التقارير

عودة طالبان: تأمّلات في الحدث/ ج8

1851 2021-09-27

  ادريس هاني *||   - كيف بإمكان حركة لها تاريخ من المشكلات مع معظم الجوار باستثناء باكستان، أن تصبح بين يوم وليلة دولة سلام وصفر مشكلات؟ هذا بالفعل عالم سحري بامتياز.  ألم يكن هذا هو شعار حكومة أوردوغان نفسها كما نظّر لها وزير خارجيته السابق أوغلو في "العمق لاستراتيجي"؟ ما الذي حدث فيما بعد؟ حرب في كل الاتجاهات، إقالة صاحب النظرية نفسه، التي سقطت في الوقت نفسه الذي كان لا زال ينهض بحقيبة الخارجية، حيث وضعتها الأحداث الجارية في المحكّ. ثمة نظريتان أسقطتهما الأحداث في سوريا: 1- ثورات اللاّعنف لجين شارب 2- نظرية صفر مشكلات لأحمد داوود أوغلو. نتساءل: هل تملك طالبان من المصداقية والتاريخ والثقافة والخبرة ما يمكنها من تحقيق ما عجز عنه أوغلو، أي صفر مشكلات؟ -تواجه حكومة طالبان حالة انتظار طويلة ومعقدة، هي تنتظر مبادرات للاعتراف، والآخرون، كما صرح المسؤولون في موسكو، يراقبون سلوك طالبان. هذه الأخيرة تدرك أنها تحت المراقبة، إنّها ستجتهد في تقديم صورة ناعمة عن سلوكها الذي تفضحه أشكال التنزيل القانوني، ولكن طالبان أيضا تملك من الذكاء ما يجعلها لن تفرط في أوراق القوة، ولعل أهمها ، محاولة إظهار أنها القوة الوحيدة الضاربة في أفغانستان. وسيبتلع الكثيرون هذا الطّعم. ما يقع حتى الآن في منطقة آسيا الوسطى هو شكل من تأجيل الأزمة وليس حلاّ استراتيجيا لها. ليس الأمر يتعلق هنا بعدم الثقة في سلوك طالبان، بل بدأت لا أثق في من يتعاطى بحسن نية مع طالبان؛ إنّ حسن النّية هذا لم يعد مقنعا. - تشكو المنطقة كما هو الوضع في الشرق الأوسط من تطور أزمات بيئية، ستجعل المياه عامل تأزيم إضافي على المدى البعيد. بين أفغانستان وإيران قضية تتعلق بنهر هلمند الذي يعتبر أطول نهر يعبر أفغانستان من مرتفعات هندوكوش حتى بحيرة هامون على الحدود الإيرانية. وكانت إيران وأفغانستان قد وقع كل منهما على اتفاقية 1973، التي تؤطّر توزيع المياه، إلا أن إيران احتجت على أنّ هناك إخلالا من الطرف الأفغاني بهذه الاتفاقية، لا سيما بعد بناء سدّ كمال خان بمنطقة نيمروز الحدودية. وكان أشرف عبد الغني قد صرح عند افتتاح السّد: "سوف نعطي إيران المياه مقابل النفط".  -لعل المتضرر الأكبر من شحة المياه القادمة من أفغانستان هما إقليمي بلوشتسان وسيستان، فبسبب الجفاف هاجر ما يعادل 30 في المائة من ساكنة المنطقة إلى هوامش المدن الإيرانية الأخرى.  وكان مولوي عبد الحميد زعيم الطائفة السنية في إيران، وهو من المدافعين عن طالبان، بأنّ هذه الأخيرة وعدت بحلّ مشكلة المياه.  -نقلت قبل قليل وسائل إعلام شهادات من شهود عيان عن تعليق طالبان لبعض الجثث، وذكر آخرون بأنّ طالبان ستقوم بتطبيق الحدود بطريقة غير معلنة. السؤال الأهمّ: وفق أي تأويل للشريعة سيتمّ تنفيذ العقوبات سرّا، وفي هذا تأمّلٌ شطر منه كالتالي: - الحكمة من العقوبة في الشريعة تقتضي العلنية إن كانت مقاصد الحدود والتعازير هو الردّع، فلا قيمة للسرية. - الأحكام في الشريعة لا تقوم إلاّ على أساس العدالة وجدل الحقوق والواجبات. ستقطع طالبان يد السارق في بلد منكوب يعيش الهشاشة ويقع تحت خطّ الفقر، ستقيم الحدود على الشبهة الأيديولوجية والظّنة العدوانية، هذا فضلا عن أنها تقيم الحدود قبل قيام الدولة، هذا ليس فقها حتى في المدرسة الحنفية. - قبل دقائق من كتابة هذه الفقرة، كانت طالبان قد بعثت بقواتها الخاصة إلى ولاية تخار على الحدود الطاجيكستانية، كما صرح المتحدث باسم الحركة ذبيح الله. معارك طالبان القادمة لا حدود لها. ومع ذلك يضفي الإعلام الكثير من الصور الناعمة على حركة همّها الأساسي الظفر بإمارة أصولية في منطقة بالغة الحساسية. -تدرك واشنطن بأنّ هناك من يهمّه فقط أن تنسحب واشنطن، وكل شيء بعدها يهون، وهي لذلك رمت بطالبان بين أيدي روسيا وإيران والصين كقنبلة، وحشرتهم في الزاوية ، حيث همّهم الوحيد اليوم أن لا تقع على الأرض. إنّ السياسة الأمريكية تقوم على المناورة،وهي في المنطقة خليط من حسن وسوء النّية. -إشغال المنطقة بأزمات وحروب قادمة أمر له صلة بتدابير أخرى تتعلّق بمصير القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط، وأخرى تتعلّق بنقل السيناريو ذاته إلى آسيا الوسطى لعرقلة الوتيرة التي تتقدّم بها الصين.    ادريس هاني: كاتب وباحث من المغرب 25/9/2021
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك