علاء الدباغ
كلنا نعلم ما لا يقبل الشك أبدا إن المعلم شمعة تذوب لكي تنمو الاجيال نحو غد زاهر يبعث الحياة من جديد (كاد المعلم إن يكون رسولا) والمعلم هو الذي يربي لأنه يغذي العلم والمعرفة والثقافة ويوهج سراجا منيرا لا ينطفئ فالعلم يبقى وصاحبه تحت الثرى رميم فيخلد العلم ويخلد صاحبه وليكون عنوانا لامعا في خلود دولته التي ينتمي إليها رمزا شامخا في مجتمعه على مدى العصور والدهور. ولا يخفي علينا إن الأمة تقاس بعلمائها فالأمة التي تفتقر للعلماء والمفكرين امة فقيرة في عملها وعلومها وغير قادرة على النهوض بمسؤوليتها الى المستوى الذي يؤهلها في مصاف الدول الأخرى .
كل ذلك يقودنا إلى الحسين (ع) رمز فرض نفسه بنفسه واخلد ذاته بذاته وخط منهاجا ومبادئ وعقيدة بمداد الدم لأنه وجد مداد الحبر لا يفي أبدا وبجسد طاهر تدوسه حوافر الخيل لان القتل وحده لا يؤدي غرضه وبقطع الرأس يرفع على رأس رمح عال ينتقل من مدينة إلى مدينة أخرى ليكون الناطق بان ثمن الحرية الضمير والكلمة الصادقة والحق والعدل والالتزام بالمبدأ والعقيدة لا يكون إلا بإرادة لا تعرف المستحيل وقد وطنت قواها على الالتزام وتحمل نتائج الالتزام وفرائضه وبسبي بنات الرسالة من أزواجه وأخواته وبناته وعلى رأسهن العقيلة (زينب) (ع) (شاء الله ان يراني مقتولا وان يراهن سبايا) يقدن من مقر واقعة ألطف في كربلاء إلى الشام على ظهور نياق هزل لتكون الوسيلة الإعلامية للوقائع والإحداث وبيان عمق الرسالة التي يحملها الحسين (ع) وأراد إن يبلغها لاستنهاض الهمم والشرائع والعقائد وكتاب الله وسنة رسوله (ص) فإذا كان الإسلام محمدي الوجود فانه حسيني البقاء على مر العصور.
ثورة الحسين معين لا ينضب أبدا ومداد يجرف كل من يعترضه لانه مداد من الله سبحانه وتعالى وإحياء وترسيخ لتعاليمه ومبادئه ولذلك ضحى الحسين (ع) بكل شئ ولم ينجو حتى طفله الرضيع من ألحتم الذي لاقاه وهو على صدر أبيه.ولأنه حفظ لمكة هيبتها ومنزلتها ولأنه ارخص نفسه في سبيل الدين والعقيدة (ان كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني ) كان عطاء الله ان جعل مرقده قبلة للزائرين تتهافت عليه الروح قبل الجسد وجعل الدعاء مستجابا تحت قبته وعلى تربته التي رواها من دمه الطاهر.ياسيدي .. ياسيد شباب أهل الجنة إني لأعجب كيف يضمك هذا المرقد والضريح فلانت اكبر من عنوان نكتب عن محضه وانى للقلم إن يفي ما كتبه الدم فقد اختزلت الإسلام بموقف كربلاء كما اختزل أبوك علي ابن أبي طالب (ع) الإيمان كله حين برز لملاقاة عمر ابن عبد ود العامري في معركة الخندق حين قال رسول الله (ص) (برز الإيمان كله للشرك كله ) وعندما عاد منتصرا وكفا الله به القتال مع المشركين بعد إن ولو مدبرين ( إن ضربة علي تعادل عبادة الثقلين ) انه امتداد من أصلاب طابت وطهرت لم تنجسها الجاهلية بانجاسها ولم تلبسها من مدلهمات ثيابها.سيدي يا حسين إذا استشهدت ورحلت واحدا فقد أتيت تخطر حاشدا في كل محفل ومجلس وفاتحة نستلهم منك العبر والمعاني والذكرى ( إن الذكرى تنفع المؤمنين ) لمبادئ الإسلام وشرائعه وعقيدته فسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
لقد انتصر الدم على السيف لان السيف الذي قتلك .. قتلك شهيدا جعل دمك الزكي يروي تربة أينعت وأزهرت أشجارا خضراء تغذت من مشروع الشهادة بكل قيمه ومبادئه ولتفرع الملايين من محبيك وعاشقيك والسائرين على دربك ومنهجك القويم فان قل ناصريك حين ناديت ( هل من معين يعيننا ) فها هي اليوم تنادي نداء الإجابة والروح والقلب والنفس ( ابد والله ما ننسى حسينا ) و ( لبيك يا حسين ) لتعلن انتصار الدم عل السيف انتصار المبادئ والعقيدة على الرذيلة وقيد الضمائر والذمم.
https://telegram.me/buratha