سالم مدلول الحسيني
عندما لاحت تباشيرُ فجر جديد ، ظنَّ المستضعفون والمحرومون والمتضررون من النظام البائد أنَّ يومَ إنصاف المظلومين ، وإحقاقِ الحقِّ ، وردِّ المظالم ، قد دنا فتدلى فكان منهم قابَ قوسين أو أدنى ، وما أن حطَّت الحربُ أوزارَها - ونفض العراقُ عن وجهه غبارَ الزمن الصعب ، وألقى عن كاهله ثقلَ سنواتِ الجمر ، وأيام المحنة - حتى عادت عقاربُ الساعة إلى الوراء ، وعدنا إلى المربع الأول ، ندور في حلقة مفرغة ، ولكنَّ الظلمَ هذه المرة أشدُ مضاضةً من وقع الحسام المهند ، لأنَّه ظلمُ ذوي القربى ، وأخوةِ المصير ، ورفقاءِ الهجرة والغربة ، فبعد أن كنَّا وإيَّاهم نُضرَب بسوطٍ واحد ، ونقبع في زنزانةٍ واحدة ، نتقاسم ألمَ الغربة ، وأحزانَ البعد ، وهمَّ القضية ، قلبوا لنا ظهرَ المِجن ، وتنكَّروا لنا كأنَّنا من بقايا البعث الصدامي ، بل حتى هؤلاء لم ينالوا من التهميش والإقصاء ما نلنا ، ولا ندري ما أجرمنا ؟؟ فلسنا ممن سار بركاب صدام ، ولسنا ممن باع نفسَه للشرق أو للغرب ، كما إننا لم نحمل السلاحَ إلاَّ على الطاغية ، ولم نهجرْ الوطنَ طلباً للرزق أو التنزه ، ولكننا خرجنا بعدما ضاقت علينا الأرضُ بما رحبت ، واتخذنا صحراءَ رفحاءَ ملاذاً نشاطر أهلَنا فيها شظفَ العيش ، رافضين ما أتاحته لنا دولُ الشرق والغرب من اللجوءِ إليها ، خوفاً على قضيتنا من الذوبان .فلما انقضت السنواتُ الثلاثَ عشرةَ ، وانقشعت سحابةُ البعث الصدامي عُدنا لنبني مع الآخرين ما هدمه الطواغيتُ ، لكنَّنا لم نجد - للأسف - موطئَ قدم لنا نستريح فيه بعد الترحال الطويل ، كما لم نجد غيرَ ما تبقَّى لنا من صحة تُعينُنا على العمل لنحفظَ به بعضَ ما تبقى لنا من كرامة ، وشيئاً من أوراقٍ رسمية تُشعرنا بالانتماء لهذا الوطن .وفي خِضمِ هذا المعتركِ النفسيِّ برقتْ بارقةُ أمل ، وبزغت في سماءِ اليأْسِ شمسُ وزارةِ الهجرةِ والمهجَّرين ، فراحت عيونُنا ترنو إليها ، وترمُقُها بنظرةِ الغريقِ الذي يرجو النجاةَ ، ويأملُ السلامةَ بالقشَّة ، ولكن سرعانَ ما تبددتْ أحلامُنا ، وانقطعَ رجائُنا ، بعد ما تكشَّفَ لنا أن هذه الوزارةَ كسرابٍ بقيعةٍ يحسبُه الظمآنُ ماءً حتى إذا جاءَه لم يجدْهُ شيئاً ، وذلك أنها كرَّستْ جُلَّ اهتمامِها بضحايا الإرهابِ من مهجري الداخلِ ( والذين دخل فيهم مَنْ ليس منهم ) كما اهتمتْ بالمهاجرين بعد عامِ ألفين وثلاثة ، وطوتْ عن مهاجري رفحاءَ كشحاً ، وسدلتْ عنهم ثوباً ، ولما استيقظتْ من سباتهِا ، وانتبهت من غفوتِها ، ورمقتنا بنظرتها ، أحدثتْ بدعةً ما سبقَها إليها احدٌ فاستثنتْ الشرائحَ الأكثرَ معاناة وهم العزابُ والأراملُ والمطلقاتُ من منحِها وعطاياها (الخجولة ) فحذَتْ لجنةُ تنفيذِ المادةِ مائةٍ وأربعينَ حذوَها فاتخذتْ نفسَ القرار إمعاناً منهما في انتهاكِ حقِّ هذه الشريحةِ المظلومةِ .ومن هنا فإنَّنا نطالبُ الحكومةَ العراقيةَ بسنِّ قانون يعالجُ جميعَ حالاتِ مهاجري رفحاء مركزةً على الشريحةِ التي عادتْ من رفحاءَ بعد سقوطِ النظامِ الصداميِّ مع عدمِ إغفالِ الشرائحِ الأُخرى سواءً التي عادتْ قبل السقوطِ أو التي لجئتْ من رفحاءَ إلى باقي دولِ العالم ، وان يتضمنَ القانونُ إيجادُ حلٍّ لمشكلةِ العاطلينَ منهم وذلك إما بدمجِهم على ملاكِ إحدى الوزاراتِ ، وإما بالتقاعدِ سيما وان الغالبيةَ العظمى منهم قد تجاوزتْ أعمارُهم السنَّ القانونيَّ للتوظيفِ في دوائرِ الدولة .وشمولُهم بالامتيازاتِ التي مُنحتْ للسجناءِ السياسيين ،وتخصيصُ قطعِ أراضي لهم شريطةَ أن تُعفى من شرطِ مسقطِ الرأسِ ومن قرارِ منعِ التصرفِ بها لمدةِ خمسِ سنواتٍ والسماحُ لهم ببيعِها أو إجارتِها من دونِ تقييدِ ذلك بفترةٍ محددةٍ ، وإعطائُهم منحاً ماليةً ليتمكنوا من بنائِها ، أو استبدالُ القطعِ بمبالغَ ماليةٍ ، أو شققٍ سكنية ،ومساعدةُ خريجي الدراسةِ الاعدايةِ من إكمالِ دراستِهم الجامعية ، أو الدراساتِ العليا وإعفائِهم من الرسومِ وشرطِ العمر ، واحتسابُ فترةِ الهجرةِ كمدَّة فصلٍ سياسيٍّ تضافُ للخدمةِ لمن هم موظفون فعلاً ، أو لمن يتمُّ توظيفُهم ، وتعيينُ من تنطبقُ عليه الشروطُ على ملاكِ وزارةِ الهجرة والمهجَّرين ، باعتبارِهم اعرفَ بمعاناةِ المهاجرين ، وإلغاءُ استثناءِ العزابِ والأراملِ والمطلقاتِ من جميعِ الحقوقِ بل إعطائُهم الأولويةَ ، وإلغاءُ طلبِ مستمسكٍ يوثق تاريخَ دخولِ مخيمِ رفحاءَ باعتبارِ أن المخيمَ أُغلقَ عن استقبالِ اللاجئين في نهايةِ الخامسِ من عامِ واحد وتسعين وتسعمائة وألف والاكتفاءُ بالمانفيست .
https://telegram.me/buratha