائرا ومواليا ومحبا ومندمجا في العراق وثقافته ، وذلك يتوقف على نجاح العراق في ادارة رحلة الزيارة وتحويلها الى تجربة فريدة في حياة الزائر يود تكرارها ، لهذه الاسباب نتمنى ان تكون للسياحة الدينية هيئة وطنية ذات خبرة تفتح ابواب العراق لتستقطب العالم كل يوم محطمة الحدود حيث تراب الطف مهبط لقلوب العاشقين .
https://telegram.me/buratha