المقالات

الوزير أم المؤسسة ؟ /


حافظ آل بشارة

ربما يطول انتظار تعيين الوزراء الأمنيين وذلك لشحة المستقلين في هذا البلد الصغير ، كيف يمكن العثور على شخص مستقل في هذه الايام ؟ ولماذا هو مستقل ؟ وهل كان متيسرا لاحد ان يدخل العمل السياسي مع النظام أو ضده ما لم يكن منتميا الى حزب البعث او أحد أحزاب المعارضة أو المقاومة ؟ واذا تم ترشيح الرجل المستقل من قبل حزب ما الا يخل هذا باستقلاله ؟ هذه الاسئلة تنشط الآن في الشارع العراقي غير المبلط ، فالناس من عالم وجاهل يعتقدون بأن الانهيارات الامنية المتلاحقة وتفاقم الاغتيالات بالكاتم سببها تأخر تعيين الوزراء الامنيين ، وفي المقاهي والاسواق وحافلات النقل تحتدم النقاشات بين المواطنين حول هذه القضية ، لكن الواقع يعيطي مؤشرات من نوع آخر فالعمليات الارهابية كانت وما زالت متواصلة بوجود الوزراء الامنيين أو بغيابهم ، وللعلم والاطلاع فان اي فشل يصيب الارهاب في العراق ليس سببه عبقرية الوزير الفلاني أو كفاءة القائد العلاني صحيح كان هناك تصدي تأريخي للأرهاب عبر العمل الجماعي الطوعي والكفاءات الفردية ، لكن هناك ايضا قوانين التأريخ ونواميس الوجود فالارهاب يجب ان يفشل ببساطة لأنه يسير بعكس تيار الحياة ولا يملك هامشا مناسبا من الخيارات ، فالارهابيون لديهم وسيلة واحدة يراهنون عليها وهي القتل فان فشلت هذه الوسيلة هزموا فورا ، أما الشعب العراقي فلديه الف وسيلة في المواجهة والف نوع من البدائل ، وقد توفرت للقتلة فرص نادرة ليجربوا فاعلية القتل وجربوها الى حد الابادة الا ان الشعب العراقي كان يقاسي جراحه بصمت ويزداد تمسكا بالصبر والوحدة والاتزان وتجاهل الكارثة الامر الذي أثار جنون الارهابيين ونشر الخيبة لدى دول نفطية انفقت ملايين الدولارات لافشال العملية السياسية في العراق ولم تفلح ، فشلوا في تحقيق اهدافهم المزعومة والعراق في اسوأ فراغ امني وفي ذروة الركود والفوضى السياسية بعد الانتخابات في السنة الماضية فمتى ينجحون اذن ؟ وفي تلك الاجواء وبعدها ايضا تمكنت القوات الامنية من توجيه ضربات موجعة الى الشبكات الارهابية ، اصبحت تلك الاجهزة تعمل بروح المبادرة الفردية دون ان تتأثر بالفراغات القيادية عندما تحدث ، وكانت عملية كشف وتفكيك الشبكة التي تقف وراء جريمة القتل الجماعي في كنيسة سيدة النجاة عملية متطورة وتدعو للاعجاب ، اضافة الى عمليات أخرى ترقى في حرفيتها الى اعمال احدث استخبارات العالم ، وهي تعيد ثقة الشعب بالقوات المسلحة وجهدها الاستخباري ، الا ان هذه المنجزات يجب ان تؤطر بالمهنية والتنظيم المتواصل ولا تبقى مستندة الى القيم المعنوية وحدها ، الوزارات الامنية تحررت من هيمنة وزراءها واصبحت قادرة على العمل بدونهم ربما بسبب تدخل رئيس الوزراء كقائد عام للقوات المسلحة ودور مكتبه في سد الفراغ احيانا ، أو بسبب النظام العسكري التقليدي السائد في تلك الوزارات ، ومن المفروض ان تعمم هذه القواعد على بقية الوزارات كنظام مؤسسة. عندما يفشل الاداء الحكومي بسبب غياب الوزير ، فذلك لا يعني انه سينجح بحضوره ، وليس من المعقول ان يكون حضور او غياب شخص واحد له هذا الاثر الاعجازي ، هناك احتمالان اما ان وزراءنا شخصيات خارقة يقولون للشيء كن فيكون ، واما ان الجهاز الاداري للبلد اصبح يعمل بآليات عشائرية تعتمد رمزية الوزير وغياب المؤسسة ، فالموظف يعمل للوزير وليس للمؤسسة ، فيما يبقى المفترض أن المؤسسة ثابتة والوزير متغير ، والوزارة ملك للشعب وليست غنيمة مسجلة بأسم شخص او حزب .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك