حافظ آل بشارة
عاد الى الواجهة الاعلامية مجددا ملف رواتب الرئاسات والمقصود بهم الثلاثة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء يضاف اليهم نوابهم الذين بلغ عددهم حتى الآن ثمانية ، ويقال ان رواتب هؤلاء الرؤساء ونوابهم يفوق ماعليه نضراؤهم في اغنى دول العالم مثل امريكا ، كان المجلس الاعلى الاسلامي اول الداعين الى تقليل رواتب الرؤساء ونوابهم والوزراء واعضاء مجلس النواب ايضا وحاول اقناع جميع الشركاء بالمشروع الا ان القوم اتبعوا احدث الاساليب في تمييعه ، ولكن عاد بعض النواب هذه الايام لاحياء ذلك المقترح باخراج جديد والآن هناك مطالبات بعدم حسم موضوع موازنة 2011 الا بعد تقليل رواتب الرئاسات وفي رواية اخرى تقليل رواتب الرؤساء والوزراء والنواب ، اصحاب الرواتب الكبيرة يقابلون الحملة بابتسامة ويعتبرونها مزحة او دعاية لطرف سياسي ، فهم مطمئنون للعواقب وينطبق عليهم قول المتنبي (فيك الخصام وانت الخصم والحكم) فهم اصحاب القضية واصحاب القرار . لكي لا تتحول قضية رواتب الرؤساء الى موضوع للمزايدات والخصومات ينبغي الاستناد الى تجارب الدول التي لديها تجربة ديمقراطية عريقة في هذا الموضوع ، مثلما نتعلم منهم بناء العمارات ومد خطوط الكهرباء وصناعة السيارات يمكن ان نتعلم منهم وضع قانون ثابت لرواتب معقولة للرؤساء . ليس حسدا للقوم على (البلاوي) التي يقبضونها شهريا ، فراتب وزير لشهر واحد تشتري به قصرا في الخالص او المشخاب او الشطرة ، لكن القضية فيها ابعاد أخرى غير مسألة كم في جيبك او كم في جيبي انها مسألة تتعلق بدور المال في خلق طبقة الساسة الاقطاعيين ، فالرؤساء ونوابهم والوزراء واعضاء البرلمان اذا بقيت رواتبهم بهذا المستوى العالي فسوف يشكلون في اربع سنوات او ثماني حالة طبقية اقتصادية وعندما تكون طبقة الاثرياء والمترفين في السلطة ينشا مفهوم مركب من (حاكم + اقطاعي) اي طبقة الاقطاع السياسي وهذه طبقة خطيرة وجودها لا ينسجم مع الرؤية الديمقراطية ، فيقال ان العراقيين حظهم زفت في زفت فالديمقراطية في العالم تنتج نظاما سياسيا عادلا ومتجانسا طبقيا قدر الامكان بكبح الامتيازات الاقتصادية للحاكمين وفرض الضرائب على الرأسماليين اما ديمقراطيتنا فهي تكريس لمظاهر الاقطاع السياسي وعودة الى ماقبل الثورة الفرنسية او ماقبل الاسلام ، حيث كانت الرئاسة لمن تجتمع فيه الحاكمية والاقطاع ، هذه معلومات محزنة ، اغلب المسؤولين عندنا يرون ان الامير عليا (ع) امامهم وهو القائل في زهد الحاكم : (ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد، فواللّه ما كنزت من دنياكم تبراً ولا ادخرت من غنائمها وفرا. ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا ، ولا حزت من أرضها شبراً، ولا أخذت منه إلا كقوت أثاثٍ دبرة ولهي في عيني أوهى وأهون من عفصة مقرة ) فتأمل في حال الامام والمأموم .
https://telegram.me/buratha