المقالات

(من وحي عاشوراء) العباس بن علي بن أبي طالب.

5825 12:18:00 2010-12-11

حكمت مهدي جبار

في معركة كربلاء صور رائعة من المواقف البطولية لآل بيت محمد تجسد ت في أعلى قيم الأنسانية ومحاربة الظلم والدفاع عن عدالة السماء في الأرض.ومن اولئك الأبطال العباس بن علي بن أبي طالب شقيق الحسين من أبيه.حيث أن أم العباس هي غير فاطمة بنت محمد النبي,فأمه أم البنين بنت خزام بن خالد بن ربيعة الكلابية .وقد شارك مع العباس في المعركة أخوته من أمه وأبيه عثمان وجعفر وعبد الله وكلهم ابناء علي..لقد أبدى العباس في واقعة كربلاء المذهلة دفاعا لامثيل له وشجاعة روعت جحافل الجيش وحار بها اعظم الفرسان من الجانبين .فالبطولة التي ابداها بطولة لاتضاهى . صحيح أن الحسين كان قائد الجيش وهو صاحب الأمر, ألا أن سير صفحات المعركة كان يشير الى وجود بطل آخر لايشق له غبار ولا يثنيه أحد من الفرسان..بل خطف اعجاب الدنيا بمواقفه . فهو ذلك الرجل الذي اعطى للأخوة معنى أنسانيا غاية في القدسية وشرف الأنتماء للأب الواحد . ومنذ 1381مضت على تأريخ معركة الطف في كربلاء أحتل العباس مكانة خاصة في تقاليد وأعراف وعقائد العراقيين بل وأثر في ثقافتهم بشكل عام .فهو نظرا لقابليته الملهمة بفضل قوة شخصيته في المعركة صار شخصية (كارزمية) (charisma) فأحتل العقول وشغل النفوس وأقترب من (الأسطورة)myth) ) .وكان للعباس وقعا خاصا وتأثيرا (دراميا) dramatic)) كبيرافي الحدث الجلل نظرا لدوره الملفت لنظر المؤرخين والكتاب حسب تسلسل احداث المعركة ..ومن تلك الأدوار التي لعبها اطلقت عليه عناوين ومسميات ونعوت عديدة صيرته (نموذج بطولي خارق).فهو:-

ساقي عطاشى كربلاء ــلأنه أستطاع أن يخترق الحصار المضروب عليه وعلى أخيه الحسين من قبل الجيوش المهاجمة. حتى وصل الى نهر الفرات ليجلب الماء للأطفال والنساء .وقد أبى أن يروي ظمأه من الماء , بل عمد الى قربته فملأها به ثم رجع ليسقي بها نساء الحسين وأطفاله.

العباس (أبو راس الحار) ــوصف العباس بهذه الصفة نظرا لغضبه على جنود الجيش المهاجم ,ويقصدون بذلك أن العباس كان شديد الغضب يصيب (بشارته) حالا .وأطلقت هذه المفردة أول ما أطلقت من قبل سكان المنطقة الرسوبية من العراق لتمتد بعد ذلك في جميع انحاء العراق.ونظرا لهذه السمة الخاصة صار اهل العراق يحلفون (بالعباس) لأن (شارته) باليد أكثر مما يحلفون بأحد آل بيت النبوة. فأغلب العراقيون حتى بعض المثقفين منهم قد يتجرأون على الحلف كذبا بالنبي وألأئمة الكبار ولكنهم لا يتجرأون على الكذب تجاه العباس !

خطة العباس ـ وهو تعبير عن وضع خطة معينة تنال من القدسية بما يجعلها تحقق اهدافها المرجوة.

راية العباس ـ احتلت هذه الصفة مكانة عظيمة لدى العراقيين . وهي متأتية من شرف حمل راية المعركة في كربلاء من قبل العباس وهو يذود عن أخيه الحسين ضد الجيش الأموي. وأتخذت تلك الصفة رمزا لرايات الكثير من العشائر العراقية , لاسيما اثناء عقد (الفصول) لفض النزاعات بين القبائل المتنازعة. وتكون الراية عادة بيضاء لتدل على السلام والصلح والتآخي.وعندما تعقد (الراية) فأن كل شيء ينتهي.وأذا ما أخل طرف في العهد , فأنه سوف لن ينجوا من (ضربة العباس).

خبز العباس ـوهو تقليد اجتماعي كثيرا ما تمارسه امهاتنا داخل البيوت , لأداء نذر أو تحقيق أمنية معينة.(جاي) العباس ـ وهو على نفس الطريقة . ألا أنه احيانا يصنع ويهيأ اثناء طقوس عاشوراء ويوزع للزائرين أو أصحاب المواكب.لقد صار العباس نظرا لتلك المواقف المشهودة والمشرفة في معركة كربلاء (ظاهرة) أثرت كثيرا في ثقافة العراقيين من المسلمين. ولذلك فقد تسائل عالم الأجتماع الكبير الدكتور (علي الوردي) عن سبب تغلغل حب العباس وتمثل مسلمي العراق به وبشخصيته المتفردة والمثيرة للأعجاب والدهشة.ولماذا صار العباس بهذه المنزلة الرفيعة بين مسلمي العراق لاسيما القبائل والعشائر الريفية.فيقول:-

*(( يرجح في ظني أن العشائر أنما اولعت بالعباس هذا الولع الشديد لأنها وجدت فيه مثالا رائعا للفروسية البدوية , والظاهر أنهم لم يستطيعوا ان يعبروا عن مكنون انفسهم تعبيرا واضحا , حيث رأيناهم يصفون العباس بأن رأسه حار ,وأنه شديد الغضب و(شارته) عاجلة , وغير ذلك , أنما هم في حقيقة أمرهم يرون في العباس شخصية الفارس المغوار الذي يقدرونه غاية التقدير حسبما توحي به قيمهم البدوية.)) ويضيف الوردي في مكان آخر من الكتاب*(( أن الحسين كان يحب العباس حبا جما فطلب منه أن يستجيب لنداء أخواله وينجو بنفسه, حيث كان الحسين موقنا بأنه مقتول لامحالة, فلا فائدة اذن من أن يقتل العباس معه . ولكن العباس أبى أن يتخلى عن أخيه الحسين وقال:- لا نتخلى عنك ولا نبقى بعدك. وهكذا فأن مناقب فروسية العباس هي التي صنعت له((دورا)) ومكانة خاصة في قلوب العراقيين .وترسخت في تقاليدهم وعقائدهم.وهو الذي نفذ ((فكرة)) اخيه الحسين في المواجهة والتصدي لظلم السلطة التي تفردت في الحكم وحاولت أن تغتال الأسلام من خلال اغتيال رموزه المقربين من رسول الأسلام وآل بيته .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ*دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ـــــ الدكتور علي الوردي. *نفس المصدر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك