المقالات

اقتراح يضع القادة السياسيين في متحف الشموع

739 12:20:00 2010-11-14

* بقلم خليل الفائزي

لا يعرف ‍لماذا يتصور معظم القادة السياسيين في العراق و دول الجوار و ما تسمى بدول التحالف التي تحتل العراق، الشعب العراقي و الرأي العام بهذه السذاجة او البساطة و لماذا شاغل هؤلاء العالم على مدى 8 اشهر او اكثر و أقاموا الدنيا و لم يقعدوها بسبب إصرار كل حزب سياسي على تولي المناصب العليا و اعتبار نفسه هو الفائز في الانتخابات النيابية الأخيرة، و في النهاية يتفق هؤلاء القادة ومن يدعمهم في دول الجوار و التحالف المحتل على عقد اجتماع عريض في مدينة اربيل و ما تبعه من اجتماعات سرية عاجلة في بغداد و مدن أخرى لكي يتفقوا بان لا يتفقوا و يولدوا أزمة اكبر من الأزمة التي زعموا انهم انهوها و تجاوزوها في الأيام الماضية؟

و مع ان غالبية المواطنين في العراق و سائر دول المنطقة و العالم قد يأسوا من مشاهدة الصراعات السياسية على الساحة العراقية و ملوا متابعة مطالب هذا الحزب و مواقف تلك الجبهة الا ان الكشف عن توصل قادة الأحزاب السياسية فجأة و دون إعلان مسبق الى اتفاق شامل للشراكة السياسية أعاد جزء من الأمل في قلوب الذين كانوا يطالبون و بإصرار تطبيق القانون و مواجهة الجماعات الإرهابية و المسلحة و تحسين الوضع الاجتماعي و الاقتصادي و إرساء بنى المجتمع المدني الواقعي في العراق الجريح، و فجأة ايضاً ينعقد اجتماع مجلس النواب و يتم اختيار رئيسه و نوابه وسط التصفيق الحار من قبل النواب الذي هم يعتبرون أنفسهم وكلاء و ممثلين عن الشعب بعد فتح ستارة المجلس ، و لم تمر سوى دقائق حتى أسدلت الستارة و خرج نواب "القائمة العراقية" من البرلمان و لحقهم رئيس مجلس النواب تباعاً اعتراضا على نقض اتفاق الشراكة، و أعلن زعيم القائمة السيد ايادي علاوي بعد ذلك موت او بالأحرى إلغاء نص اتفاق الشراكة مع حكومة السيد نوري المالكي و رئاسة السيد جلال الطالباني

من البديهي التأكيد هنا ان من حق نواب البرلمان اختيار رئيس الجمهورية و تسمية رئيس الوزراء وانتخاب رئيس البرلمان بكل حرية و دون قيود غير دستورية، لكن من حق المواطنين على الأقل الاطلاع مسبقاً عن فحوى و محتوى اتفاق الشراكة الذي تم التوصل إليه في اربيل و تدوينه في بغداد بين قادة القوى السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية، و من حق المواطنين ايضاً معرفة نوع هذه الشراكة و الخطط التي اتفقوا عليها لمواجهة هالة الأزمات السياسية و الأمنية والاقتصادية ، و لماذا لم يتجاوز عمر هذا الاتفاق سوى عدة دقائق فقط اي استمر فقط لاختيار المسئولين السابقين مرة أخرى و تجديد انتخاب رئيس مجلس النواب فقط، و هل ان كل هذه الخلافات التي دامت عدة اشهر كانت من اجل كما يقال في المثل المعروف انهم "يفسروا الماء بعد جهد بالماء! "، و ان يتم تعيين المسئولين السابقين وسط التصفيق الحار للنواب و الإعلان غير الواقعي عن انتهاء الأزمة و الخلافات السياسية بين القوى الناشطة في الساحة؟

