فراس الغضبان الحمداني
لقد شهد العراق بعد 2003 انتشارا واسعا في تعدد وسائل الإعلام المختلفة ومنها طبعا الإذاعة التي انطلقت قبل السقوط وهي إذاعة العراق الحر وما زالت تحافظ على المهنية العالية والجدية في الخطاب ثم ظهرت دجلة وسوا وسومر والمستقبل والناس والمحبة والعهد وديموزي وربما يصل الأمر إلى عشرات المحطات الإذاعية ولو أحسن توظيف البعض منها وتم استخدامها بشكل صحيح مع وسائل الإعلام الأخرى من خلال السنوات المنصرمة لاستطعنا أن نخلق أجواء ثقافية ونرسخ قيم حضارية في أذهان المواطنين عامة والشباب خاصة .
ولكن ما يجري الآن يثير العجب والاستغراب والسبب انه يمكن لأي راصد أو محلل أكاديمي أو خبير إعلامي إن يقوم بعملية تحليل مهني للبرامج التي تبثها بعض هذه المحطات المدعومة بأموال طائلة من الخارج حينها سيدرك بأنها اساءت الى المشهد الثقافي للمواطنين وشوهت أذواقهم وهبطت بهم إلى أدنى مستوى بدائي ماسخة آخر ما تبقى من ذخيرة علمية وثقافية والتزام بالقيم الاجتماعية والأخلاقية وخاصة وان المهنين منهم يعرفون أهمية ووظائف وسائل الإعلام خاصة المسموعة منها مثل الإذاعات والتي يفترض إن تكون لها أهداف محددة وواضحة ومدروسة في خطابها الإعلامي .
ولو أردنا أن نعطي مثلا على ذلك فنشير إلى البرامج الحوارية وأبطالها _ ولا نريد في هذا المقال إن نذكر الأسماء _ لان الذي يهمنا هو تحديد الظاهرة وانتقادها في محاولة لتصحيح مسار هذه الإذاعات كي تتحول إلى قوة ايجابية في البناء الاجتماعي وليس معولا للتخريب والتفتيت الثقافي لان هذه البرامج الحوارية التي تستهلك الساعات الطويلة ومضامينها تتجه بنشر ثقافة التسلية الفارغة والخالية من المعلومات والمبنية على كسر الخطوط الحمراء التي وضعتها الشرائع والقوانين والعادات ولا نقصد البالية و المتخلفة منها وإنما نقصد المقبولة اجتماعيا وأخلاقيا .
والمقصود هنا الحوارات التي تخترق حياء العائلة العراقية وخاصة المرأة العراقية وتقاليدها فالبعض منهم يتحدث مع امرأة ونفهم من الحوار بأنها تستغفل زوجها ويطلب منها المحاور مجاراته في مطارحة شعرية خليعة ونكاد إن نسمع اشياء لا تليق بنا ان نسمعها او يسمعها الاخرون عبر الأثير والمحاور يشجعها على ذلك عبر المايكرفون متناسيا إن للبيوت حرمات وان لوسائل الإعلام رسالة وان ليس كل النساء الفاضلات سلعة تافهة مثل التي يحاورها ، وتساؤلنا لماذا نختار هكذا نماذج ..؟ ولماذا نهبط بمستوى الحوار الإذاعي إلى الخروج عن الأخلاق و الثقافة .؟ ولمصلحة من يجري ذلك ..؟ .
إن البعض من المحاورين يتطارحون على مشكلات مفتعلة وسخيفة والنتيجة تمرير ممارسة الرذيلة والنفاق الاجتماعي والجرأة في طرح الخصوصيات وانتهاكها عبر الإذاعات والتي يفترض إن تكون وسيلة بث عام تعلم الناس وتثقفهم وتصون كرامتهم وتنمي أذواقهم وتعمق مفاهيمهم وترصن مجتمعهم .
ولكن بعض أصحاب التمويل الذين جعلوا من هذه الإذاعات دكاكين للرزق واختلاس الملايين التي ترسل لهم من جهات دولية لها أجندات في تدمير الثقافة العراقية والهوية الوطنية وبالتأكيد إن هؤلاء يوظفون أقاربهم والجهلة المنحرفين من الطارئين على صاحبة الجلالة لتنفيذ هذه الخطط السوداء .
والعجيب إن هذه الأمور تحدث بغياب تام لدور هيئة الإعلام والاتصالات والتي ما زالت خائفة ومترددة في تطبيق القانون في مثل هكذا انحرافات حماية للمجتمع وصيانة لكرامة العائلة العراقية ولعل خير ما نعبر عنه بوصف هذه الممارسات المنحرفة هو المثل الشعبي ( غاب القط العب يا فار ) .
https://telegram.me/buratha