احمد عبد الرحمن
لاشك اننا نحتاج في كل الاوقات والمراحل والظروف الى استذكار الرموز الوطنية الجهادية والسياسية التي كان لنضالاتها وتضحياتها ومواقفها الشجاعة والجريئة ضد الديكتاتورية والاستبداد دور كبير ترسيخ مباديء الحرية والديمقراطية، وتصحيح المسارات والمناهج والسياقات الخاطئة.ولعل العلامة الشهيد السيد مهدي الحكيم (قدس سره) كان من بين ابرز الشخصيات الوطنية التي تركت بصماتها واضحة وجلية في خارطة النضال الوطني ضد النظام الاستبدادي الديكتاتوري في العراق، الى جانب بصماته في المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية في مختلف بقاع العالم الاسلامي وغير الاسلامي، على امتداد اكثر من ثلاثة عقود من الزمن.لقد كان العلامة السيد مهدي الحكيم انموذجا للشخصية الرسالية التي تحركت في فضاءات واسعة وفسيحة، وتعاملت مع مختلف العناوين والاتجاهات، في الاطار الوطني وفي الاطار الاسلامي كذلك، وكان رمزا من رموز التسامح والاعتدال والانفتاح على الجميع.وازاء ذلك لم يكن غريبا ان يتعرض الى حملات تشهير واساءة من قبل النظام الحاكم منذ وقت مبكر، وفي عهد والده الامام السيد محسن الحكيم (قدس سره). وكان واضحا للكثيرين ان السلطات الحاكمة ادركت حجم التأثير والحضور الذي كان يمتلكه العلامة الشهيد(رض)، وما يمكن ان يشكله من خطر عليها، في مرحلة شهدت صعود وتألق نجم الحركة الاسلامية في ظل وجود وتصدي شخصيات دينية كبيرة للعمل الاسلامي في جوانبه السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية.وظلت النظام الصدامي المقبور يتحين الفرص لتصفية السيد مهدي الحكيم، الى ان تحقق له ذلك في العاصمة السودانية الخرطوم مطلع عام 1987 ، حينما ذهب الشهيد السعيد الى هناك للمشاركة في مؤتمر اسلامي، في اطار حركته الدائبة لما فيه خدمة الاسلام والمسلمين.لقد شكل فقدان الشهيد السيد مهدي الحكيم (رض) خسارة كبرى على الصعيد العراقي الوطني، وخسارة كبرى لعموم العالم الاسلامي، وخسارة كبرى للانسانية جمعاء. وان ماننعم به اليوم من حرية في ظل الاجواء والمناخات الديمقراطية بعد عقود من الظلم والتسلط والاستبداد بشتى اشكاله وصوره، ماكان له ان يتحقق لولا تضحيات الكثير من ابناء هذا الوطن، ومنهم-بل في مقدمتهم-العلامة الشهيد مهدي الحكيم.
https://telegram.me/buratha