الأهوار «الفردوس المفقود» يعود إلى سحره القديم

تعد الأهوار التي يصفها مختصون بـ «الفردوس المفقود» في جنوب العراق من المناطق الخلابة على المستوى العالمي لما تملكه من سحر طبيعي. فقد اعيدت الحياة لهذه المناطق بعد زوال النظام المباد في عام 2003، حيث هدمت السدود التي حجبت المياه عنها واعيدت الحياة الى اكثر من 40 بالمئة من مساحتها. وتمثل الأهوار نظاماً بيئياً فريداً تمكن عبر عدة قرون من إدامة تنوع هائل من الحيوانات والنباتات الفريدة، كما مكنت طبيعتها ومساحتها الشاسعة سكانها من تطوير اسلوب حياة متميز، وتعمل الحكومة المحلية في محافظة ميسان جاهدة على ايصال الخدمات إلى القرى التي عادت على ضفاف الاهوار.

إدراج الأهوار

ومن المتوقع ان يتم التصويت على إدراج الأهوار والآثار العراقية ضمن لائحة التراث العالمي في اجتماعات اليونسكو المقرر عقدها منتصف تموز المقبل في تركيا.
 

النائب الأول لمحافظ ميسان جاسب كاظم الحجاجي أكد عودة الحياة الطبيعية إلى الأهوار من خلال توفير كافة الخدمات التي تسعى المحافظة جاهدة لتوفيرها لابناء المنطقة، مبينا ان ادراج الأهوار ولاسيما هور الحويزة على لائحة التراث العالمي كمحمية طبيعية سيحافظ على الحياة البيئية الموجودة فيها، ولاسيما الأنواع النادرة من الاسماك.
وقال الحجاجي في حديث لـ»الصباح» :ان الأهوار موضوعها تاريخي مرتبط بابناء المحافظة تراثيا وحضاريا واجتماعيا، لذلك نجد هنالك ارتباطاً روحياً بين الأهالي وبيئتهم، وبعد سقوط النظام طالب أبناء هذه المناطق باعادة الحياة ومستلزماتها إلى الأهوار كسابق عهدها قبل التجفيف في ثمانينيات القرن الماضي لحبهم لها وحاولوا كسر بعض السداد لتغذيتها بالماء، وبعدها بدأت السلطات المحلية بوضع القنوات والسدود لتغذية الاهوار.

مراحل عصيبة

وأضاف ان الاهوار قبل سقوط النظام السابق مرت بمراحل عصيبة جداً بحقها جغرافياً وبحق سكنتها حيث لم تجفف الأهوار فقط وانما تم تهجير سكنتها وجوارهم، مؤكدا ان تجفيف الاهوار في ذلك الوقت يعد جريمة بيئية يتحمل مسؤوليتها العالم الذي وقف متفرجاً على هذه الكارثة حينها.
وتابع: بعد سقوط النظام كان الهم الأول للمحافظة هو اعادة الاهوار الى طبيعتها من خلال اعادة السكان على ضفافها وهو امر دفع الحكومة المركزية

الى تخصيص حقيبة وزارية لهذا الأمر لما له من أهمية، مبينا ان لجنة انعاش الأهوار تشكلت في  ضوء ذلك من اجل وضع الخطط والاشراف على خدمة بيئة الاهوار بكل ما يلزم وتم ايصال العشرات من الخدمات إلى تلك المناطق في الأهوار الشرقية والغربية من طرق معبدة وكهرباء وماء وبناء للمدارس والمراكز الصحية وهو أمر أدى إلى بدء الاهوار باستعادة عافيتها.
إيرادات المياه

أما بشان تغذية الأهوار من ايرادات المياه، فأوضح النائب الأول للمحافظ ان للمحافظة موقفين بشأن ايرادات تدخل الأهوار من الجانب الشرقي يكون تغذيتها من سدة الكحلاء وناظم الكحلاء والمشرح وبعض الروافد البسيطة من شمال قلعة صالح والغربية من قضاء المجر وبعض التفرعات الموجودة وهذه تكون بحدود 300 ـ 400 متر مكعب من المياه، منوهاً بأن قلعة ناظم الكحلاء وناظم المشرح يغذيان أهوار الحويزة مباشرة فضلا عن مغذيات من الجانب الإيراني بحسب المواسم. وفي ما يتعلق بالثروة الحيوانية في الاهوار ولاسيما هور الحويزة الذي من المؤمل ان يدخل كمحمية طبيعية ضمن التراث العالمي، قال الحجاجي: ان هور الحويزة من الأهوار القديمة والعريقة ولاسيما في نوعية الاسماك، مبيناً ان الحياة البيئية الطبيعية عادت إلى أهوار ميسان وخاصة في بركة أم النعاج في هور الحويزة التي تحتفظ بالكثير من الاسمالك غير الموجودة في أي مكان في العالم.

دور وزارة الزراعة

واشاد نائب محافظ ميسان بدور وزارة الزراعة في الحكومة المركزية التي عملت منذ عودة الحياة في الاهوار الي وضعها الطبيعي على توفير الاصبعيات ومراقبة نموها، مشيراً إلى ان الجفاف وقلة المياه يؤثران في تكاثر الأسماك.

وكان المركز الإنمائي للطاقة والمياه أكد انه يعمل على إعداد لوحة بطول ألف متر تهدف إلى ترسيخ دعوة إدراج الأهوار على لائحة التراث العالمي بمشاركة عدد كبير من الرسامين والمهتمين بملف الأهوار.وقال رئيس المركز ليث شبر في بيان صحفي: لأهمية موضوع الاهوار تم اطلاق لوحة حملت عنوان «صوتك وطن» تحمل تواقيع ورسومات تجسد مكانة هذه المنطقة وتأريخها، ولكي تكون هذه المنطقة عالمية لها ميزات تنعكس ايجابيا على أهلها أولا والعراق ثانياً، مضيفاً أن عددا كبيرا من الرسامين في المنطقة من المهتمين برسم مناظر الاهوار سيشتركون بإعداد اللوحة، فضلا عن مشاركة رسومات للأطفال وبصمات أصابعهم.

تواقيع السكان

وأكد شبر ان المركز وبالتعاون مع قائممقامية الجبايش، يعمل على اعداد لوحة طولها ألف متر، ستتضمن تواقيع السكان المحليين والزوار العالميين، منوهاً بان الحملة على هذه اللوحة ستبدأ من منطقة الجبايش كونها منبع الاهوار.

وأوضح ان لدى المركز مقترحا يهدف إلى ربط المعالم التاريخية في العراق من خلال الذهاب إلى مناطق أخرى كشارع المتنبي في العاصمة بغداد والرسم على أقمشة، توضح الترابط التاريخي للعراق من الشمال إلى الجنوب، داعياً المهتمين من الفنانين إلى المشاركة في وضع لمساتهم وبصماتهم ضمن هذا العمل لضمان دخوله إلى موسوعة «غينيس».