صونيا رزق
تشير المستجدات السياسية والعسكرية المخيّمة على سوريا الى إشتداد المواجهات والاحداث هناك، حيث يواجه النظام السوري إضطرابات كبرى مرشحة للبقاء مدة طويلة، بعد دخول كل اشكال وانواع المسلحين ومن مختلف الجنسيات للمشاركة مع المعارضة السورية في القتال، مما افسد مبادئ هذه الثورة بعد سيطرة الموجة الارهابية التكفيرية على معالمها، وهذا بالتأكيد سيؤدي بها الى مواجهة صعوبة كبيرة في إثبات وجودها كثورة تدافع عن الشعب السوري، اي ستعمل من الان فلاحقاً على خلق مبررات عديدة بشأن خياراتها في هذه المرحلة الدقيقة، كما ان وضعها بات ضعيفاً امام المؤيدين والمعارضين معاً ، بالاضافة الى ان سقوط النظام السوري بات ضعيفاً بعد الانفتاح الايراني- الاميركي .
وفي اطار تداعيات ازمة سوريا على لبنان، فقد دخلت منذ بدايتها على خط النزاع وكانت مصدر رهانات بين السياسيين اللبنانيين ولا تزال وإن خفت وتيرتها بعض الشيء، ففريق 8 آذار كان وما زال يردّد ان ما يجري في سوريا هو تكملة للمشروع الاميركي- الاسرائيلي، معتبراً ان النظام السوري لن يسقط لأنه مبني على ثقة الشعب وعلى المواقف والتحديات والمواجهة، ويرى ان خطابات الرئيس بشار الاسد لم تكن نتيجة ضغوط اميركية واوروبية انما جاءت نتيجة قناعات للقيام بإصلاحات، وما يجري في سوريا ليس بتظاهرات ضد النظام بل حوادث امنية ينفذها مسلحون تكفيريون وارهابيون لا علاقة لهم بالشعب السوري، ويشير الفريق الى ان النظام باق وفي حال العكس فمن الذي سيأتي الى الحكم؟، ويردّد بأن سوريا متينة في داخلها وذلك انطلاقاً من وعي قيادتها وتماسك جيشها، وهي بالتالي محصّنة بالجمهورية الاسلامية – الايرانية إضافة إلى موقفيّ روسيا والصين المؤيدين لها.
اما على جبهة فريق 14 آذار فالرأي معاكس تماماً، اذ ان التأييد مطلق للشعب السوري في نضاله والسؤال: «لماذا لا يعطي الشعب حقه الطبيعي بالعيش بحرّية وكرامة؟»، كما ان البعض يعتبر ان النظام سيسقط والرهانات عديدة في هذا الاطار، والاتهامات طالت تيار «المستقبل» بصورة خاصة حين إتهمه فريق الاكثرية بأنه يرسل السلاح للمقاتلين في سوريا في حين يؤكد مسؤولوه «لو كنا نملك السلاح كما يدعّون فكيف سمحنا لحزب الله بإحتلال بيروت في 7 ايار؟».
وعلى الخط الوسطي فيعتبر مراقب سياسي ملّم بالشؤون العسكرية انه بغض النظر عن رأيه بالنظام ، فطالما لم يسقط منذ الاسبوع الاول فهو ماض في ترسيخ أقدامه، وهو لن يسقط إلا عن طريق الجيش العقائدي، ورأى ان الولايات المتحدة في حالة ارباك في تعاطيها مع ما يجري في سوريا منذ ان بدأت الثورة، خصوصاً انها في ما مضى لم تعلن موقفاً رسمياً في هذا الاطار، والكل يتذكر ما جاء منذ سنوات على لسان وزيرة خارجيتها السابقة هيلاري كلينتون بأن الاسد فقد مصداقيته، فإذا بالبيت الابيض يسارع بعد ساعات قليلة على سحب التصريح لانه يعّبر عن رأي كلينتون شخصياً كما جاء في البيان حينها، مما يؤشر الى اقتناع أميركي ببقاء نظام الأسد ولكن مع تغيير سلوك هذا النظام لانه يريد منه سلوكاً انفتاحياً، مؤكداً بأن الولايات المتحدة تهدف الى إنهاك الفريقين اي الاسد ومعارضيه، لانها تهدف الى خلق شرق اوسط جديد قريباً بدول عربية منهكة على كل الاصعدة.
وسأل المصدر: ماذا عن البديل؟، لافتاً الى انه لا يرى تغييراً سريعاً هناك ، لكن في المقابل نحن مقبلون على تغيرات، لذا علينا أن نكون حذرين في التعاطي مع هذه المرحلة لانها خطرة، وقال: «اننا في زمن التحولات الكبرى في المنطقة، وما تشهده حالياً سينتهي باعتماد خريطة طريق جديدة يمكن إدراجها تحت عنوان عريض هو التغيير الجذري والنوعي في الشرق الأوسط، لكن معالم هذا الشرق الجديد ليست واضحة بعد ، والثورات العربية تقدّم الدليل على أنها لم تأتِ حتى الآن بالأفضل، وأن التغيير لا يتم بإسقاط النظام فحسب، بل بالعمل على إيجاد البديل غير انتشار الفوضى، ورأى ان المرحلة الانتقالية في الدول العربية بالغة الصعوبة.
الديار
34/5/131213
https://telegram.me/buratha