قاسم السيد
الديمقراطية هي اخر ابتكار بشري وصلت اليه الأنسانية في فن الحكم وادارة الدولة عن طريق التداول السلمي للسلطة حيث يتيح هذا الأسلوب في الحكم للأغلبية ان تحكم الأقلية بطريقة سلسة وشفافة دون ان ينتقص من حقوق هذه الأقلية اي شيء والديمقراطية حالها حال اي منجز انساني على هذه الأرض هو إرث للأنسانية جمعاء تنتفع من تداوله وتشترك بشكل جمعي في تطويره وانضاجه واعادته كرة اخرى للتداول الجمعي دون الغاء للهويه المحليه في ارض التطبيق وبنفس الوقت تبقى هوية المنجز الأصلية تفرض نفسها على اي ممارسة له خارج بيئته القوميه . واقترنت الممارسة الديمقراطية دوما بنظم سياسية تملك قدرا مقبولا من التقدم والأنفتاح بينما نجد العكس من ذلك كون اكثر الدول تقاطعا مع الديمقراطية هي الأقل تقدما والأكثر انغلاقا والطريق الديمقراطي هو الخيار السياسي الأمثل الذي يرضي الأكثرية وهو الأكثر شرعية في كل الأشكال السياسية للحكم بينما الأسلوب الدكتاتوري في الحكم هو خيار الأقلية دوما التي لاتمتلك الشرعية اصلا كما ان الدكتاتورية هي خيار الزعامات السياسية المأزومة غير الواثقة بالنفس والأمكانيات والتي لاتملك خيارات مفتوحة اما اذا كان التفرد في الحكم يأتي عن طريق زعيم اوحد فأن ذلك يكون اسوء مايمكن ان يكون عليه نظام الحكم الدكتاتوري وقد سجل التاريخ نماذج بشعة لهذه الدكتاتوريات الفردية وان تسترت بواجهات قومية او عقائديه وكان هتلر وموسليني نموذجا للدكتاتوريات التي اتخذت من القوميه واجهة لها وستالين وماوتسي تونغ وكيم ال سونغ نموذجا للدكتاتوريات العقائدية ونحن في العراق كعادتنا متميزين في كل شيء فكان ولابد ان ننتج شيئا متميزا في الحكم فكانت دكتاتورية صدام متفردة في شخصنتها اذ لم تتعكز هذه الدكتاتورية لا على عقيدة ولا على قومية وانما اتخذ صدام من شخصه صيغة لنظام حكمه فكان شعار " اذا قال صدام قال العراق " هو قانون الدولة الأول. ورغم ان التطور الحضاري والأجتماعي شرطا من شروط نشوء الديمقراطية ونجاحها واستمرارها وان لم يكن هذا الشرط حاسما الا ان هذا لايلغي امكانية ظهور الدكتاتورية في هكذا مناخات حيث حدث كثيرا وان كانت الديمقراطية رحما لأنضاج اعتى الدكتوريات بسبب سياسة الفرص المفتوحة التي تعتمدها اغلب الديمقراطيات فتنفذ من خلال هذه الشفافية بعض الزعامات الفردية ذات الكارزما الطاغية وتقوم باستدراج الجماهير الى نظام سياسي يتقاطع مع مصالحها القريبة والبعيدة بسبب التضليل الذي تمارسه هذه الزعامات بحق شعوبها والتي لاتفيق منه الا بعد حلول الكارثة حيث يشكل هتلر نموذجا لذلك .والعكس صحيح فبعض الديمقراطيات نشأت في بلدان متخلفة حضاريا لكن بفضل وجود زعامات تملك رؤيا تاريخية تمكنت من ان تؤسس لديمقراطية ناضجة ومستقرة رغم ان هذه الزعامات وصلت الى سدة السلطة بفضل تاريخها النضالي والمؤهلات الشخصية الفريدة التي تملكها لابفضل الديمقراطية والتي هي في الأساس صاحبة الفضل في ايجادها في بلدانها حيث كان بإمكانها الأستحواذ على السلطة بوجود هذه الديمقراطية او عدمه حيث يشكل نهرو ارقى نموج لزعامات الدول النامية في دولة كانت نائمة في بطون التاريخ حيث استطاع ان يضع الهند على سكة التاريخ الصحيحة وأن يؤسس نظام حكم ديمقراطي لأكبر دولة من حيث عدد السكان.وكل الدكتاتوريات عادة ما يكون مشروعها السياسي مشروعا شموليا تعتقد قيادتها بصحته ونضجه وهي مخلصة في قناعاتها هذه بدرجة مطلقة بحيث لايمكن لها ان تساوم اوتفاوض على مشروعها مما يحملها اسلوب تبنيها هذا على فرض وجهة نظرها على الأخرين فرضا حيث تعتبر ذلك حقا مشروعا مستعدة للقتال دونه حتى الموت او فناء الخصوم عكس الديمقراطية التي عادة مايكون مشروعها السياسي براغماتيا قابل للتغيير والتجديد ويعتمد في تسويقه على الأقناع وليس الأكراه . ولعل التطرف في الديكتاتورية والتعسف الشديد في الأستخدام الجائر للسلطة من خلال الغاء الأخر وخنق اية فرصة متاحة امامه بأي طريقه كانت كل ذلك يجعل الأقتراب من الديمقراطية اسرع بكثير مما يتوقعه البعض كون التطرف يجعل الطرفين المتناقضين يقفان عند الحد الأقصى لكل منهما مما يجعل تجاورهما اقرب للألتصاق حيث يغدو الفاصل بينهما مجرد خيط رفيع بمجرد تجاوزه يعني الأنقلاب الى الضد تماما بكل سهولة ويسرلهذا كانت الهزيمة دوما نصيب المتطرفين نتيجة وقوفهم في الحافات حيث لاتوجد مساحات في ظهورهم للأنسحاب اليها حتى غدت الحكمة القائلة " كل شيء زاد عن حده انقلب ضده " قانونا يصح الأحتكام اليه في هذا المجال .الديمقراطية في العراق وان جاءت عبر الحدود عن طريق المحتل الأمريكي بعد اسقاط اعتى دكتاتورية مرت على العراق في تاريخه الحديث الا انها كانت هاجسا وطنيا بحكم الوضع الأجتماعي والسياسي والقومي الذي عليه الشعب العراقي فتعدد القوميات والطوائف والمشارب السياسيه يجعل من الديمقراطية البديل الموضوعي للنظام السابق حيث كان هذا النظام اكبر المساهمين في انضاج هذا الهاجس بسبب الأفراط في الظلم الذي كان يمارسه على الجميع هذا التوافق الجمعي المبدئي غير المعد له للأخذ بالديمقراطية كأسلوب للحكم ليس تبنيا استراتيجيا للكثير من القوى السياسية الراهنة وانما الجأها الظرف السياسي والمناخ الأجتماعي الى تبني هذا الخيار اما موقفها الحقيقي هو غير ذلك تماما فهي تتعامل مع الديمقراطية بطريقة نفعية انتهازية لكي تتخذ منها مطية للوصول الى دفة الحكم ومن هناك في صومعة صناعة القرار تنقلب على الديمقراطية .رغم اقترابنا من اتمام عامنا الثامن ونحن نتعامل مع النظام الديمقراطي ومع هذا فإن كثير من القوى السياسية لم تدخل هذه المفردة في ادبياتها السياسية على اساس انها خيار اساسي ووحيد ونهائي وان لاطريق غيره يصلح لحكم العراق ولضيق نظرتها هذه لم تشهد التجربة الديمقراطية في العراق اية اضافة ولم تنسحب على ممارسات اجهزة الدولة الأخرى في تعاملها مع المواطن الذي لايزال يعاني من التهميش والأزدراء وعدم الأحترام من اغلب مرافق الدولة التي تفرض عليه حاجته اليومية ان يتعامل معها اذ رغم هذه السنوات التي مرت على التجربة الديمقراطية في العراق الا ان دولة المواطنة لم يتم بناء اي مؤسسة من مؤسساتها لحد الآن ولاتزال دولة الوطن هي التي في الساحة اضافة الى ذلك ان الكثير من القوى السياسية تتعامل مع هذه المرحلة على اساس انها مرحلة مؤقته كون الديمقراطية حدثا عابرا اذ سرعان ماسيعود العراق الى سيرته السابقة لهذا فهي تعد نفسها لكي تكون السباقة في وراثة هذه المرحلة .الأشهر الثمانية التي تلت الأنتخابات والتي كانت تعبيرا حيا عن ان القوى السياسية التي تتصدر العمل السياسي في الساحة العراقية والمهيمنه على اغلب المقاعد البرلمانيه تتعامل مع السلطة كغاية نهائية للعمل السياسي فالكل يريد الأمساك بموقع ما في السلطة ولايريد اي منهم البقاء في مقاعد المعارضة وحتى الذي كان له نصيب القيادة في السلطة هو الأخر يعمل على عدم بقاء اي احد خارج السلطة فالجميع ينظر الى تسمية المعارضه بعين الريبه وعدم الأرتياح وهذه النظرة هي احدى مورثات النظام السابق التي لم تستطع القيادات الجديدة ان تتخلص منها فمفهوم المعارض لايعني البته الخروج من اللعبة السياسية والعداء لها بل لعل العكس صحيح اذ لطالما كانت المعارضة في ظل النظم الديمقراطية تملك هامشا واسعا من الحرية لاتملكه القوى الحاكمة مما يتيح لها فرص النقد والتصويب للحكومة وطرح مشاريع القوانين وتعديل البعض منها لكن هذا المفهوم ظل بعيدا عن رؤيا كثير من قيادات القوى السياسية في التجربة العراقية حيث تتفادى كل القوى السياسية وضعها في خانة المعارضة اذ تعد ذلك تهمة مريعة توجه بحقها لهذا كانت الحكومات المشكلة في ظل هذه الديمقراطية حكومات توافقات وليس حكومات استحقاق انتخابي .اغلب القوى السسياسية الموجودة على الساحة لاتملك نظرة استراتيجية لتقييم التجربة الديمقراطية فهي تتصرف دائما على اساس آني ولاتنظر ابعد من موطيء قدميها وعكس قصر نظرها هذا محدودية البدائل التي تتعاطى بها مع الأخرين حيث غاب عن ناظريها الأفق الواسع الذي تمتلكه التجربة الديمقراطية نتيجة وجود عوامل موضوعية عديدة تشكل ضمانة اكيدة لبقاء هذه التجربة وتطورها لاتقوى القوى السياسية الموجودة على المسرح السياسي الان ان تكون فهما واضحا للتعامل معه بشكل يقيني وهي لوكانت تملك مثل هذا التقييم لغيرت الكثير من تعاملاتها مع هذه التجربة ومع القوى الأخرى ولأراحت واستراحت . كثيرة هي العوامل التي تقف لصالح التجربة الديمقراطية التي تؤمن سلامة استمرارها منها ماهو دولي ومنها ماهو اقليمي ومنها ماهو محلي .فالوضع الدولي بشكل عام يتعاطف مع هذه الديمقراطية الوليدة رغم الأشكالات التي رافقتها والتي اقتربت في بعض الأوقات من الأطاحة بها بالرغم من ان الولايات المتحدة صاحبة المشروع الديمقراطي لم تكن متحمسة جدا لبناء ديمقراطية ناضجة بقدر ما كان همها بناء نظام موالي لسياساتها في المنطقة ذي مسحة ديمقراطية توظف وجوده لغرض تسويق مشروعها المسمى الشرق الأوسط الكبير ابان عهد الرئيس السابق جورج بوش فهي لم تمد يد العون لهذه التجربة عند حالات الأختناق ولم ترحب بأي نجاح لها واكتفت بدور المتفرج حيث عولت كثيرا على تدخلها العسكري وزيارات متفرقة هنا وهناك لبعض مسؤوليها بين الحين والأخر للتذكير بأنها مهتمه بما يجري ولم يكن في وارد حساباتها رعاية هذه التجربة لحين اكتمال كل مؤسساتها وصياغة كل الأنظمة التي تكفل لها البقاء والأرتقاء بل ساعدت بقدر واخر في احيان كثيرة بتدخلها المباشر وغير المباشر على بعض الشطط والخروج عن السياقات الديمقراطية ولم ترى اي ضير في ذلك مادام ذلك يصب في بوتقة مصالحها والعكس صحيح تماما اذ طالما انتقدت بعض الممارسات الديمقراطية الصحيحة حينما وجدت فيها تقاطعا مع مصالحها الستراتيجية بل يهيء للمرء احيانا ان الولايات المتحدة من خلال برودة مواقفها وضعف ردات فعلها تجاه المشاكل التي واجهت هذا المشروع قد تورطت في جلب الديمقراطية للمنطقة فالنموذج العراقي رغم كل هذا الحضور الأمريكي في الساحة لايزال بعيدا عن السيطرة عليه من قبل الأدارة الأمريكية فهي لم تقرأ مسبقا قراءة صحيحة حجم القوى السياسية التي سترث النظام الذي اسقطته حيث ظهرت الى السطح السياسي قوى غير مرحبة بالوجود الأمريكي بل العكس تماما غدا هذا الوجود بحد ذاته تهمة تتبادل القوى السياسية اتهام بعضها البعض بالتبعية او العداء له على حد سواء حسب طبيعة العلاقة لهذه القوى مع الولايات المتحدة حيث لم تتطبق حسابات البيدر مع حسابات الحقل مما حمل الأدارة الأمريكية على الفتور في تبني الزفة الديمقراطية لأسقاط كثير من الأنظمة المعادية لها في المنطقة على غرار الزفة التي حدثت في شرق اوربا اواخر ثمانينيات وأوائل تسعينات القرن الماضي التي اسقطت المعسكر الأشتراكي برمته بما في ذلك الأتحاد السوفياتي الذي كان يعد القوى العظمى الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة لهذا تركت النظام الديمقراطي الوليد في العراق يغرق في بحر ازمات كثيرة منها الأمن والفساد المالي وتردي الخدمات وانهيار القطاعين الصناعي والزراعي دون ان تمد له يد المساعدة الحقيقة بل حالت بين العراق وبين تطوير ثرواته النفطية حين حالت بين العراق وبين اي تطوير لقدراته الأنتاجية خوفا من زيادة قدراته الماليه مما حمل حكومة المالكي للذهاب في خطوة أخرى اكثر ابتعادا عن الولايات المتحدة عندما وقعت حكومته حزمة عقود ضخمة لتطوير الأنتاج النفطي مع مجموعة شركات عالمية لم تحضى الشركات الأمريكية بنصيب كبير فيها كذلك تعثر انجاز عقود محطات الكهرباء العملاقة التي عقدتها الحكومة العراقية مع الشركات الأمريكية حيث لم يخلوا هذا التعثر من تدخل الأدارة الأمريكية لعدم اتمام هذه الصفقة في محاولة من هذه الأدارة لكي تعطي لأزمة الكهرباء وقتا اكبر كي تؤثر هذه الأزمة بقدر واخر في عرقلة المشروع الديمقراطي وبرغم الموقف الأمريكي غير المتحمس لهذه التجربة بل العامل على اسقاطها من خلال عدم مد يد العون لها لم تسقط التجربة بل العكس جعل من امر وجودها خيار لايمكن جمع العراقيين على خيار سواه بالرغم من ان التجربة لم تعطي تلك النتائج المرموقة لحد الأن على الأقل لكن تكرار الدورات الأنتخابية وتخطي اوسع تسونامي ارهابي ضرب العراق قد جعل جذور هذه التجربة تذهب بعيدا في الأرض العراقية واثبت ان العراقيين لايزالون متحمسين لتجربتهم هذه رغم كل الأخفاقات والسلبيات التي رافقتها. كذلك يشكل الوضع الأقليمي احد ضمانات ديمومة هذه التجربة برغم ان دول الجوار جميعا قد اسهمت بقدر او اخر في التأمر على ديمقراطية العراق الوليدة وحاولت وأدها في المهد خوفا من انتقال عدوى التأثر بها الى داخل هذه البلدان التي يتعامل البعض منها مع كلمة الديمقراطية ككلمة اعجمية لايوجد لها تعريف في القاموس السياسي لديه بل قرنها هذا البعض الذي في الجوار بكلمة الكفر التي يوجب النطق بها قطع الرقاب ... هذا الجوار بعد ان يأس من هدم هذه التجربة اصبح الأن اكثرحرصا على بقائها وديمومتها خوفا من نتائج انهيارها والأثار الكارثية التي يشكلها هذا الأنهيار الذي سينعكس سلبا على دول المنطقة شاءت ام ابت حيث لو قدر لهذه التجربة ان تفشل سيبدأ معها مباشرة عملية تشرذم العراق الى دول وكيانات سياسية متفرقة وهذا سيقود المنطقة بشكل او اخر الى اجواء معاهدة سايكس بيكو حيث سترسم خرائط لدول جديدة وهذا التخوف فرض على القيادات في دول الجوار خيارين كل منهما امر من الأخر اما بقبول التجربة العراقية وما سيلحقه هذا القبول من نتائج واثار او ان تتهيأ للتعامل مع النتائج السلبية التي ستعم المنطقة في حالة انهيارها والتي يصعب التنبوء بأبعادها لهذه الأسباب عدل الجوار موقفه من هذه التجربة فهو بدلا من ان يكون تدخله لغرض خنقها اصبح لاعبا فيها حيث وصل الأمر بالمملكة العربية السعودية التي ناجزت هذه التجربة وقابلتها بكثير من الصدود لدرجة انها كانت من الدول القلائل في العالم التي ليست لها سفير في بغداد وصل الأمر ان عرضت خدماتها بأن تستضيف عاصمتها الرياض مؤتمر للقوى السياسية الممثلة في مجلس النواب في محاولة منها للتسريع في حل الأشكالات بين هذه القوى لاحبا منها لدعم هذه التجربة بل للحيلولة من حدوث الأسوء .كذلك هناك كثير من العوامل المحلية التي فرضت نفسها في السنوات الأخيرة التي تلت السقوط والتي اصبحت عناصر ضمان لأستمرار العملية الديمقراطية منها وجود اقليم كردستان وما يشكله وجوده من ضمانة محلية لبقاء التجربة الديمقراطية امام رغبة بعض القوى المحلية التي لم تخفي رغبتها بالعمل على عودة العراق الى المرحلة الظلامية فهذه القوى اصبحت تعرف تماما ان اي نكوص للنظام الديمقراطي فأن اول النتائج التي يمكن توقعها هو انفصال الأكراد عن الدولة العراقية مشكلين دولتهم الخاصة بهم والتي لاينقصها سوى الأعلان والأعتراف الدولي وبالتالي ستكون هذه القوى مسؤولة عن تقسيم العراق وهو الأمر الذي يعمل الكل على تفادي حدوثه والنأي عن تحمل وزر نتائجه . كذلك يشكل البروز الشيعي وظهوره العلني بشكل سياسي منظم بعد عقود من التغييب والقمع المفرط من قبل النظام السابق حيث غطى هذا الظهور اغلب محافظات الوسط والجنوب وادى الى الأمساك بحلقات مهمه من دوائر صناعة القرار على صعيد الدولة مما جعل ذلك ضمانة اخرى تجعل القوى المناوئة للديمقراطية تتردد اكثر من مرة عن الأقدام على فعل معادي لهذه التجربة تخوفا من ردة فعل مضادة كالتي حدثت تجاه موجة الأرهاب الواسعة والتي قابلتها القيادات الشيعية بحزم وقسوة شديدتين مما ادى الى كسر هذه الموجة وتلاشي قوتها وانتزاع كل المناطق التي كانت بحوزرة الأرهابين ولم يعد الأرهاب يشكل ذلك الخطر على وجود الدولة.ونتيجة ذلك بقيت عربة الديمقراطية العراقية على السكة لم يخرجها اهتزاز عربتها عن المسار برغم المطبات التي صادفتها لكونها مشروعا حداثيا لم تألفه المنطقة من قبل والتي لم تجد من الجوار اي ترحيب او رعاية بل العكس جوبهت بتأمر واسع اقترب في بعض الأوقات من الأطاحة بها اذ لم يكن ببال احد ان يتحول نظام الحكم في العراق من اعتى نظام ديكتاتوري شهدته المنطقة بل وفي العالم اجمع الى نظام ديمقراطي رغم ان ولادة هذه الديمقراطية تمت بعملية قيصرية امريكية لايستطيع نكران ذلك الا اصحاب الحول السياسي الا ان هذا المولود رغم صعوبات مخاضه قد دبت قدميه على الأرض وقد اثبت استمرار هذا الوليد بالبقاء رغم كل العداء والتوجس الذي احيط به منذ ولادته من قبل الأخوة الأعداء اثبت ان الأرض العراقية صالحة لأنبات مشروع الديمقراطية اكثر من اي ارض مجاورة لها بفضل التنوع القومي والديني والطائفي والاجتماعي الذي تزخر به هذه الأرض والذي حاول الجوار استغلال هذا التنوع لضرب التجربة من الداخل والذي نجح في تأمره بعض الشيء على هذا المشروع الحداثي في بعض الأوقات لكن الحاجة الأجتماعية لهذا المشروع استطاعت ان تهزم الى حد كبير هذا التأمر وان لم توقفه تماما وان فسيلة نخلة الديمقراطية في العراق قد اخذت بتوطيد جذورها داخل هذا الأرض اما الجوار الذي عجز عن قلع هذه الفسيلة فأنه اخذ يكتفي بكنس ظلها من على ارضه ولاادري مالذي سيفعله عندما يبدأ رطبها بالتساقط .
https://telegram.me/buratha