وليد المشرفاوي
لماذا حكومة الشراكة الوطنية؟ وهل هي الخيار الأفضل؟ وما هى مهامها والتحديات التي تنتظرها ؟ هذه الأسئلة وغيرها كثيرة تحتاج إلى إجابات وقرارات سياسية تعلو المصالح التنظيمية . حكومات الشراكة الوطنية هي في الأساس حكومات أزمات أو طوارئ أو حكومات اتخاذ القرارات الوطنية المصيرية ، وتفرضها معطيات ومحددات سياسية داخلية وخارجية تهدد المصلحة الوطنية والنسيج السياسي والاجتماعي للمجتمع . وليس لها علاقة البتة بنتائج الديموقراطية ، بمعنى إن العملية الانتخابية قد تتيح الفرصة لتنظيم أو حزب أن يشكل الحكومة بعد فوزه في الانتخابات كالعراقية أو دولة القانون، ولكن في المقابل قد تفرض ظروفاً معينة على أن تلجأ إلى الخيار الوطني لما قد يشكله من مخرج لأزمة أو احتواء لأحداث قد تهدد بقاء الحكومة والمجتمع معاً . هنا تتغلب المصلحة الوطنية وتداعياتها على الحكم والبقاء في الحكم . لعل أول مقومات نجاح حكومة الشراكة الوطنية إقرار وإدراك أن هناك أزمة عامة وأزمة حكم ، وأن عملية التحول فى الحكم والسلطة هي أحد مسببات الأزمة ، والأمر الثاني إدراك أن حكومة الشراكة قد يرتبط بوقت معين مرتبط بالتغلب على الأزمة ومسبباتها ، وعلى الرغم من أن حكومة الشراكة الوطنية قد لا تتقابل مع آليات الديموقراطية وقد تتعارض مع حق القائمة الفائزة فى الانتخابات التى تستمد شرعية وجودها السياسي من آلية الانتخابات والاختيار الشعبي إلا إن الخيارات الديموقراطية الأخرى قد تفرض خيارا لشراكة الوطنية ، ولذلك حكومة الشراكة الوطنية تحقق التوافق بين معادلة الديموقراطية وتغليب المصلحة الوطنية . إن خيار الشراكة الوطنية خيار لا بد منه أمام استبعاد الخيارات الأخرى رغم ديموقراطيتها ، وهنا أسوق هذه الخيارات : أولها البقاء في الحكم مع استمرار الأزمة والتعايش معها ، وهذا الخيار مستبعد لأنه يفقد الحكومة القدرة على أداء وظائفها مما يخسرها مصداقيتها وشعبيتها العامة ، أما الخيار الثاني وهو تقديم الاستقالة ، وهو خيار أيضاً مستبعد لأن الحكومة ترفض الاعتراف بالفشل وتحمل المجتمع الدولي المسؤولية وحتى قوى داخلية في محاولة إفشالها ، أضف لذلك إيمانها وحقها في الحكم لأنها جاءت عبر عملية انتخابية ، أما الخيار الثالث فهو حجب الثقة عن الحكومة ، وهذا الخيار أيضاً مستبعد لتوفر أغلبية برلمانية مريحة في مجلس النواب ، وهناك خيار إقالة الحكومة من قبل الرئيس وهو حق دستوري وديموقراطي لكن نتائجه غير مضمونة وقد يقود إلى خلافات كبيرة مع ملاحظة أنه خيار لا بد منه فى النهاية مهما كانت نتائجه ، ولذلك فهو خيار غير مفضل عند الرئاسة ، ويبقى الخيار الشعبي في صورة المسيرات والإضرابات وهذا الخيار قد يقود إلى حالة من الفوضى والشلل التام لمرافق الحياة في كل جوانبها ، وفى ضوء هذه الخيارات يقفز خيار حكومة الشراكة الوطنية ليحقق العديد من الوظائف أولها أنه يوفر الفرصة للحكومة للاستمرار في الحكم ، وثانياً يعالج النقص فيما أفرزته العملية الانتخابية بإتاحة الفرصة لجميع القوى أن تشارك في اتخاذ القرارات الوطنية، وثالثاً تقدم حكومة الشراكة الوطنية مخرجاً لأزمة البرنامج السياسي بالتوافق حول برنامج وطني ومن ثم لا يضطر أي تنظيم من التعبير عن مواقفه السياسية ، وهذا أمر مقبول لأننا هنا نتحدث عن برنامج وطني توافقي وليس برنامجاً تنظيمياً قد لا يجسد الرؤية الوطنية .ورغم مبررات حكومة الشراكة الوطنية تبقى هناك الكثير من التحديات والعقبات أهمها قدرة الحكومة على صياغة برنامج سياسي واضح ومحدد وخصوصاً في القضايا المتعلقة بتوفير الخدمات للمواطنين والقضاء على الفساد الإداري والمالي وإيجاد فرص عمل للعاطلين, وكما أشرت فإن التحديات كبيرة وتحتاج إلى صدق في النوايا والابتعاد عن لغة المغانم والحسابات القديمة ، ويبقى أن أشير إلى أهمية العامل الخارجي وتأثيره في القرار العراقي .وعلية عند التفكير في حكومة الشراكة الوطنية ضرورة التفكير في كلفة كل الخيارات التي أشرنا إليها ، وما قد يترتب عليها من إثمان سياسية باهضة عندها لن ينفع الحكم ولا السلطة لأننا سندخل نفقاً سياسياً بلا نهاية من الخلاف والتنازع من جديد . حكومة الشراكة الوطنية خيار لا بد منه وعلينا أن نخرجه في ثوب عراقي .فقد اتخذ تيار شهيد المحراب (قدس) وقبل إعلان نتائج الانتخابات موقفا ثابتا بضرورة إشراك كافة المكونات والكيانات والقوائم الفائزة والتي لم تفز بحكومة الشراكة الوطنية ,معتقدا إن هذا الثابت سيكون مفتاح الحل للملف الأمني وتأمين الاستقرار في البلد وهو أيضا مفتاح توفير الخدمات المطلوب توفيرها للمواطنين ,فإصرار تيار شهيد المحراب على مبدأ الشراكة الوطنية لم يأت من فراغ , وإنما جاء على خلفية سنوات عجاف عاشها الشعب العراقي بعد سقوط الدكتاتورية ,وخاصة تعرض أبناء الشعب العراقي إلى جرائم مروعة نفذتها المجاميع الإرهابية , فضلا عن استشراء الفساد الإداري والمالي إلى جانب استئثار البعض بالقرارات سواء كانت سياسية أم أمنية أم اقتصادية أم خدمية مما خلف ورائه جملة من المشاكل استعصت على الحل وكان الخاسر الوحيد هم أبناء الشعب العراقي, على خلفية هذا التردي الأمني والخدمي والسياسي والاقتصادي كان لابد لتيار شهيد المحراب وضع نصب عينيه خدمة المواطن وتامين حياته اليومية أن يصر على اتخاذ مواقف جدية وحاسمة لحل الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد طيلة تسعة أشهر كادت أن تطيح بكل المنجزات التي تحققت بدماء العراقيين وبعرقهم وبدموعهم ولم يتراجع عن مبادئه وقيمه وثوابته رغم كل الضغوط التي مورست عليه داخليا وخارجيا , ورغم تعرضه للإشاعات المغرضة التي حاولت النيل من امتداده الجماهيري وثقة المواطن به.فالخطاب السياسي لتيار شهيد المحراب كان محط أنظار الجميع وخاصة ما كان يتحدث به زعيمه سماحة السيد عمار الحكيم والذي يتمحور حول إخراج العراق من أزمته السياسية , فتفاعل اغلب السياسيين العراقيين مع الطرح الذي كان يتناوله وهو الذي زرع الثقة بنفوس الآخرين وطمأنهم بان العراق لجميع العراقيين بعيدا عن أي تهميش أو إقصاء لأحد,إن هذا المبدأ ومبادئ أخرى أصبحت هي الحاكمة على مسار العملية السياسية وسنرى ثمارها في الأشهر القادمة إنشاء الله كون اعتمدت على رؤية صحيحة وقراءة دقيقة للوضع العراقي التي تحقق مصالح أبناء الشعب العراقي وتوفر له أمنه وخدماته وعيشه بعزة وكرامة.
https://telegram.me/buratha