علي حسن الشيخ حبيب
الخوارج هم فرقة ظهرت اثناء حرب صفين في القرن الاول الهجري، والتي كانت بين علي بن أبي طالب عليه السلام ، و بين معاوية بن أبي سفيان ، حيث رأى معاوية أن علياً سيربح الحرب لو استمرت ، فأمر وبمشورة من عمرو بن العاص برفع المصاحف ، الأمر الذي دعى إلى التحكيم وكان أولئك المعترضون على قبول علي (ع) للتحكيم يسمون بالخوارج، وهم أنفسهم الذين كانوا قد أجبروه على القبول بالتحكيم ، ثم إنهم خرجوا عليه عليه السلام وحاربوه ، وكان من جملة ما احتجوا به لحربهم إياه : أن قالوا : ( زعم أنه وصي فضيّع الوصيّة ) كما ذكره اليعقوبي في تاريخه ...
حكم الخوارج على الامام علي عليه السلام بالكفر لأجل قبوله التحكيم، والذي قبل به الامام نتيجة لضغوطهم علية ، كما انهم كفَّروا عثمان بن عفان، وكذلك هم ايضا يكفرون طلحة و الزبير و عائشة وغيرهم...ويقول علي عليه السلام عن الخوارج : (( ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية فإنها فتنة عمياء مظلمة ، عمت خطتها ، و أصاب البلاء من أبصر فيها ، و اخطأ البلاء من عمي عنها . و أيم الله ، لتجدن بني أمية لكم أرباب سوء ، كالنار الضروس تعذم بفيها ، وتخبط بيدها ، وتزبن برجلها ، وتمنع درها ، لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم إلا نافعاً لهم ، أو غير ضائر بهم . ـ إلى أن قال ـ : ترد فتنتهم شوهاء مخشية ، و قطعاً جاهلية ، ليس فيها منار هدى ، ولا علم يرى)) انتهىاما اهم صفات الخوارج كما ذكرها المحقق السيد جعفر العاملي في الخوارج تاريخيا وسياسيا :-((1- لقد كان الخوارج عموماً أعراباً جفاة ، لا ثقافة و لا معرفة لديهم ، يشكلون بها خطراً على الدين بشبهاتهم و انحرافاتهم.2- إن دعوتهم لم تكن تنسجم مع الفطرة ولا تتقبلها العقول.3- حِدِّيتهم المتناهية في التعامل مع سائر المسلمين حيث لم يكن قلوبهم تعرف الرحمة، والشفقة، حتىمع الأطفال و النساء)) انتهى ...
عالج الامام عليه السلام قضية الخوارج بنوع من الحكمة و المرونة ، ثم بحزم و بحسم أيضاً ، حيث حاول علية السلام أولاً أن يقنعهم بخطئهم ، فناقشهم ووعظهم وأقاموا عليهم الحجة ،وقد اتت هذه السياسة بنتائج ايجابية حيث رجع منهم الألوف الى جادة الحق والصواب..فقد بقى حوالي أربعة آلاف منهم مصرين على محاربته (ع )، فقتلوا الأبرياء ،النساء والاطفال ، وأفسدوا في الأرض فسادا كبيرا مما اضطر (ع) لمحاربتهم للدفاع عن النفس ، وإخماد الفتنته، فحاربهم وقد نقل اصحاب التاريخ انه ، لم يبقى منهم إلا أقل من عشرة اشخاص، كما لم يستشهد من أصحابه (ع) إلا أقل من عشرة ...اما اهم فرق الخوارج وهي فرقة (الأزارقة):- و قد كانوا أعظم فرق الخوارج و أشدها فتكا بالابرياء والعزل ، وقد استولوا على اجزاء من العراق والأهواز وأرض فارس وكرمان. وإن هؤلاء يقولون بكفر جميع من عداهم ، ولا يحق لأصحابهم المؤمنين منهم أن يجيبوا أحداً من غيرهم إلى الصلاة إذا دعا إليها ، ولا أن يأكلوا ذبائحهم ، أو يتزوجوا منهم ، أو يرثوا منهم ، أو يورثوهم ، و يحل قتل أطفالهم و نسائهم ، ويحل لهم الغدر بمن خالفهم!!! .ويقول المؤرخون إن اؤلئك الذين أفلتوا من القتل قد أصبحوا بذرات أخرى للخوارج في مناطق عديدة فيما بعد.. وأما أولئك الذين رجعوا منهم ، فقد صاروا يخرجون عليه (ع )، فخرج منهم ألفان على الإمام في النخيلة، والأنبار ، والمدائن ، والكوفة ، فكان يقضي على حركاتهم تلك الواحدة تلو الأخرى بيسر وسهولة...وأن السر وراء خروج الخوارج ودفعهم لحرب الامام (ع) هو مجموعة من الناكثين ( طلحة - الزبير) ، و كان معاوية يتزعم القاسطين ، ويذكر ان الخليفة عمر بن الخطاب هو الذي جعله واليا على الشام ، وكان لمعاوية منزلة خاصة وعلاقة قوية مع عمربن الخطاب ،وبقي في منصبة في خلافة عثمان ايضا واليا على الشام ، حتى اصبحت بلاد الشام سفيانية الهوى من خلال تثقيف معاوية للشاميين بالنسبة لمقتل عثمان!
واما موقف علياً الذي حارب الخوارج واستأصلهم يوصي شيعته بأن لا يقاتلوا الخوارج بعده ، ويعلل ذلك بأنه (ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه)وقد حاول الأمويون ومن خلال دهاء وشيطنة معاوية الزج بأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم في حرب الخوارج فأرسل معاوية إلى الإمام الحسن عليه السلام و هو في طريقه من الكوفة إلى المدينة يدعوه لحربهم، فرفض عليه السلام طلبه و كتب إليه : (( لو آثرت أن أقاتل أهل القبلة لبدأت بقتالك)) ،وفي مناسبة وذكره عليه السلام بأن ليس من طلب الحق فأخطأه ، كمن طلب الباطل فأدركه فأسكت معاوية...وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، الذي كان له سياسة خاصة في تمييز العرب على غيرهم ، إن علياً لم يستطع حتى أن يمنع جنده من صلاة التراويح حيث تنادوا : يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر ، كما لم يستطع أن يعزل شريحاً عن القضاء ، لأنه منصوب من قبل عمر ، وقد بايعوه على أن لا يغير شيئاً مما قرره أبو بكر وعمر، على حد تعبيرهم!! .إن الذين حاربوا علياً في واقعة الجمل ، والذين يتعاطفون مع عثمان في محنته التي تعرض لها ، قد أصبحوا الآن في جيش علي عليه السلام فقد كانت احياء في الكوفة عثمانية التوجة والهوى والفكر والاعتقاد ، كما أن الناس كانوا بعد حرب صفين ، فيهم المعجب بنتائجها ، و فيهم الكاره.وان إنحسار دعوة الخوارج وتحجيم نشاطهم نتيجة سرعة تفرقهم ، وتشعبهم فرقاً وأحزاباً ، بسبب أنهم كما قال علي عليه السلام ـ : (( معاشر اخفاء الهام، سفهاء الأحلام )) الأمر الذي أعطى لأعدائهم الفرصة للاستفادة من هذه الحالة والسيطرة على قلوبهم وعقولهم وتسيرهم وفق الاجندات التي يريدها ..
فهل ياترى هناك الكثير من الشبة ونقاط الالتقاء في الاهداف والعقيدة والمنهج بين خوارج اليوم وعقيدتهم الخاوية مع خورارج الامس وعقيدتهم المنحرفة والمنقلبة على شرعية الخلافة ووصية الرسول؟وهل الوسائل واحدة في قتل الابرياء والعزل وتهديم دور العبادة والتنكيل بعقائد الناس وذبح ابناءهم؟؟
https://telegram.me/buratha
