المقالات

الترابط الروحي بين الشيعة في العالم . السر والأسباب

1198 14:09:00 2010-12-14

مصطفى الهادي

.شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا . يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا .يا علي أنا الشجر وأنت وولدك الثمر وشيعنا الورق .نحن صُبّر وشيعتنا أصبر منا .ألا وإن لكل شيء إمام وإمام الأرض أرضٌ تسكنها الشيعة .الذي يكتشفه الباحث في هذا الموضوع يجد بأن هناك ترابطا روحيا متينا فيما يتعلق بقضية آل البيت عليهم السلام ، وكأن الأرواح حاظرة عند كل موضوع يُثار حول مظلومية آل البيت عليه السلام .فعلى المستوى العام فإن الترابط الروحي للشيعة في انحاء الكرة الأرضية ، يأتي عن طريق الشعائر الحسينية وعاشوراء وكربلاء ثم تأتي مصائب آل البيت ، حيث ان تواريخ المناسبات خير جامع للشيعة عبر العالم في يوم معين وساعات معينة في موضوع معين . ففي لحظة واحدة في يوم واحد تهتز الكرة الأرضية بموضوع واحد يستدر الدموع من ملايين المحاجر المنتشرة عبر العالم . إنها رسالة كونية تنتقل عبر الأثير لتناغم اهزازات الوحي الذي لا زالت موجاته وتردداته الأثيرية يتوسع مداها عبر الزمن من خلال تأوهات الشيعة عبر العصور .

الأمر الآخرمن خلال مشاهداتي الخاصة ، عبر عالم الانتر نت لاحظت أن هناك امتزاج روحي عند الشيعة خصوصا فيما يتعلق بمسائل آل البيت عليهم السلام ، فما ان ترى موضوعا يُثار عبر هذه الشبكة العملاقة ، إلا وترى سيل من المواضيع ينهال على المواقع ، كتبته اقلام موالية آل على نفسها نشر تراث آل البيت انطلاقا من نداء الأئمة عليهم السلام : ( احيوا امرنا رحم الله من أحيا أمرنا ) وهو رجاء روحي وجداني يتلقاه المتلقي عن يمينه وشماله في كل لحظة .

إن إذن الأم تلتقط صوت وليدها من بين مئآت أصوات الصغار ، والشيعة لا يزالون عبر الزمان وعلى امتداد المكان في هذا العالم الذي بدات مساحته تضيق عبر النداء الخالد يلتقطون قوله الخالد عليه السلام : ( هل من ناصر ينصرنا ، ألا هل من مغيث يغيثنا ) فيُميزونه من بين كل النداءات الأخرى التي تملأ الفضاء اللا متناهي للعالم ، فتجتمع الأرواح المؤمنة حول مساحات الفضاء اللا متناهي لنداء ابي عبد الله الخالد تمتد عبر مسافات الزمن إلى مادون العرش فتراها متعلقة بعز قدسه تعالى من خلال ذبيحة الحسين بشاطئ الفرات أللهم تقبل منا هذا القربان ، اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى .

كيف يتمدد نداء الحسين في وجدان كل شيعي موالي . لقد عبّر عن ذلك سيد الوصيين وابو الحسين عليهما السلام . حينما قال لسائل سأله في معركة صفين : ( ولقد شهد عسكرنا هذا اقوام في اصلاب الرجال وارحام النساء ، سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الايمان) .أولا : سيرعف بهم الزمان ، والسين هنا للمستقبل البعيد . والرعاف إنما قطرات بطيئة تنزل بتتابع رتيب .

الثاني : ويقوى بهم الإيمان . تعبر رائع لا يحتاج إلى تفسير .

( شيعتنا منا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولايتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا)فإذا كان الشيعة خُلقوا من فاضل طينة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهذا يعني انهم من نفس العناصر التي عُجنت بها ومنها وفيها طينة الأئمة المعصومين سلام الله عليهم .إنها شهادات تزكية ممن اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ولربما يبلغ ذلك الشعور بالزهو الإيماني ذروته عندما نسمع المعصوم وهو يقول : (( شيعتنا اصبر منا )) . (1)فهل بعد هذا القول والاطراء والمديح من آل بيت العصمة لشيعتهم ،إلا القول بأن الأئمة وشيعتهم فعلا خلقوا من طينة واحدة ومن نفخة واحده وانهم يفرحون لفرحهم ويحزنون لحزنهم . فكيف لا يكون الامتزاج والتمازج الروحي قائما عبر العصور في كل ما يرشح من الشيعة صغيرهم وكبيرهم ، ومن هنا فإن قول الوهابية لأتباعهم : ( لا تناقش الشيعة ! فإن عالمهم لا يُقاس ، وجاهلهم جمرة لا تُداس ) وبذلك فقد وضع خصوم الشيعة القول الفصل في أن الشيعة حتى جاهلهم هو ضمن دائرة التسديد الإلهي . كما ورد عن طريق الإمام الرضا عليه السلام لدعبل : إن الله أوكل ملك بشيعتنا يسددههم في الملمات . (معنى الحديث فهو ليس يحضرني ) بعد أن قال الامام الرضا عليه السلام لدعبل : لقد نطق الروح القدس على لسانك . فساله دعبل : وما الروح القدس يا مولاي ، فكان جواب الامام كما مر.