ان من ابسط قواعد اللعبة السياسية او ما يعرف بالديمقراطية هو احترام أصول هذه اللعبة و احترام رأي غالبية الشعب و فتح المجال واسعاً أمام كافة القوى الموالية للحكومة و المعارضة لها لبيان وجهة نظرها و الإعلان عن مواقفها بكل حرية وفقاً لبنود الدستور و في إطار القانون ، و ليس ان يتآمر هذا الطرف السياسي ضد منافسيه او يحتكر ذاك الطرف السياسي السلطة دون اشراك القوى المعارضة او الفئات الناقدة في اللعبة الديمقراطية و التنافس السياسي

اننا دعاة إرساء المجتمعات المدنية قد أكدنا و نؤكد مرة أخرى ان أساس و جوهر الأزمة السياسية الراهنة في العراق هو تقسيم السلطات على أساس طائفي و هذا التقسيم الذي فرضه الاحتلال الأمريكي قسراً على إرادة الشعب العراقي هدفه الأول و الأخير تأجيج النزاعات الطائفية و تقسم الشعب و تقطيع أوصال البلاد و جعله عرضه للنزاعات و الحروب الأهلية، و هذه الأزمة التي افتعلها المحتلون و الحاقدون على إرادة الجماهير في العراق هي نسخة طبق الأصل مقتبسة من الوضع السياسي و الطائفي في لبنان حيث منح الاستعمار الفرنسي رئاسة الجمهورية و الجيش للمسيحيين و الحكومة للسنّة و رئاسة البرلمان للشيعة، مثل هذا التقسيم الطائفي و غير المنصف و غير العادل و غير المدني هو أساس استمرار الأزمة الطائفية و السياسية في لبنان منذ جلاء الاستعمار الفرنسي على الظاهر من لبنان عام 1946 و حتى يومنا الحاضر

نحن و غالبية الشعب العراقي نستغرب قبول قادة القوى السياسية و زعماء الطوائف الدينية بقرار تقسيم السلطات على أساس طائفي غير حضاري. ربما ان حق الأكراد اكثر من رئاسة الجمهورية و عدة وزارات، و ربما ايضاً ان حق السنّة اكثر من منصب رئاسة مجلس النواب و بعض الوزارات ، و ربما كذلك ان حق الشيعة اكثر من منصب رئاسة الوزراء و بعض الوزارات، و كذلك ربما ان من حق القوى السياسية و القوميات والطوائف الدينية و غير الدينية الحصول على مناصب عليا في أركان الدولة و الحكومة ، فأي قانون او دستور او قرار وطني و دستوري يمنع كل عراقي وطني و مؤمن بسيادة البلاد و عزته و يدافع عن حقوق المواطنين و يحترم إرادة الشعب و لا يرتبط بأي جهة أجنبية مهما كانت ، من ان يحصل على منصب تحتكره الان الطوائف و القوى السياسية الحالية؟

لم يعرف العراق و منذ تاريخه السياسي المعاصر اي خلافات او حروب او نزاعات أهلية على خلفية طائفية، و لم يشهد العراق حتى في احلك ظروفه السياسية و حقبة قمع حريات الشعب في الأنظمة السابقة اي من هذه النزاعات سوى انها تأججت و انتشرت كالنار في الهشيم تطبيقاً للمخطط الأمريكي بعد احتلال العراق من خلال الزعم ان هذه الطائفة تستحق هذا المنصب و ان من حق تلك القومية استحواذ تلك المسئولية الحكومية

و مع انه من المبكر الحديث عن مدى مشاركة او عدم مشاركة القائمة العراقية او غيرها من القوى السياسية و الطائفية في تشكيل الحكومة، الا إننا نجزم هنا من ان عودة او مشاركة جميع القوى السياسية الحالية في الحكم دون إلغاء قرار تقسيم السلطات على أساس طائفي و قومي، لا يحل اي عقدة من الخلافات و الأزمات الراهنة بل ان الأزمات الأمنية و السياسية و الاقتصادية سوف تستمر و ستتصاعد و تتسع بدون ترديد و لن يتم احتوائها او تذليلها بسهولة لعدة أسباب منها ان بعض الطوائف السياسية و القومية ستتذرع بعدم تحقق مطالبها و عدم حصولها على مطالبها و ستدعم علانية و سراً مشاغلة الحكومة بالأزمات الأمنية و السياسية و وضع العراقيل في مسيرها للإطاحة بها او إظهار ضعفها و عدم قدرتها على حفظ الوضع الأمني على الأقل

ثانياً ان العديد من دول الجوار التي هي أساس دعم و إرسال و تجهيز الجماعات الإرهابية ستواصل مخطط تأزيم الوضع الأمني و بث الخلافات بين القوى السياسية لاضعاف إرادة الشعب العراقي و الحيلولة دون انتقال تجربة العراق الجديد او بالأحرى أزمة العراق السياسية و الأمنية الى تلك الدول، و كذلك استمرار تصدير العناصر الإرهابية و الأفكار المتطرفة من دول الجوار و حصر نشاطها في الساحة العراقية

ثالثاً و هو الموضوع الأهم ان الاحتلال الأمريكي و من اجل تبرير وجوده الغاشم و غير القانوني في العراق لابد له من الإبقاء على قرار تقسيم السلطات على أساس قومي و طائفي و بالتالي يستمر احتلال العراق نهب خيرات و ثروات و نفط الشعب العراقي بواسطة الشركات الأمريكية و الأوروبية

قد يزعم البعض من ان الأزمة في العراق شائكة و معقدة جداً بشكل لا يمكن إلغاء قرار تقسيم السلطات على أساس طائفي او بعبارة أدق ان القوى السياسية و الطائفية الحالية هي ذاتها راضية و مقتنعة بمثل هذا القرار و تؤيده دفاعا عن مصالحها الفئوية ، لكن استقراء آراء غالبية الشعب العراقي يؤكد معارضة الأكثرية لمثل هذا القرار غير المدني و انه من السهل جداً و الأفضل كثيراً البحث عن جوهر الخلافات السياسية و الطائفية الراهنة و القضاء على بؤرة الأزمات الأمنية و إلغاء جميع القرارات الطائفية و القوانين التي لم يصوت او يوافق عليها الشعب العراقي والسماح لجميع العراقيين مهما كانت توجهاتهم السياسية و الطائفية و القومية بالتنافس الحر و في إطار القوانين المتعارف عليها لنيل و تولي المناصب العليا دون تمييز و دون قيود قومية او طائفية، و مثل هذا القرار اذا وافق عليه و نفذه القادة السياسيون الحاليون فسوف يثني عليهم المواطنون و يضعونهم في متحف الشموع تقديرا لهم بدلا من وضعهم في أماكن أخرى!

* كاتب و إعلامي ـ السويد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زئير فهل من اذان سامعه؟ اتقوا الله فيما تحكمون
2010-11-14
ان ذا يتطلب التجرد الأبهى والتمعن الأعلى والتطهر الأزهى فلا عودة للأغبياء البهل مارشالين ولا لعدي الأرجس جواهري ومحمد علي كلي ولا لابن حسين الشرطي الفاشل وزيرين ولا لرمضان الدنس خطافا للجيش الشعبي ولا للذباحين أرصفة والثرامين والدفانين ولا لشعراء السلاطين ابهة ولا للتشخيط الكارثة متحفظين ولمسرح خسأه مادحين ولا لكل نجاساته ضافرين مصفقين فهل سنرى المتجردين للوطن لا غير واختيار الأكفأ س أو ص كانت كتلته او طائفته او قوميته؟ وألا عدناالى مثلج وأبهل ومصفق وويه الصبح ووحيدالكهرباء وأيهم؟؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك