كريم الوائلي
ما يمييز تفجير الاسكندرية في مصرعن التفجيرات المماثلة في العراق انه خلق رأي عام مصري مقرون بحراك فاعل وشامل ومعاد للارهاب في هذه الفترة وربما سيستمر طويلا وينتج ثقافة تسامحية تعمق الحس الوطني والتعايش السلمي وطارد للتشدد والدموية ، ولم يكن ذلك موجودا قبل تفجير الكنيسة بهذا القدر الذي ارتقى الى رأي عام احتدم فيه جدل واسع حول سبل مكافحة التطرف ، وتمحور الرأي العام المصري الجديد حول وحدة الانتماء الوطني على ارض الواقع المصري وليس من خلال تصريحات لمسؤولين او اعضاء كتل واحزاب سياسية او عبر وسائل الاعلام المختلفة كما يحصل عندنا في العراق اذ سرعان ما هب المصريون للتظاهر في الجامعات والشوارع والمساجد المعتدلة وتوحدة كل الاحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة على خط واحد هو الادانة الشديدة لاستهداف حياة الناس ودور العبادة وصولا الى تقطيع اوصال اواصر المواطنة واثارة فتنة لا تستفاد منها سوى القوى الارهابية التي وضعت عملية الاسكندرية الارهابية في اطار اقليمي مؤكدة على ان نشاطها لا يقتصر على بلد بعينه وان ذراعها طويلة بالقدر الكاف ليطال اي بلد في المنطقة وقد اختارت المكون المسيحي كونه يمثل اقلية اقليمية واستهدافه يستفز دول الغرب ويحقق للقوى الارهابية الدعاية السياسية . وعلى الرغم من ان الرأي العام العراقي المعادي للارهاب يفتقر لم يحصل بفعل الحراك الاعلامي او السياسي وانما حصل كرد فعل غاضب على الاعمال الاجرامية التي طالت كل ابناء الشعب العراقي وانه رأي عام متفق على ادانة الارهاب ورفضه بالكامل ألاّ انه لم يتجسد على شكل حركة شعبية فاعلة في الشارع العراقي بحيث تهب الى الشوارع والساحات تلقائيا لادانة العنف متى ما حصل عمل ارهابي موجه الى جهة او مكّون عراقي في اية منطقة من البلاد ، ان وجود حركة شعبية فاعلة في مواجهة الارهاب تشكل لطمة دامغة له ومن شأنها تعزيز التضامن الاجتماعي وخلق اجواء من التآخي والوحدة ومن ثم سد الطريق امام مخطط القوى الارهابية الذي يرتكز على خلق شرخ اجتماعي او حصول شكل من اشكال الخلاف والفرقة بين المواطنين .ولطالما حذّر العراق من خلط اوراق الشأن العراقي واظهار الاعمال الاجرامية على انها ((مقاومة)) لا تحصل إلاّ في بلد مثل العراق وانها تنتهي بعد انسحاب القوات الاجنبية من العراق متغافلين او غافلين الاهداف الحقيقية والواضحة للارهابيين ، وهذا هو الدليل قد جاء من مصر كما جاء من قبل من اليمن والمغرب العربي وغيره ليؤكد ان الارهاب لا يستثني بلدا من بلدان المنطقة او شعوبها وان الحكمة تقتضي الان تعاون دول المنطقة من اجل اجتثاث الارهاب والتطرف وتعزيز التعاون الاقتصادي والامني بينها وتغيير انماط تعاطي الحكومات مع شعوبها وبذلك تتاح الفرصة امام شعوب المنطقة وحكوماتها للعمل مجتمعة على ادانة وكبح ظاهرة الارهاب . ان الاعتداء الارهابي الذي طال كنيسة القديسين في الاسكندرية قد اطلق رأي عام مصري مقارب للرأي العام العراقي ويمكن ان يتسع ليشمل كل دول المنطقة وهذه فرصة قد لا تتكرر وعلى ذلك يتعين تفعيل الاعلام العربي لاثارة المزيد من الجدل الايجابي وتوسيع طيفه الجماهيري وتجذيره ومنحة الطاقة اللازمة لاستمراريته لاطول فترة ممكنة كي يعطي افضل ثماره وان يكون ذلك متزامنا مع تعاون اقليمي رسمي يشمل الامن وتبادل المعلومات والسيطرة على الحدود الدولية .
https://telegram.me/buratha