لقد اثبت التاريخ بأن الشيعة لم يتراجعوا يوما عن قضيتهم الإسلامية الكبرى قضية الأمام الحسين عليه السلام ، ولم يتراجعوا عن أئمة الهدى قيد انملة لم يجبنوا ولم ينكصوا ،ولو قيض الله للأخوة الشيعة في العالم الاطلاع على ما يلاقية الشيعة في العراق لهالهم ما يرونه من صمود رائع ضرب به الشيعة أروع امثلة الولاء والحب والذوبات في الذات والانصهار في الائمة الأطهار عليهم السلام . فما أن يطل عاشوراء بطلعته المشرقة إلا وترى الشيعة يتقاطرون ارتالا صوب مهوى الأفئدة ، لم توقفهم المفخخات ، ولم تثني عزمهم الاحزمة الناسفة ، ولم ينكص أحد منهم وهم يتساقطون برصاص القنص والغدر ، ولو شئت اسأل جسر الأئمة عما حدث فعلى الرغم من وقوع مئآت الضحايا ، إلا أن سيل الزائرين لم ينقطع بل ازداد عددا وعزيمة واصرارا .فهل هذا إلا تجسيدا لقول الحسين عليه السلام : فلو قطعتني بالحب اربا........لما مال الفؤاد الى سواكاأليس هذا الترابط الروحي العميق بين الشيعة وصمودهم الأسطور في هذا الزمان دليل على توفر القاعدة المتينة المؤسسة لعصر الظهور اضافة إلى توفر العلامات الأخرى .ولربما تكون أحد ابرز هذه العلامات ما جاء في حديث الإمام الصادق عليه السلام الذي ذكر فيه من فضل الشيعة ومزاياهم مما يؤهلهم للقيادة في هذا العالم فتمعن في الحديث جيدا .الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 212 - 214خ259 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمرو بن أبي المقدام قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : خرجت أنا وأبي حتى إذا كنا بين القبر والمنبر إذا هو بأناس من الشيعة فسلم عليهم ثم قال : إني والله لأحب رياحكم وأرواحكم فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد ومن ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله ، أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون والسابقون في الدنيا والسابقون في الآخرة إلى الجنة ، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله عز وجل وضمان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والله ما على درجة الجنة أكثر أرواحا منكم فتنافسوا في فضايل الدرجات ، أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات كل مؤمنة حوراء عيناء وكل مؤمن صديق ولقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام ) : لقنبر : يا قنبر ابشر وبشر واستبشر فوالله لقد مات رسول الله Cant See Images وهو على أمته ساخط إلا الشيعة . ألا وإن لكل شئ عزا وعز الاسلام الشيعة . ألا وإن لكل شئ دعامة ودعامة الاسلام الشيعة. ألا وإن لكل شئ ذروة وذروة الاسلام الشيعة .ألا وإن لكل شئ شرفا وشرف الاسلام الشيعة . ألا وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجالس الشيعة . ألا وإن لكل شئ إماما وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة ، والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشبا أبدا والله لو ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات ما لهم في الدنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب ، كل ناصب وإن تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الآية ((عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية)) فكل ناصب مجتهد فعمله هباء ، شيعتنا ينطقون بنور الله عز وجل ومن خالفهم ينطقون بتفلت ، والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله عز وجل روحه إلى السماء فيبارك عليها فإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته وفي رياض جنة وفي ظل عرشه وإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردوها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه ، والله إن حاجكم وعماركم لخاصة الله عز وجل وإن فقراءكم لأهل الغنى وإن أغنياءكم لأهل القناعة وإنكم كلكم لأهل دعوته وأهل إجابته.سلام الله على الزهراء وابيها وبعلها وبنيها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1- تجد ذلك في تفسير القمي : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : نحن صبر و شيعتنا أصبر منا لأنا صبرنا بعلم و صبروا بما لا يعلمون قوله عليه السلام : "لأنّا صبرنا بعلم وصبروا بما لا يعلمونوالمعصوم هنا أراد مدح الشيعة على أنّ صبرهم مستند إلى قوة العقيدة وشدّة اليقين والتسليم لقضاء رب العالمين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك