د.عصام التميمي
تعتبر الأخلاق، بالمفهوم العام، الركيزة الأساسية في حياة الأمم، انها الموجه الرئيسي للسلوك الإنساني والاجتماعي والتربوي، نحو التضامن والتعايش والاحترام المتبادل، وبما يترتب عليها من قيم ومبادئ، تقوم على تنظيم المجتمع من أجل استقراره وسلامته. فبدون الأخلاق لا يمكن الحديث عن تقدم ورقي المجتمع. قال الشاعر أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ..... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
إن اخلاقية الحياة ضرورة إنسانية واجتماعية لا مناص منها. وتعتبر أخلاقية المهنة في المجال التربوي في صميم التوجه الأخلاقي العام ، فبدون خُلق الحياة ، يحكم المجتمع على نفسه بالضياع والانحطاط والتخلف. أن أخلاقيات مهنة التدريس هي كل تلك السجايا الحميدة والسلوكيات الفاضلة التي يتعين أن يتحلى بها العاملون في حقل التعليم العام فكراً وسلوكاً. يحضى المدرس في المجتمع العراقي باحترام وتقدير كبيرين، بما يلعبه من دور المرشد والموجه والمساهم في جميع أنشطة المعهد او الكليه أو الجامعة او المجتمع؛ ويُعَلم الناس مبادئ المعرفة والأخلاق، ويشاطرهم أفراحهم وأتراحهم، لذلك وبسبب الحضور الإيجابي للمدرس في مجتمعه صار محط تقدير المجتمع واعتزازه باعتباره أمينا على القيم الأخلاقية، إضافة لكونه قدوة حسنه داخل المؤسسة التعليميه وخارجها، حتى كاد أن يرتقي إلى رتبة الرسول ، كما قال الشاعر أحمد شوقي:
قـم للمعـلم وفـه التبجيـلا..... كـاد المعلم أن يكـون رسـولا
لقد اقترنت التربية عند سائر الأمم بالتنشئة وفق القواعد الأخلاقية والقيم التي يقرها المجتمع، إلا أن البعد الأخلاقي اضمحل في العقود الأخيرة، بحيث أن الاحوال المعاصرة فرضت قيما غير أخلاقية، فسادت النزعات المادية ، وأخذ مركز التدريسيي الاجتماعي يتراجع في العقود الأخيرة بفعل عدة عوامل وضغوط، واهتزت مكانتة في المجتمع، وانتقلت من التقدير والاحترام إلى اللامبالاة والإهمال ، وما تبعه من تدمير وتشويه لصورة التدريسي الاجتماعية والاعتبارية والاقتصادية. وخاصة نظرة التدريسي الى نفسه فاصبح بعض التدريسيين يحمل أخلاقيات "الحمّال" الذي يقال له ارفع هذا الحمل فيرفعه أو يقال له القيه فينزله ، دون ان يكون له رأي في ما يجري حوله من تقلبات الحال ، بل هو عبد مطيع ، أمعه ، يقول ما يقولون ويفعل ما يريدون ويذهب انى يشاؤون . وطغى على سلوك الطارئيين على مهنة التدريس الكذب والخداع والزيف وتلفيق الاكاذيب ، خاصة وانهم لا يملكون الوعي او الثقافه او القيم التي تساعدهم على تهذيب النفس البشريه من نزعات المصالح الذاتيه وتحييدها لتصب في المصلحه العامه بل على العكس فانهم يتبعون بضيق افقهم الحيله والتلاعب ونشر الاكاذيب في اوساط المجتمع .قال تعالى
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ ناَدِمِينَ))
يخاطب الله سبحانه وتعالى المؤمنيين في هذه الايه وليس سواهم من المنافقيين الذين هم ظهير للفاسقيين الذين يؤيدونهم على كذب اخباراتهم ويتعمدون أن يصيبوا القوم بالجهالةِ وليس للندم الى قلوبهم سبيلا.ان الكثير من العلماء قد تم محاربتهم عن طريق ترقيتهم العلميه باساليب مختلفه ، ليس لانهم لا يمتلكون المقدره العلميه والكفاءه البحثيه والرقي العلمي والقامه الكبيره التي يطاولون بها القامات العلميه البارزه ، لكن لان من يتصدى للمسؤوليه يخشى منهم ان هم امتلكوا تلك الالقاب قد صاروا منافسين لهم ، وذلك برأيي فهم قاصر وسلوك مسئ وتصرف لا يليق لا يقوم به الا الفسقه، لانه يحرم العراق من طاقاته التي تخدم وتفيد اكثر في المكان المناسب الذي يستحقه الرجل المناسب ، ويحرم المحق من حقه وفيه غبن ، واحباط ان الانسان يعيش في بيئه غير نزيهه وغير عادله او بالحقيقه بيئه ظالمه ، ان شعور الانسان بالظلم لهو اقسى الف مره عليه من عداله ناقصه او سوء فهم وتقدير. وهو مؤشر خطير على الاساليب الدنيئه والفاسده التي تدار بها الامور ، مما يزعزع الثقه بالنظام العام ويفقد احترامه وصدقه في عين مواطنيه ويسقط هيبة الدوله ككل.فرغم المكانه العلميه العاليه ورغم البحوث العلميه المنشوره ورغم الحقيقه التي لا يحجبها غربال ، فأنهم يتشبثون بمبررات واهيه هي اوهى من بيت العنكبوت في عرقلة الاستحقاق العلمي ويتبعون كل الاساليب حتى تلك التي هي اكثر بعدا عن نص وروح القانون في ظل غياب كامل للضمير الانساني وفي ظل غياب كبير للرقابة الاداريه وروح الشرف والنزاهه التي يجب ان يتحلى بها من يمتلك صفة تربوي فضلا عن من يحترم انسانيته. وهم سائرون في غيهم في خلط الاوراق وفي التلاعب والتاخير ليس لمصلحة عامه تفيد البلد وابناءه والعلم وطلابه بل يرجون منها مصالحهم الخاصه وغاياتهم الدنيئه وليذهب البلد الى الجحيم والعلم الى جُهالَه والحق الى ظلاله ، فـ (( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) و (( هل يستوي الاعمى والبصير)) . وهل يستوي الشريف والوضيع ، وقد اصابوا قوما عن عمد ، فهم لا يملكون الضمير ويمارسون جرائمهم مع سبق الاصرار والترصد ، ولو احسنا الظن بهم فقد اصابوا قوماً بجهالةٍ ، هل يشعرون بالندم أم انهم في غيهم يعمهون. فكان لزاما ان ننبه الى هذه الحاله الخطره التي يجب العمل بكل مسؤوليه على تجاوزها ، لان الاصرار على السلوك الخاطيء البعيد عن روح العداله والبعيد عن جوهر القانون العام ستكون نهايته وخيمه بلا ريب.
https://telegram.me/buratha