المقالات

(من وحي عاشوراء) العباس بن علي بن أبي طالب.


حكمت مهدي جبار

في معركة كربلاء صور رائعة من المواقف البطولية لآل بيت محمد تجسد ت في أعلى قيم الأنسانية ومحاربة الظلم والدفاع عن عدالة السماء في الأرض.ومن اولئك الأبطال العباس بن علي بن أبي طالب شقيق الحسين من أبيه.حيث أن أم العباس هي غير فاطمة بنت محمد النبي,فأمه أم البنين بنت خزام بن خالد بن ربيعة الكلابية .وقد شارك مع العباس في المعركة أخوته من أمه وأبيه عثمان وجعفر وعبد الله وكلهم ابناء علي..لقد أبدى العباس في واقعة كربلاء المذهلة دفاعا لامثيل له وشجاعة روعت جحافل الجيش وحار بها اعظم الفرسان من الجانبين .فالبطولة التي ابداها بطولة لاتضاهى . صحيح أن الحسين كان قائد الجيش وهو صاحب الأمر, ألا أن سير صفحات المعركة كان يشير الى وجود بطل آخر لايشق له غبار ولا يثنيه أحد من الفرسان..بل خطف اعجاب الدنيا بمواقفه . فهو ذلك الرجل الذي اعطى للأخوة معنى أنسانيا غاية في القدسية وشرف الأنتماء للأب الواحد . ومنذ 1381مضت على تأريخ معركة الطف في كربلاء أحتل العباس مكانة خاصة في تقاليد وأعراف وعقائد العراقيين بل وأثر في ثقافتهم بشكل عام .فهو نظرا لقابليته الملهمة بفضل قوة شخصيته في المعركة صار شخصية (كارزمية) (charisma) فأحتل العقول وشغل النفوس وأقترب من (الأسطورة)myth) ) .وكان للعباس وقعا خاصا وتأثيرا (دراميا) dramatic)) كبيرافي الحدث الجلل نظرا لدوره الملفت لنظر المؤرخين والكتاب حسب تسلسل احداث المعركة ..ومن تلك الأدوار التي لعبها اطلقت عليه عناوين ومسميات ونعوت عديدة صيرته (نموذج بطولي خارق).فهو:-

ساقي عطاشى كربلاء ــلأنه أستطاع أن يخترق الحصار المضروب عليه وعلى أخيه الحسين من قبل الجيوش المهاجمة. حتى وصل الى نهر الفرات ليجلب الماء للأطفال والنساء .وقد أبى أن يروي ظمأه من الماء , بل عمد الى قربته فملأها به ثم رجع ليسقي بها نساء الحسين وأطفاله.

العباس (أبو راس الحار) ــوصف العباس بهذه الصفة نظرا لغضبه على جنود الجيش المهاجم ,ويقصدون بذلك أن العباس كان شديد الغضب يصيب (بشارته) حالا .وأطلقت هذه المفردة أول ما أطلقت من قبل سكان المنطقة الرسوبية من العراق لتمتد بعد ذلك في جميع انحاء العراق.ونظرا لهذه السمة الخاصة صار اهل العراق يحلفون (بالعباس) لأن (شارته) باليد أكثر مما يحلفون بأحد آل بيت النبوة. فأغلب العراقيون حتى بعض المثقفين منهم قد يتجرأون على الحلف كذبا بالنبي وألأئمة الكبار ولكنهم لا يتجرأون على الكذب تجاه العباس !

خطة العباس ـ وهو تعبير عن وضع خطة معينة تنال من القدسية بما يجعلها تحقق اهدافها المرجوة.

راية العباس ـ احتلت هذه الصفة مكانة عظيمة لدى العراقيين . وهي متأتية من شرف حمل راية المعركة في كربلاء من قبل العباس وهو يذود عن أخيه الحسين ضد الجيش الأموي. وأتخذت تلك الصفة رمزا لرايات الكثير من العشائر العراقية , لاسيما اثناء عقد (الفصول) لفض النزاعات بين القبائل المتنازعة. وتكون الراية عادة بيضاء لتدل على السلام والصلح والتآخي.وعندما تعقد (الراية) فأن كل شيء ينتهي.وأذا ما أخل طرف في العهد , فأنه سوف لن ينجوا من (ضربة العباس).

خبز العباس ـوهو تقليد اجتماعي كثيرا ما تمارسه امهاتنا داخل البيوت , لأداء نذر أو تحقيق أمنية معينة.(جاي) العباس ـ وهو على نفس الطريقة . ألا أنه احيانا يصنع ويهيأ اثناء طقوس عاشوراء ويوزع للزائرين أو أصحاب المواكب.لقد صار العباس نظرا لتلك المواقف المشهودة والمشرفة في معركة كربلاء (ظاهرة) أثرت كثيرا في ثقافة العراقيين من المسلمين. ولذلك فقد تسائل عالم الأجتماع الكبير الدكتور (علي الوردي) عن سبب تغلغل حب العباس وتمثل مسلمي العراق به وبشخصيته المتفردة والمثيرة للأعجاب والدهشة.ولماذا صار العباس بهذه المنزلة الرفيعة بين مسلمي العراق لاسيما القبائل والعشائر الريفية.فيقول:-

*(( يرجح في ظني أن العشائر أنما اولعت بالعباس هذا الولع الشديد لأنها وجدت فيه مثالا رائعا للفروسية البدوية , والظاهر أنهم لم يستطيعوا ان يعبروا عن مكنون انفسهم تعبيرا واضحا , حيث رأيناهم يصفون العباس بأن رأسه حار ,وأنه شديد الغضب و(شارته) عاجلة , وغير ذلك , أنما هم في حقيقة أمرهم يرون في العباس شخصية الفارس المغوار الذي يقدرونه غاية التقدير حسبما توحي به قيمهم البدوية.)) ويضيف الوردي في مكان آخر من الكتاب*(( أن الحسين كان يحب العباس حبا جما فطلب منه أن يستجيب لنداء أخواله وينجو بنفسه, حيث كان الحسين موقنا بأنه مقتول لامحالة, فلا فائدة اذن من أن يقتل العباس معه . ولكن العباس أبى أن يتخلى عن أخيه الحسين وقال:- لا نتخلى عنك ولا نبقى بعدك. وهكذا فأن مناقب فروسية العباس هي التي صنعت له((دورا)) ومكانة خاصة في قلوب العراقيين .وترسخت في تقاليدهم وعقائدهم.وهو الذي نفذ ((فكرة)) اخيه الحسين في المواجهة والتصدي لظلم السلطة التي تفردت في الحكم وحاولت أن تغتال الأسلام من خلال اغتيال رموزه المقربين من رسول الأسلام وآل بيته .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ*دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ـــــ الدكتور علي الوردي. *نفس المصدر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك