تنظيم "القاعدة" اسّس "جبهة النصرة" كواجهة لنشاطه في سوريا..
في خضم التساؤلات حول فاعلية التدخل في سوريا لمصلحة مايسمى بـ "المعارضة"، هناك موضوع أساسي بدأ يخالج بال الولايات المتحدة الاميركية والدول الأوروبية، والذي يتعلق بـ "جبهة النصرة" ومصدر نشأتها.
فالدول الغربية ليس لديها معلومات دقيقة حول أعداد المقاتلين في "جبهة النصرة" التكفيرية، لا سيما اولئك الذين يملكون جوازات سفر أوروبية قد يعودون بها بعد أن اكتسبوا خبرة قتال وباتوا أكثر تطرفاً.
ونظراً إلى كونهم مواطنين أوروبيين، فهم ليسوا بحاجة لتأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، وهو ما يقلق واشنطن التي تخشى عمليات إرهابية مستقبلا على أراضيها.
لهذه الأسباب، طلبت لجنة الأمن القومي في مجلس النواب الأميركي من أربعة باحثين في مراكز دراسات أن يدلوا بشهاداتهم أمامها حول هذه المسألة.
وفي السياق، قال باراك بارفي، الباحث في "مؤسسة أميركا الجديدة"، في شهادته أمام اللجنة، أن تنظيم "القاعدة" اسّس "جبهة النصرة" كواجهة لنشاطه في سوريا؛ موضحاً أن مؤسس "القاعدة" أسامة بن لادن "أوصى بأن تنشئ المنظمة مجموعات لا تحمل اسمها بسبب الدلالة السلبية المرتبطة به بعد هزيمتها في العراق".
ولفت الباحث الاميركي إلى أنه "بالرغم من ظهورها الحديث فإن لـجبهة النصرة تاريخاً طويلاً"؛ موضحاً أنها تطورت من الشبكات التي أنشاها أبو مصعب الزرقاوي عندما نقل عملياته من أفغانستان إلى العراق بعد الغزو الأميركي لكابول فأقام خلايا في دول المشرق العربي لتحويل مقاتلين إلى العراق.
وتابع القول انه "بعد بدء الاحتجاجات في سوريا في العام 2011، تم إرسال ما بين 150 إلى 200 شخص من القاعدة لإرساء بنية تحتية محلية"؛ موضحا أن هناك اليوم بين الف وخمسمائة وخمسة الاف مقاتل أكثرهم من السوريين الذين ضاقوا ذرعا بـ"الجيش السوري الحر" وجذبهم انضباط "النصرة" وتنظيمها وانتصاراتها في المعارك.
وأشار بارفي، إلى أن شبكات المساعدات الاجتماعية التي تديرها أكثر فاعلية من تلك التي تديرها وحدات "الجيش الحر"؛ لافتا إلى أن "جبهة النصرة تبقي برنامجها الديني والسياسي مبهماً".
واضاف : مهم جداً للقاعدة أن تكون في سوريا لأنها في قلب العالم العربي ولها حدود مع حليفين أساسيين للولايات المتحدة هما إسرائيل والأردن؛ مشيرا إلى "أنها تفضّل سوريا على اليمن التي تقع في آخر العالم العربي".
واردف أنه "لا يوجد خطر فوري على لبنان من جبهة النصرة لأنها تركز الآن على إطاحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإذا وسعت عملياتها إلى لبنان فسيؤدي ذلك إلى تشتت صفوفها، والى رد فعل من السوريين الذين يريدون أن تبقى ثورتهم محدودة ضمن سوريا".
وعبّر الباحث في مؤسسة اميركا الجديدة، عن اعتقاده بأن تمويل النصرة يأتي من القاعدة في العراق ومن بعض الأشخاص في دول الخليج الفارسي.
من ناحيته، قال "سيث جونز"، المدير المشارك في "راند كوربوريشن"، في شهادته أمام اللجنة، أن "القاعدة في العراق اختارت أبو محمد الجولاني لإدارة العمليات في سوريا أواخر العام 2011"؛ وأشار إلى أن "القاعدة فضلت في بادئ الأمر ألا تعمم علاقة النصرة بالقاعدة في العراق، ربما خوفاً من تقويض الدعم في سوريا، ولفت انتباه غير مرغوب به من قبل الولايات المتحدة وغيرها من وكالات الاستخبارات الأجنبية".
وقال جونز "إن سوريا مهمة استراتيجية للقاعدة لأنها تعتبر تحد لإسرائيل والأردن ولأن مخابئ الأسلحة التقليدية وغير التقليدية قد تصبح أكثر توافراً فيما يفقد نظام الأسد السيطرة على الأرض".
واضاف أنه في بداية العام 2013، توترت علاقة النصرة بتنظيم القاعدة في العراق، ما دفع الجبهة للاقتراب من القيادة العليا في باكستان؛ مشيراً إلى أنه يبدو أن مسؤولي النصرة لم يعجبهم إعلان القاعدة في العراق أواخر نيسان الماضي نية دمج التابعين لـالقاعدة في العراق وسوريا تحت راية الدولة الإسلامية في العراق والشام.
وأوضح جونز أنه بتأسيس جبهة النصرة فإن مصادر تمويل ومقاتلين ومعدات خاصة بها، باتت مستقلة بشكل متزايد عن القاعدة في العراق؛ وأكد الجولاني ولاءه المباشر للقيادة المركزية في باكستان.
وأضاف أن الجبهة تملك أكبر ترسانة أسلحة من كل المجموعات التابعة للقاعدة؛ محذراً من أنها قد تقوم بهجمات على الغرب قبل "سقوط نظام الأسد" أو بعد ذلك.
وأعرب جونز عن اعتقاده بأن "الدول الأوروبية لا تملك معلومات دقيقة عن مواطنيها المتطرفين الذين يذهبون إلى سوريا أو يعودون منها، ولا عن أعدادهم
وقال "إن العديد من السفراء الأوروبيين، وخاصة من شمال أوروبا، يأتون إليه ويسألونه إن كان يعرف ماذا يفعلون في سوريا".
ونصح الولايات المتحدة بـ "الحصول على معلومات استخباراتية في هذا الخصوص من مخبرين، إن كانوا من الأردن أو السعودية أو تركيا أو الإمارات، وهم موجودون على الأرض في سوريا".
من جانبه، قال "طوماس جوسلين"، الباحث في "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات"، في شهادته أمام اللجنة: لا تخطئوا في الأمر، جبهة النصرة هي القاعدة"؛ مضيفا ان "القاعدة تحاول أن تقيم ملاذا آمنا يمتد عبر سوريا والعراق".
ونصح جوسلين اللجنة بـ "محاولة معرفة معلومات عن أبو مصعب السوري الذي يقال إن النظام السوري أفرج عنه.."؛ لافتا الى انه "كان للسوري دور بارز في القاعدة وارتبط بعمليات إرهابية في أوروبا قبل أن يتم توقيفه وتسليمه إلى سوريا".
32/5/13603
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha