قاسم العجرش
أمس طوينا سنة جديدة من أعمارنا ومن عمر الوطن، وللتذكير: فقد كنا ندري أننا دخلناها بلا عدة ولا عتاد، وكنا ندري أيضا أننا سنخرج منها بالخفين وحمل ثقيل من الفساد، في تلك السنة ظهر ساستنا بمظهر الصالحين في المحافل الدولية وأمام مختلف الأمم والهيئات، لكننا نعرف أنهم فاسدين مفسدين... في تلك السنة عملت أيادي الاستبداد السياسي الجديد الناعم الملمس، على تلطيخ وجه وطننا بمزيد من الدم في مذابح الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وفي اغتصاب العدالة وانتهاك أبسط شروط الكرامة...وفي تلك السنة إشتد إحمرار علمنا... وفي السنة الفائتة أنتجت خريطة أرحام الكتل السياسية المزيد من القادة والوزراء والمستشارين ووكلاء الوزراء، و السفراء وكبار متبؤي المناصب الوزارية والإدارية.... وكبار اللصوص أيضا ... بينما تلد بقية الأرحام الرعية التي تجبر على الصمت المدقع، وتقبع تحت النعال طوال الوقت، و يبقى السؤال اليتيم المحير القابع في الصدور بلا جواب، كيف لمن قادته الأيام الغبراء إلى الواجهة أن يتحدث عن الديمقراطية والمساواة والحرية وحقوق الإنسان... أو يعرف معناها وهو لم يركب صهوتها للوصول إلى المقدمة؟ وكيف لشعب تدبر كل شؤونه بهذه "الجوقة" التي لا تؤمن إلا بنفسها.... ومع كل يوم جديد في السنة الجديدة، يبحث الساسة العراقيين عن مشجب آخر لتعلق عليه آلامنا الجديدة، آلام يجترها الفقير في صمت، في ولاء تام لقول الشاعر " هلي ما لبّسوا خادم سملهم و بچبود العدي بايت سملهم.. ان چان اهلك نجم اهلي سملهم ..چثير امن النجم علّا و غاب "، وتستمر سياسة اتصدير الأوهام، وتستمر سياسة اللاعقاب واللاحساب، و مع كل عام وأنتم... هناك خيوط مضافة تنسج خيبات الأمل... وأكيد أن السنوات يطويها الزمن، ويطوي معها نسيان الأيام الحالكة، وتقبر الفرص الضائعة، ضمن دائرة للعبة نسيان تشتد، وتشتد معها أيامنا حلكة وظلاما، ولكم تساعد نعمة النسيان على حفظ النظام والأمن الاجتماعيين، تلك النعمة التي يكمن سرها في تعاقب الليل والنهار، فما أن يتعاقب ليل آخر يوم في السنة ونهار أول يوم في السنة الأخرى، حتى يواري الشعب والحكومة والنظام سوءاتهما، ويبدأ الحديث عن الوحدة الوطنية وحكومة الشراكة الوطنية ، وشعارات التنمية الجوفاء، وعلى ذات المنوال يتم تبييض الصفحات وخلط الأوراق، لإعادة التوزيع والتركيب والتجميع والتفريق في معادلات المسرحية الرهيبة، الكل فيها يساهم، ومن لا ظهر يحميه خاسر.... سلام....
https://telegram.me/buratha