حافظ آل بشارة
مازالت مقاسات العباءة الديمقراطية اكبر بكثير من ثقافة بعض رموز النخبة العراقية ، مازالوا يعيشون هاجس القائد الاوحد والزعيم الملهم ويعانون ازدواجية الوعي بين القالب الاستبدادي المصبوب وبين الشعار الديمقراطي السطحي الرخيص ، شعاراتهم ديمقراطية وسلوكهم استبدادي ، خطاباتهم فيها التضحية والايثار والنزاهة وسلوكهم فيه الاستعلاء والقسوة والانانية ، حلاوة في اللسان وشحة في الاحسان ، المطلوب وضع حد لهذه الازدواجية ، لا يمكن القول بأن الجمهور العراقي يحب وزراءه ونوابه وكبار موظفيه ، لا يمكن القول بانه يثق بهم ويعتمد عليهم ويتفاءل بوجودهم ، وهذا تناقض واضح فالمسؤول المنتخب ينبغي ان يكون محبوبا وموضع ثقة اما ان يكون مكروها فهو امر غريب ، اغلب المسؤولين يعرف هذه الحقيقة ولكنه لا يعيرها اهتماما ويعتقد انه ليس بحاجة الى حب الجماهير وهذا الشعور يكشف مدى توغل الامية السياسية . كنا نتمنى ان يهتم كل مسؤول في الدولة بموقف الشارع منه ليعرف على وجه اليقين هل هو مكروه أم محبوب ؟ فيسعى المكروه منهم فورا الى عمل الصالحات التي من شأنها تلميع صورته وجعله محبوبا ، لكن حدث العكس فكثير منهم بدأ يتصرف بطريقة تساعد على تنمية شحنة البغض الموجهة ضده في اوساط المجتمع وقد اظهروا براعة عجيبة في صناعة البغض وحشد المزيد من الاعداء وايقاد الشحناء في صدور الجمهور ، أصبح أقصر الطرق لكسب كره الناس هو تجنيد رجال حماية غير خلوقين ، اذا كان المسؤول يعيش الازدواجية بين مظهر ديمقراطي مزيف وجوهر استبدادي خفي فان رجال الحماية يعيشون بمظهر واحد هو المظهر القمعي . يعاني العراقيون كل يوم من الاهانات والرعب على ايدي ارتال الحماية الحكومية ، كلما مر مسؤول اغلقت الشوارع ومرت سيارات الحماية السريعة المتوحشة السوداء الزجاج وفيها حفنة من الجلاوزة الذين يفتقرون لادنى مقومات التربية والاخلاق وهم ينادون على السيارات المدنية والمارة بمكبرات الصوت بكلمات قاسية وبعضها بذيئة وبعضها تسبب لسامعها الاهانة مسددين اسلحتهم الى صدور المارة العزل ، واذا خالفهم سائق مدني مرتبك ترجلوا من سياراتهم يكادون يفترسونه سبا وشتما ، يهينون المواطن الشريف النزيه الذي هو في معايير العدالة يشرفهم ويشرف سيدهم الذي يحمونه ، الوزارات الكثيرة والزائدة عن الحاجة اضافت للشعب العراقي حشودا من اوغاد الحمايات . هناك دروس لتأهيل رجال الحماية وتربيتهم وتدريبهم الاخلاقي لكن لم يحرص اي مسؤول على تربية افراد حمايته وكف اذاهم عن الناس الذين هم في غنى عن عذابات جديدة . مجلس النواب هو الآخر لا ندري أمعنا هو أم علينا ولماذا لا يلتفت الى هذا الارهاب الوطني الرسمي الخطير ؟ اكثر الناس تعرضا لاهانات الحمايات هم الاعلاميون الذين لم تتوفر لهم اي حماية يتجاهلهم الدستور ويستخف بهم البرلمان ، فان افلتوا من قبضة الارهاب المعادي وقعوا في قبضة الارهاب الصديق في المكاتب والطرقات والدوائر الحكومية . القوات المسلحة العراقية الحالية رعيل استشهادي متقدم وذو مواقف مشرفة فقد نجحت هذه القوات في كسر ظهر الارهاب وطي صفحاته لتقدم انجازا ليس عراقيا فقط بل عالمي ، لماذا يسمح لافراد الحمايات بالاساءة بسلوكهم الى المؤسسة العسكرية الشريفة ؟ لماذا لايتعض هؤلاء الشباب بمسار الاحداث والتقلبات ؟ لماذا لا يتذكرون حقيقة أن ومن يزرع القسوة يحصد الشماتة ؟ هذه الايام وعندما يتعرض شباب الحمايات الطائشون الى الاغتيال بكاتم او بناسفة او مفخخة او لاصقة لم نجد من يترحم عليهم بل يتبرع الكثير من الناس مناديا باعلى صوته : (هاذي حوبتي) .
https://telegram.me/buratha