المقالات

مدرسة عاشوراء


السيد محمد الياسري

عاشوراء مدرسة القيم النبيلة .. ومفاهيم الحياة الهادفة .. تعلم ويتعلم منها المسلمون وغير المسلمين درس الحرية على مر العصور وتعاقب الدهور . مدرسة .. رسخت في الذات المسلمة حفظ الكرامة الإنسانية ورفض التسلط الجائر . . وعاشوراء حركة دامية حفزت الكامن في النفوس وأثارته للوقوف بوجه الظلم والظالمين في أي زمان كانوا وفي أي مكان .. فكل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء .مدرسة .. لخصت وإختصرت فكر وسلوك أستاذها الأكبر الحسين بن علي بن أبي طالب "ع" وفكر وسلوك أهل بيته وأنصاره .. وهي دروس لابد للمسلم وغير المسلم من تعلمها لمواجهة تحديات الحياة . وما أكثر تلك الدروس .. ولكن ما أقل وأندر من يتعلم الدرس الحسيني .. ليكتشف سر خلود هذه الملحمة ورموزها . . وما أقل وأندر من يتأمل في الواقعة ليتعرف على عبرها ويقف على معطياتها .. ويدرك المعاني الحقيقية لبعض الألفاظ المستهلكة في حاضر الناس .. فتضج الساحات بمقولات لم تفهم بعد كما أراد أبو عبد الله بل لا يراد لها أن تفهم .. التحرر ، الجهاد ، الصلاة ، الإيثار ، الصبر ، البصيرة ، الحياة الأبدية ، حب الله ، حب الشهادة ، الإباء ، الشهامة ، الشجاعة ، الوفاء ، النصر .. وعشرات بل مئات من مصفوفات القيم السامية الحية التي أفرزتها مدرسة عاشوراء .فمن عاشوراء نتعلم " كيف نثأر لله وحده لا لإنتساب أو إنتماء أو عصبية أوصيحة جاهلية أرضية.. ونتعلم كيف نضحي بالنفس والولد وبكل غال ونفيس ..وأن نؤمن بالسنة الحتمية القاضية بإنتصار الدم على السيف .. من أجل أن تبقى القيم الإسلامية وهي عينها القيم الإنسانية .. لا نظريات الإنسان القاصرة وحزبياته الضيقة وشعاراته المزيفة وضلالاته العمياء وأهواءه المتلونة .. ومن كربلاء نتعلم كيف نحمل القرآن شعارا ومنارا وهاديا ومبشرا ونذيرا .. قولا وعملا .. وهو الذي يهدينا للتي هي أقوم ويجنبنا الإنحرافات الأخلاقية والثقافية والسياسية والإجتماعية . ومن عاشوراء نتعلم أن المبدأ والرسالة قمة مقدسة تحرم المساومة عليها ويمنع التنازل عنها ولا يسترخى إزاءها .. (( أشداء على الكفار رحماء بينهم )) .. في ذات الوقت الذي يتطلب القبول بالآخر كما هو لا كما نريد ونحاوره فيما عنده وما نريد دون مجاملة فكرية أو سياسية . ومن عاشوراء نتعلم كيف نقضي على أمراض فتكت بأمم من قبلنا كانت سببا من أسباب قتل الأنبياء والأولياء والتنكيل بهم .. وهي أمراض الإنهزام والتراجع والتخاذل والتواكل والضعف والخور . وإذا أردنا أن نكون تلامذة هذه المدرسة فعلينا أن نحرك الروح والكلمة والمال في خط الدعوة والخير .. وأن تنعكس شعارات كربلاء على طريقة تفكيرنا وتعاملاتنا وسلوكياتنا .. (( لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما )) و (( لا نبالي أن نموت محقين )) و (( والله إن قطعتموا يميني إني أحامي أبدا عن ديني وعن إمام صادق اليقين )) و (( الموت معك ياعم أحلى من العسل )) و (( الهي لك العتبى إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى )) و (( هيهات منا الذلة )) و (( إنما خرجت لطلب الإصلاح )) و (( على الإسلام السلام إذا إبتليت الأمة براع مثل يزيد )) و (( أنا أحق من غير )) و (( من كان فينا باذلا مهجته فليرحل معنا )) .. ومن أصحاب الحسين ع نتعلم الطاعة الخالصة للإمام والتنسيق التام مع قيادته والشجاعة الفريدة والمصابرة والتواصي والصمود وعدم المساومة .. والإنقطاع عن كل شي ماخلا الله تعالى . والدقة والتنظيم والإنضباط والمقاومة والوفاء بالعهد والأصالة والتحرر ولإستغناء عما سوى الله سبحانه واليقين والبصيرة والبناء الروحي .. فكانوا بحق خير أصحاب وأوفى أنصار . سيبقى عاشوراء درس جهاد وفداء لجميع المظلومين الثائرين والذين ينشدون الحرية .. وستبقى كربلاء درسا بليغا في الحرية .. فتلك أولوية كبرى من أولويات نهضة الحسين وثورته وقد عبر عنها كثيرا (( موت في عز خير من حياة في ذل )) وقال (( لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد )) وفي خطابه لجيش العدو قال (( ياشيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم )) .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
رجاء الشمالي
2010-12-08
ومن عاشوراء نتعلم أن المبدأ والرسالة قمة مقدسة تحرم المساومة عليها ويمنع التنازل عنها ولا يسترخى إزاءها .. (( أشداء على الكفار رحماء بينهم )) .. في ذات الوقت الذي يتطلب القبول بالآخر كما هو لا كما نريد ونحاوره فيما عنده وما نريد دون مجاملة فكرية أو سياسية . قراءة ملتفتة وواعية وهكذا يجب أن نقرأ الحسين بارك الله سيدنا الكريم وبإنتظار إبداعك
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك