أكدت دراسة اميركية الازمة التي يعيشها النظام السعودي في ظل احتدام الصراع بين أجنحة الحكم فيه مع تقدم الملك عبد الله بن عبد العزيز في العمر وتراجع صحته، وانشغال الاخير بالتحضير لما بعد رحيله عبر إجراء عدد من التعيينات والتغييرات.
وأشارت الدراسة التي نشرها موقع "فورين بوليسي" الى أنّ التعيينات الاخيرة شملت تعيين أمراء أصغر سنا لوزارات أساسية ما يعني تأجيل نقل السلطة إلى الجيل الأصغر، وهو أمر لا يعجب الادارة الاميركية.
وقالت الدراسة إنّ عملية التغيير والصراع على السلطة بين الأمراء الصغار يزعزعان استقرار المملكة خاصة في وقت تبدي فيه القيادة السعودية قلقا حول تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط
واضافت الدراسة : برغم تقدم الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز في العمر (90 عاماً) وتراجع صحته، فإنه بدا مشغولاً مؤخراً بتحضير العائلة الحاكمة لفترة ما بعد رحيله عن المشهد السياسي، وذلك عبر إجراء عدد من التعيينات والتغييرات. لم يظهر الملك علناً خلال ما يقارب فترة أربعة أشهر، وغادر في نهاية شهر أيار الماضي إلى المغرب لقضاء إجازة. وفي نهاية الأسبوع الماضي، قطع عبد الله إجازته عائداً إلى الرياض لمتابعة تداعيات الأزمة في سوريا، وفقاً لما تم إعلانه.
شملت التعيينات التي قام بها الملك خلال الفترة الأخيرة تعيين أمراء أصغر سناً لوزارات أساسية ولتسلّم السلطة في أهم مناطق المملكة. كما عيّن الملك أخاً غير شقيق كولي عهدٍ، ووضع جانباً أضعف الطامحين لتولي العرش بين الأمراء الأصغر سناً.
لم يكن يمكن لعملية التغيير في القيادة السعودية أن تأتي في وقت أكثر حرجاً من الآن، حيث يبدي القادة السعوديون قلقاً حول تراجع الدور الأميركي القيادي في الشرق الأوسط، وذلك في الوقت الذي تصل فيه المواجهة مع إيران إلى أوجها.
تركزت جهود الملك على إعادة رسم القيادة ضمن العائلة المالكة. وقبل توجهه إلى المغرب أقر عبد الله في 27 أيار الماضي تحويل الحرس الوطني إلى وزارة مستقلة وتعيين ابنه الأمير متعب (61 عاماً) وزيراً عليها. وأدى هذا التعديل إلى إعطاء متعب نفوذاً سياسياً أكبر، ما يسمح له بالمنافسة مع الأمراء الأصغر سناً لآل سعود.
دفعت مروحة التعيينات الجديدة التي قام بها الملك بالمواطنين السعوديين، كما دفعت بأبرز المراقبين، إلى محاولة استيــــعاب مغزى المناورات التي تقف خلفها.
وأثارت أيضاً التعيينات المذكورة المخاوف من صراع على السلطة بين الأمراء الصغار يهز استقرار المملكة. كما طرحت كذلك التساؤلات حول ما إذا كانت صناعة الملك في السعودية تشهد تغيراً دراماتيكياً. لكن حتى الآن، يــــبدو أنّ الاعتقاد الأبرز أنّ الملك يحضر لتسليم العرش إلى واحد من أخوته غير الأشـقاء، مؤجلاً بذلك نقل السلطة إلى الجيل الأصغر قدر المستطاع.
إذا كان ذلك صحيحاً، فإنه لن يلقى إعجاب إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي تــــضغط نحــــو نــــقل السلطة إلى جــــيل أصغــــر ونــــحو التســـريع بالإصـــلاحات فــــي الممــــلكة.
لقد أخرجت الإدارة الأميركية السجاد الأحمر في شهر كانون الثاني الماضي لاستقبال وزير الداخلية الجديد محمد بن نايف (53 عاماً) حين قام بزيارة لأربعة أيام إلى الولايات المتحدة. في حينه، عقد محمد بن نايف اجتماعات منفصلة مع أوباما، ومع وزيرة الخارجية (السابقة) هيلاري كلينتون، ومع مستشار الأمن القومي (السابق) توم دونيلون، إضافة إلى غيرهم من المسؤولين الأميركيين. فسّر السعوديون ذلك على أنه إشارة إلى أنّ واشنطن تفضل محمد بن نايف ليكون الملك المقبل.
لدى واشنطن سبب وجيه حتى تنظر وفقا لهذا النحو إلى الوزير السعودي: ليس الأمير فقط من الجيل الشاب، بل كان مهندس العملية الناجحة جداً خلال العقد الماضي لضرب «تنظيم القاعدة» داخل المملكة.
كما أنه تحوّل إلى بطل داخل العائلة المالكة بعد نجاته بأعجوبة من محاولة اغتيال وقعت داخل قصره في شهر آب العام 2009.
في المقابل، لا يعتبر محمد بن نايف المرشح المحتمل داخلياً حتى يتولى العرش، إذ يبدو عبد الله وولي عهده سلمان (77 عاماً) مترددين حول ما إذا كان الوقت قد حان لنقل السلطة من جيلهم إلى الجيل الأصغر.
خلال 81 عاماً خلت، انتقلت السلطة خمس مرات بين الأخوة. وإذا استمر نهج نقل السلطة وفقاً للآلية المعتمدة، فإنّ أوساط مطلعة تعطي حظوظاً كبيرة لتسلم الأمير أحمد (71 عاماً)، الأصغر سناً بين الأخوة «السديريين السبعة»، العرش. في المقابل، ففي حين كان الملك أقال الأمير أحمد من منصبه كوزير للداخلية في شهر تشرين الثاني الماضي، وذلك بعد تعيينه بخمسة أشهر، يرى أعضاء من الدائرة الملكية والسلك الديبلوماسي، أنّ الأمير المذكور يتمتع بدعم ضمن أوساط عائلة آل سعود.
وكان السبب وراء الإقالة المفاجئة في ذلك الحين من وزارة الداخلية وجود خلاف نشب مع الملك عبد الله حول مشروع لفصل عدد كبير من عناصر قوات الأمن السعودية عن وزارة الداخلية حتى يشكلوا هيئة مستقلة. يذكر أنّ من بين داعمي وزير الداخلية السابق ناشطـــــين في مجال حقوق الإنـــــسان، وما يعرف بالجناح الليبرالي ضمن العائلة الحاكمة، والذي يقوده الأمير طلال بن عبد العزيز.
من جانبهم، يعتقد مراقبون سعوديون أنّ القرار قد يقع على من يعيش أطول، أو على ولي العهد الحالي الأمير سلمان. ليست صحيحة الإشاعات التي تفيد بأنّ سلمان مصاب بمرض الزهايمر، ولكن لا توجد شكوك إنّ تقدم سلمان في العمر يؤثر عليه كثيراً. وإذا صمد سلمان وأصبح ملكاً بعد عبد الله، فإنّ الاعتقاد السائد بأنه سيرشح أخاه الأمير أحمد لأنهما ينتــــميان إلى ما يسمى بـ«السديريين السبعة».
إحدى الفرضيات المطروحة أيضا أن يعيش الملك عبد الله، بشكل أعجوبي، أكثر من ولي عهده، ما سيقدم الأمير مقرن إلى الواجهة. ويقول سعوديون إنّ مقرن ينافس بوضوح من خلال ظهوره العلني المستمر، والذي يرغب من ورائه الإبقاء على نفسه في دائرة الضوء. كما يحافظ أمير آخر هو متعب على نفسه في الصفوف الأمامية، إلا أنّ غالبية المراقبين السعوديين يشككون في إمكانية أن يختاره الملك كولي للعهد.
يذكر أنه في حركة مفاجأة أخرى ضمن التعيينات التي قام بها الملك أنه أقال في شهر نيسان الماضي الأمير خالد بن سلطان من منصبه كنائب لوزير الدفاع.
وبالتالي، فإن ذلك يترك للقسم القوي من عائلة (ولي العهد المتوفى) سلطان بن عبد العزيز منصبا واحدا كبيرا هو الإدارة العامة للاستخبارات. منذ شهر تموز الماضي، تسلم هذا المنصب الأمير بندر بن سلطان، وهو سفير البلاد سابقاً إلى واشنطن، والذي شغل منصب مستشار الملك للأمن القومي.
تبقى عملية اختيار الملك المقبل عملية شخصية تتم على أعلى مستويات عائلة آل سعود.
وفي حين بدا أنه تم تعديل هذه العملية بشكل دراماتيكي بعد إنشاء الملك عبد الله «هيئة البيعة» العام 2007، ففي المقابل، لم تقم هذه الهيئة بعملها كما يجب، إذ قام الملك، حتى اليوم، بتعيين وليي عهد من اختياره، هما الأمير المتوفى نايف بن عبد العزيز وولي العهد الحالي الأمير سلمان.
9/5/13623
https://telegram.me/buratha