التقارير

تركيا ونصف الحقيقة

1490 09:14:00 2013-12-13

 

أمجد عرار

تحذير الرئيس التركي عبدالله غول من تهديد انتشار التطرف في سوريا على أوروبا ومن خطر تحوّلها إلى أفغانستان على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، له ما يدعمه من المعطيات والوقائع والشواهد التي لم يستطع غول الاعتراف أن حكومة بلاده سبب رئيسي فيها .

حين يحذّر من الخطورة المتزايدة لانتشار أفكار التطرف بين أوساط الناس العاديين في مختلف أنحاء سوريا على أيدي الجماعات الجهادية، وأن هذه الخطورة لا تقتصر على سوريا وحدها، فإنه يقول نصف الحقيقة ويخفي النصف المتعلّق بسياسة رئيس حكومته أردوغان وحزبهما الإخواني الذي اعتقد ذات ليلة ربيعية أن الظروف مهيأة لترجيع شريط الزمن واستعادة الخلافة الإمبراطورية البائدة .

كان على غول وأردوغان وداوود أوغلو، فيلسوف حزب التنمية والعدالة الإخواني وصاحب نظرية “صفر مشاكل”، أن يفكّروا في تداعيات الأزمة السورية على تركيا وسواها من دول الجوار وأوروبا، عندما فتحوا الحدود للسلاح والمسلّحين من شتى أصقاع الأرض كي يدخلوا إلى سوريا . كان على الفلاسفة في الحكومة التركية أن يدركوا أن ما يفعلونه سيرتد على بلادهم يوماً ما إذا لم يأت حساب البيدر مطابقاً لحساب الحقل، وربما حتى لو كان مطابقاً .

من يراقب ويحلّل، على نحو موضوعي، مسار السياسة الخارجية الذي اشتقّته تركيا الأردوغانية في السنوات الأخيرة، لن يحتاج لجهد كبير كي يستنتج أن المنظومة الحاكمة  فكّرت وخطّطت بمنطق الجماعة الحزبية وليس بمنطق الدولة، وحين أدارت بعض الملفات بذكاء، كموضوع غزة، كان أفق الإدارة قصير المدى وغير منسجم مع نفسه في الشعار والهدف . فالضجّة الكبرى التي أثيرت حول العدوان الوحشي الصهيوني على غزة، سبقها صمت مطبق إزاء عدوان أشد وحشيّة على لبنان . ثم بعد ذلك لم تتعامل حكومة “التنمية والعدالة” بالأسلوب نفسه مع العدوان الثاني على غزة في 2011 . وبدا واضحاً أن وصول الإخوان للسلطة في مصر قد شكّل تحقيقاً لقسم كبير من أهداف السياسة التركية في المنطقة، لذلك تركت للنظام الإخواني في مصر أن يتعامل مع ملف العدوان على غزة بطريقة رضيت عنها تركيا، في حين أن اتفاق الهدنة الذي رعاه مرسي تأخر أربعاً وعشرين ساعة إلى أن وصلت هيلاري كلنتون إلى مصر للمصادقة على الاتفاق .

أما الحديث الآن عن سوريا بهذه الطريقة المرتجفة، فهو مرتبط بسقوط نظام الإخواني في مصر، وفي هذا الملف أيضاً بدا الأسلوب الحزبي سيد السياسة التركية بأوضح الصور، لكنّها سياسة تفتقر للّباقة والكياسة، إذ ليس مقبولاً أن تتدخّل أية جهة في الشأن الداخلي لدولة بحجم مصر، وأن تصف إرادة ملايين المصريين على مزاجها ووفق أهوائها، مرة بأنها ثورة ومرة بأنها انقلاب .

حكومة تركيا التي قبلت تعبيراً “إسرائيلياً” باهتاً عن “الأسف” عن استشهاد تسعة أتراك في المياه الدولية، لم تكن حريصة على شعار “صفر مشاكل” وهي تبرم اتفاقاً ينص على مغادرة مسلحي حزب العمال الكردستاني إلى الأراضي العراقية، ولم تعمل بموجب هذا الشعار حين أرسلت أوغلو إلى إقليم كردستان العراقي، من وراء ظهر الحكومة العراقية . وبعد هذه المسيرة السياسية المضطربة، ومع خسارة “الأم” في مصر، من الطبيعي أن يشعر غول أن حكومة تركيا كمن أدخل الدب إلى كرمه .

23/5/131213

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك