التقارير

العراقيين بين الماء والدماء: وقود المعركة ضد داعش

1385 2014-05-30

تسببت الفيضانات الناجمة عن الإغلاق المتعمد لأحد السدود الكبيرة على نهر الفرات في تدمير قرى ومزارع عبر منطقة تمتد إلى 200 كيلو متر مربع غرب بغداد، مما أدى إلى تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص وتركهم عرضة لمخاطر الإصابة بالأمراض التي تنتقل عبر المياه مثل الكوليرا.

وتهرع المنظمات الإنسانية الآن- المنهكة بالفعل لأقصى حد في محاولة للاستجابة لقرابة 434 الف نازح بسبب القتال في محافظة الأنبار المضطربة - لإيصال الأغذية ومستلزمات المأوى والنظافة العامة إلى نحو 40 الف أسرة متضررة من الفيضانات التي حدثت في منطقة أبوغريب والمناطق المحيطة بها في شهر أبريل/ نيسان.

من ناحية أخرى، بدأت المياه الآن -التي وصلت في ذروة الفيضانات على بعد بضعة كيلومترات من مطار بغداد الدولي- في الانحسار ببطء من منطقة أبو غريب، ومن ثم بدأت بعض الأسر في العودة إلى ديارها. ولكن يعتقد أن سد النعيمية، في مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، لا يزال تحت سيطرة المليشيات التابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام، ويُخشى من أنها يمكن أن تحدث المزيد من الفيضانات في أي وقت.

وتعليقاً على الوضع في تلك المنطقة، قالت إليانا نبعة، المتحدثة باسم بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) "لا تسيطر الحكومة بشكل كامل على المنطقة أو السد... لذا ليس هناك أي سبب يدعو إلى الاسترخاء لأن 'الفيضانات' قد تحدث مرة أخرى".

وعلى الرغم من هذه المخاطر، فقد بدأت بعض الأسر، التي لجأت إلى العيش في أراض مرتفعة وفي المحافظات المجاورة، العودة إلى المناطق التي ضربتها الفيضانات بغية تقييم الأضرار واستعادة ما تبقى من منازلها ومزارعها.

ومن غير الواضح بعد عدد الأشخاص الذين لا يزالون بلا مأوى نتيجة للطرق المقطوعة بسبب المياه والوضع الأمني المتدهور في منطقة أبو غريب، التي تحد من إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية، ولكن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن عدد الأسر التي نزحت قسراً في ذروة الفيضانات وصلت ما بين12 الف إلى 20 الف أسرة.

وقد قال عثمان عادل، رئيس بلدية أبو غريب "هذه فوضى عارمة ومأساة حقيقية. كل شيء مدمر ولا شيء يعمل ولدينا العديد من المشكلات".

وأضاف "لقد حدثت الفيضانات بشكل مفاجئ في غضون يوم. كان الناس خائفين جداً واضطروا إلى ترك منازلهم بسبب تدفق المياه والشعور بعدم الأمان".

وأوضح أن الفيضانات قد ألحقت أضراراً بنحو 49 قرية وأكثر من 10 آلاف منزل. وأوضح أن خمسة أشخاص قد توفوا، بعضهم بسبب لدغات الثعابين التي تعيش في الماء.

وناشد المجتمع الدولي لتقديم المساعدة قائلاً " يستغرق إعادة بناء كل هذا وقتاً طويلاً، هناك الكثير من الأضرار ونحن بحاجة إلى المساعدة".

وتشير التقارير إلى أن المسلحين التابعين للدولة الإسلامية في العراق والشام قد أغلقوا سد النعيمية، الذي يقع على بعد حوالي 5 كيلومترات جنوب مدينة الفلوجة، في مطلع شهر أبريل/ نيسان، بعد السيطرة على أجزاء من محافظة الأنبار في شهر يناير/ كانون الاول في أعقاب انسحاب قوات الأمن العراقية من المدينة.

وكانت القوات الحكومية قد انسحبت بسبب تهديدات من الجماعات القبلية السنية، في أعقاب الإغلاق القسري لمخيم احتجاج سني مناهض للحكومة في الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار.

وقال محللون أن الهدف الأساسي للدولة الإسلامية في العراق والشام هو قطع إمدادات المياه عن جنوب البلاد، لأن غالبية السكان هم من الشيعة ومتعاطفون مع الحكومة. ولكن إغلاق السد أدى إلى ارتفاع مستوى المياه في قناة الري في أبوغريب، مما تسبب في فيضانات واسعة النطاق في المنطقة ذات الأغلبية السنيّة.

ووصف شهود عيان لعاملين في مجال الإغاثة كيف تدفقت موجة من الفيضانات تتحرك بسرعة 5 كيلومترات في الساعة صوب المنازل وعبر الحقول، فغمرت المدارس وسحبت المواشي بعيداً وأجبرت الأسر على الفرار باستخدام عوامات مصنوعة من قطع الأثاث.

وفي 6 مايو/ ايار، تم إنشاء فتحه في المصب من سد النعيمية للسماح بتصريف المياه، ولكن ذلك ترك عشرات القرى من دون مياه على الإطلاق، وهم يعتمدون الآن على إمدادات المياه بواسطة الشاحنات.

وقالت إليانا نبعة، المتحدثة باسم يونامي "القضية ليست التمكن من فتح بوابة واحدة وبعد ذلك سيكون كل شيء على ما يرام...إذ لا يزال لدينا فيضانات وهناك توقعات بأنه يكون لذلك أثر سلبي طويل الأجل على المنطقة وعلى الزراعة حتى بعدما تنحسر الفيضانات. كما حدثت الفيضانات في وقت الحصاد مما أدى إلى تدمير الكثير من المحاصيل".

مخاطر تفشي الأمراض

ووصف محمد البهبهاني، وهو مسؤول إعلامي في برنامج الأغذية العالمي في العاصمة بغداد، الذي قام بزيارة منطقة أبوغريب في وقت سابق من هذا الشهر، مشهد المباني المتضررة والمحاصيل المدمرة قائلاً "معظم هؤلاء الناس هم من المزارعين، الذين يقتاتون من أراضيهم، يأكلون مما يزرعون، ويبيعون ما زاد عن حاجتهم للحصول على بعض النقود. لكن الفيضانات دمرت سبل كسب العيش وتركتهم دون طعام".

وقال رئيس بلدية أبوغريب "'النازحون' يعانون بسبب عدم توفر مياه الشرب كما أنهم يصابون بالأمراض. لقد ظهر على بعضهم طفح جلدي وأصيب آخرون بالإسهال".

وقال البهبهاني أن هناك قلقاً متزايداً من خطر تفشي الأمراض نظراً لكم المياه الراكدة، والتلوث العام وحرارة الصيف. مع ذلك، وحتى الآن، لم يحدث أي تفش كبير لمثل تلك الأمراض.

ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أصبح عدد من الأسر المتضررة من الفيضانات ضمن النازحين داخلياً، وذلك بعد أن فروا من العنف في محافظة الأنبار.

وقالت ناتاليا بروكوبتشوك، مسؤولة العلاقات الخارجية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "لقد كانوا ضعفاء للغاية بالفعل والآن تشردوا مرة أخرى".

وأضافت أن العديد من النازحين كانوا يخيمون في حظائر الدواجن والمزارع ولذلك تضاعفت معاناتهم ونسبة تعرضهم للمخاطر عندما حدثت الفيضانات.

وأوضحت "ترد إلينا تقارير عن أشخاص يعانون من الأمراض التي تنتقل عبر المياه، لاسيما أولئك الذين نزحوا من محافظة الأنبار... فهؤلاء لا يملكون المال للحصول على الخدمات الصحية والوضع الصحي لا يبدو جيداً".

وفي السياق ذاته، قال زاك توماس، مساعد مسؤول المشاريع في المنظمة الدولية "بدأت المياه بالانحسار ولكن لا تزال هناك الكثير من المستنقعات... لقد أبلغتنا المجالس المحلية بأن مياه الصرف تختلط بالمياه الزراعية والمياه الراكدة وهذا يصيب الناس بالأمراض".

تدمير المحاصيل

وأضاف قائلاً "لقد دمرت محاصيل الطماطم والبطاطس والبامية بأكملها وهؤلاء الذين لم يفقدوا مواشيهم يجبرون الآن على بيعها لأنهم يحتاجون إلى مبالغ نقدية لشراء المواد الغذائية ولعدم وجود مكان للاحتفاظ بها".

وفي إطار استجابة منسقة، تقوم فرق من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف بتقديم مراتب وجراكن ومواقد للطهي ومواد غذائية ومستلزمات النظافة واللوازم الطبية.

وتقوم منظمة اليونيسف بإرسال شاحنات المياه النظيفة إلى القرى وتنظيم حملات للنهوض بالنظافة العامة، فيما تقوم المنظمة الدولية للهجرة بتوفير اللوازم غير الغذائية.

وبدأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مؤخراً بتقديم معونات نقدية للأسر الأكثر ضعفاً. مع ذلك، لم يواكب حجم المعونات عدد الأشخاص المتضررين.وتأتي هذه الفيضانات والنزوح في الوقت الذي يئن العراق تحت وطأة ارتفاع أعمال العنف الطائفية التي تثير مخاوف حول احتمال انزلاق البلاد في أتون الحرب الأهلية مرة أخرى.

إضافة إلى ذلك، يحد تصاعد أعمال العنف وانعدام الأمن من قدرة العاملين في المجال الإنساني على إيصال المساعدات، في حين يهدد تدني مستوى التمويل القدرة على الاستجابة.

والجدير بالذكر أن الأمم المتحدة قد أطلقت في شهر مارس نداءً عاجلاً لجمع 103 ملايين دولار لتوفير المواد الغذائية والمأوى والمستلزمات الطبية والمياه وإمدادات الصرف الصحي، من أجل دعم النازحين داخلياً من محافظة الأنبار، ولكن حتى الآن لم يتم جمع سوى 10 بالمائة من المبلغ المطلوب.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك