حققت المقاومة الاسلامية إنجازاً تاريخياً في إطار الصراع العربي الصهيوني، بإجبارها ولأول مرة جيش الاحتلال الصهيوني على الانكفاء والاندحار من الأراضي اللبنانية يجر خلفه أذيال الخيبة والذل، ودون أن تحقق قيادته السياسية أي مكتسبات سياسية أو حتى تفاوضية، بعد أكثر من نصف قرن من الهزائم المتوالية التي طاولت الأنظمة والحكومات والحركات الشعبية والأحزاب السياسية والفصائل المقاومة والجماهير العريضة نفسياً وعسكرياً وسياسياً مما جعل هذا الحدث واحداً من أهم الأحداث على صعيد المنطقة العربية نظراً لتداعياته الكبيرة والكثيرة والتي كلما تكشف فيها سر من أسرار الهزيمة حتى تجلت معانٍ جديدة ستترك للأجيال القادمة إدراكها وتفسيرها والتنعم بنتائجها.
انتصار المقاومة
"انسحاب لا يمس الكرامة" بهذه الجملة حاول الجنرال الإسرائيلي شاؤول موفاز تعليل سبب الاندحار الذليل للجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في 25 أيار الذي أصبح يوم عيد انتصار المقاومة الوطنية وتحرير الجنوب اللبناني بعد 22 عاما من الاحتلال الإسرائيلي ليشكل اندحار إسرائيل وعملائها من جنوب لبنان هزيمة لها بقوة المقاومة دون مفاوضات وبلا قيد أو شرط هزيمة وصفتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بالمهينة ووضعت عنوانا لعددها الصادر في صبيحة اليوم التالي للاندحار بأنه يوم المهانة.
قوات الاحتلال الإسرائيلي التي غزت جنوب لبنان تحت ذريعة إبعاد التهديد الذي كان يمثله الوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب عام 1978 وسعت رقعة احتلالها للاراضي اللبنانية حتى وصل عام 1982 إلى العاصمة اللبنانية بيروت حيث احتلت إسرائيل مئة وخمس وعشرين قرية لبنانية وأخضعت 33 منها لإملاءات ميليشيات تعاملت مع جيش الاحتلال وأطلقت عليها اسم جيش لبنان الحر بقيادة سعد حداد ثم تحولت لاحقا إلى جيش لبنان الجنوبي بزعامة أنطوان لحد فما كان من الشبان اللبنانيين إلا أن امتشقوا السلاح وأسسوا ما عرف لاحقا بالمقاومة الوطنية اللبنانية ليقارعوا ما كان يوصف يوما بالجيش الأسطورة الذي لا يهزم وبدأت عمليات المقاومة التي أجبرت جيش الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب تحت كثافة عملياتها ليشكل لاحقا شريطا محتلا قبل أن تحرره المقاومة اللبنانية عام 2000.
وشنت المقاومة الوطنية اللبنانية مئات العمليات النوعية في النصف الأول من عام 2000 استهدفت فيها مواقع قوات الاحتلال الإسرائيلي وأجبرتها على الانسحاب من جنوب لبنان فقد سبق يوم التحرير اقتحام لمواقع قوات الاحتلال والميليشيات العميلة له وتفجير العبوات فكانت أقصى الضربات التي تلقاها الاحتلال الإسرائيلي في الشهر الأول من عام 2000 اغتيال كبير عملائه عقل هاشم وبعد ساعات على مقتله استهدفت المقاومة قافلة عسكرية بصاروخين وسقط ثلاثة قتلى إسرائيليين وعدد من الجرحى.
واخترق المقاومون في شهر شباط الإجراءات الأمنية الإسرائيلية واستهدفوا دورية مشاة لجنود الاحتلال بعبوة ناسفة قرب بلدة بلاط في جنوب لبنان ما أدى إلى سقوط عناصر الدورية التسعة بين قتيل وجريح وفي هذه الآونة كشف التلفزيون الإسرائيلي عن خطة انسحاب عاجلة تقضي بإجلاء الجنود الإسرائيليين من جنوب لبنان في غضون أيام إذا استدعى الأمر ذلك.
ولم تتوقف المقاومة عن دك المواقع الإسرائيلية ففي شهر نيسان من نفس العام اقتحم المقاومون موقع عرمتة المحصن ووصفت العملية بالأضخم وتم خلالها تفجير الموقع بالكامل وقتل ستة عملاء لإسرائيل التي خسرت موقعا استراتيجيا في منطقة جزين بينما حمل شهر أيار التحرير معه العدد الأكبر من عمليات المقاومة وأبرزها عملية البياضة التي جاءت قبل أيام من انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان في الخامس والعشرين من أيار وأحدث ذلك زلزالا معنويا في إسرائيل فالانتصار في الحرب الدعائية جزء مهم من المعركة نفسها والكاميرا هي جزء من الدعاية في الرأي العام حيث استطاعت المقاومة أن تستفيد من برمجة آلياتها الإعلامية من أجل مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي عبر صور مقاومة خلقت حالات كثيرة جدا من الإرباك داخل إسرائيل والمشهد الذي اندحر فيه جنود الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان وإغلاق البوابة وصورة آخر جندي إسرائيلي ينسحب من الجنوب لا تنسى وهو مشهد يلخص كل ما كان له علاقة بإعلام المقاومة وقوة الصورة في أن تكون أداة من أدواتها ففي تمام الساعة السادسة والدقيقة الثانية والأربعين صباحا عبرت المرسيدس التي تقل الجنرال الإسرائيلي بيني غانز الباب /93/ عند بوابة فاطمة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لتتبعها آليات وناقلات الجند وهم يعبرون إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة متخلين عن شريط حدودي دفعوا ثمنه الكثير من الأرواح والأموال دون جدوى.
وفي الساعة السادسة والدقيقة الثالثة والأربعين أغلقت إسرائيل حدودها مع لبنان بعد سحب آخر جندي لها منه وأنهت احتلالها لجزئه الجنوبي الذي استمر لفترة امتدت أكثر من عقدين كلفها حياة 1200 جندي دون أن تتمكن من إخماد نيران وصواريخ المقاومة اللبنانية التي أبت الرضوخ للاحتلال.
واعتبرت المقاومة اللبنانية هذا اليوم نصرا لكل لبنان ولكل مواطن عربي شريف فكان هذا اليوم يوم عزة وفرح لكل مقاوم وذل وبؤس للاحتلال وهرب الإسرائيليون تحت ضربات رجال المقاومة بعد أن اكتشفوا أن النزهات السابقة في لبنان لم تعد ممكنة وأنهم ليسوا أقوياء كما يظنون بأسلحتهم وحقدهم عندما كانوا يقتلون أبناء الجنوب اللبناني بالمئات.
ولم يجد الاحتلال الإسرائيلي في نهاية المطاف سوى ذل الهزيمة فجرجر هزيمته وخرج مطأطىء الرأس وبقيت المقاومة شامخة ومستعدة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة أي عدوان بعد أن كرست الخامس والعشرين من أيار عام 2000 يوما من أيام لبنان والعرب الخالدات لجهة أنه يذكر بتلك الوقائع العظيمة لحظة قرر قادة العدو الإسرائيلي أن يتدبروا أمر انسحابهم من لبنان فبات قرار الهروب هو ذروة ممارسة الشجاعة ليغدو ايهود باراك بطل عملية غزو شارع فردان /رشيد كرامي حاليا/ واغتيال عدد من قادة المقاومة الفلسطينية هو نفسه مهندس وبطل عملية الفرار الكبير بعد 22 عاما توجت لحظة الانتصار مسارا رائدا من تجربة المقاومة الوطنية الذي شكل هدف التحرير أحد المشتركات لحالة تحالفية تبلورت في محور إقليمي رفع شعار الممانعة وحمل لاحقا اسمها.
ولكن انسحاب إسرائيل وتحرير جنوب لبنان والبقاع الغربي من إسرائيل بلا قيد ولا شرط وبلا معاهدات ولا اتفاقيات بقيادة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وتعاون فصائل المقاومة الوطنية التي انطلقت لمقاومة الاحتلال في 21 أيلول من عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية لم يكن بالعملية الكافية للمقاومة اللبنانية التي ما زالت تحمل السلاح متمسكة به من أجل إكمال انتصارها بتحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وكان أهم عوامل نصر أيار الترابط السليم والتكامل الذي حصل بين المقاومة وبين قوى سياسية واعية وداعمة لها في المنطقة وعلى رأسها سورية التي قامت بحماية المقاومة من المؤامرات الداخلية والخارجية ووفرت لها الغطاء لتعمل بدون خوف من غدر قريب أو خيانة شقيق لقد ضحت سورية بالكثير وصمدت في وجه تهديدات وضغوط أمريكا ومن لف لفيفها والذين أرادوا منها أن تسلمهم رأس المقاومة مقابل مغانم وقتية أو حتى يدخلوها في خيمتهم التي تغري رائحة نفطها ودولاراتها هناة النفوس فما كان منهم إلا أن تآمروا وتواطؤوا على سورية الموقف مختفين وراء ما يزعمون أنه ربيع عربي ليكون هذا الربيع اداة رخيصة بيد القوى الغربية التي تتامر على المقاومة وداعميها من خلال حرف بوصلة الصراع مع العدو الصهيوني وتوجيهها لضرب المقاومة ومن يدعمها.
يوم عز في تاريخ أمتنا
عد الشيخ خضر الكبش، لمناسبة ذكرى الإنتصار والتحرير، أن "انتصار المقاومة في لبنان يوم عز في تاريخ أمتنا التي عاشت الذل والقهر والإحتلال ردحا من الزمن".وشدد في بيان على ان "هذه المقاومة التي تشرفت الأمة بانتصارها أصبحت اليوم أكثر قوة وجاهزية لمواجهة أي عدوان لن يحقق العدو من خلاله الا المزيد من الخيبة والهزيمة والخسائر، والحملات المسعورة على المقاومة محاولة فاشلة يحاول من خلالها أعداء الداخل ارباك المقاومة لصرفها عن هدفها الإستراتيجي وهو الإستمرار بالمقاومة حتى تحرير كامل التراب اللبناني الذي مازال تحت هيمنة المحتل الإسرائيلي".
ذكرى تأبى النسيان وتجسيد لشعار "المقاومة هى الحل"
ويحتفل لبنان الشعبي والرسمي بذكرى إنتصار المقاومة في الجنوب على الكيان الصهيوني، الذي استطاع أن يدحره في مثل هذه اليوم من عام 2000 ، ولقد جسد انتصار المقاومة اللبنانية في تحرير الجنوب قاعدة تربعت على عرش الشعوب التى تعاني من وطآة الإحتلال وهي " المقاومة هي الحل" .وفي عيد المقاومة والتحرير ليس لبنان فحسب ولكن لكل أحرار في شتى بقاع العالم ، في معركة مثلت الإرادة والتحدى
وقال إبراهيم الدراوي مدير المركز الفلسطيني للدراسات: "كانت المقاومة في جنوب لبنان ، ضد المغتصب الصهيوني و استطاعت أن تجبره على الانسحاب، وليس كما يقولون أن عملية التحرير تمت وفق مفاوضات ، وانما جاء التحرير من منطلق القوة واجبار العدو وليس من باب الضعف".
وأشار الدراوي الى أن القوة التي اتخذتها المقاومة اللبنانية ضد الإحتلال الصهيوني ، لم تكن من حزب الله فحسب ولكن من خلال الشعب اللبناني والدعم الشعبي العربي والإسلامي ، فكان هناك التفاف حقيقي خلف المقاومة اللبنانية المتمثلة في حزب الله ، وهو ما نتج عنه التحرير، وبالتالي إعادة الأراضي السورية أو الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي يكون من باب المقاومة المسلحة على أرض الواقع ، ثم الدعم العربي والإسلامي والعالمي.
وأوضح الدراوي أن الوضع فى لبنان وبالتحديد في الجنوب ، يجعلنا نتحدث عن مقاومة حقيقية على أرض الواقع ، متقدمة نوعيا في السلاح ، ودعم حقيقي لهذه المقاومة من قبل الشعب اللبناني أجبرت الكيان الصهيوني كل هذه العوامل على تحرير الجنوب .
اما الدكتور محمد أبو غدير أستاذ الدراسات الإسرائيلية جامعة الأزهر فقال : "هذه الحرب تسمى عند الجانب الإسرائيلي بـ "حرب لبنان الاولى" ، والتي قادها رئيس الوزراء الصهيوني الاسبق "شارون" في عام 1982 في حكومة مناحم بيجن رئيس الوزراء حينها ، وقد قام شارون وقتها بدخول الجنوب اللبناني على الدبابات ، وقام بتصوير هذه المشاهد ، الى أن وصل الى العاصمة بيروت".
أشار أبو غدير الى أن "شارون" تناسى أن لبنان صاحبة جو مختلف تماما عن فلسطين لطبيعتها الوعرة ، من جبال ومنخفضات صعبة السيطرة عليها ، وأن هذه الحرب كانت أحدى العمليات العسكرية الكبرى فى التاريخ الإسرائيلي وهم يظنون دائما أنهم "عسكريون لا يخطئون ولا ينهزمون" .
وقال أبو غدير " هذه الحرب دفع ثمنها شارون وقد تم إصدار قرار بحرمانه من تولى أي منصب سياسي لمدة عشر سنــــوات ، بعـــــدما قـــام بالاستعراض على الدبابات وقت دخولــــه لبنان ، وقد خرجت أكبر مظاهـرة نسائية في تاريخ اسرائيل وقتها ، والتي نظمتها أمهات الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في هذه الحرب والذين وصل عددهم الى اكثر من 1300 جندي.
وأضاف "تعتبر ذكرى تحرير جنوب لبنان أحدى الذكريات الفاشلة في تاريخ الحروب الإسرائيلية ولان طبيعة الإنسان الإسرائيلي أن يشعر دائما فى صراع وإن لم يكن بعيدا عن الصراع يبحث عنه دائما ، هذه هي طبيعة الإسرائيليين لابد أن يشعروا بالتهديد دائما ويبحثوا دائما عن العدو في حالة عدم وجوده بل يخترعونه" .
مغنية " الحاج رضوان" شعلة النضال والمقاومة
اليوم وفي ذكرى شهداء المقاومة واستشهاد القائد المجاهد الكبير عماد مغنية " الحاج رضوان " نتذكر ذلك المشهد الكبير الذي حققته المقاومة في لبنان ، حيث اضاءت لكل المقاومين الطريق نحو تحرير الارض وحرية الانسان ، وكانت حرب تموز تشكل الانتصار المدوي بهزيمة جيش الاحتلال الذي لا يقهر ، واسقاط نظرية رايس حول الشرق الاوسط الجديد.
الحديث عن الشهادة والشهداء لا يمكن أن يكون مجرد حديث يحمل دلالات مادية ومعنوية تتقاذفها ألسن البشر فقط، بل هو أكبر من ذلك بكثير. وأمام رمز الشهادة وعبقاتها يقف أحرار الأمة وثوارها أمام شهادة رمزٍ من رموز المقاومة وعنوان للتضحية والفداء ، رمز أفنى حياته فارساً مقارعاً الاحتلال الصهيوني لفلسطين المحتلة لا تعرف روحه الهزيمة، رمز نذر جهده ووقته وطاقته وحياته للمقاومة، الحاج عماد مغنية رمز من رموز النضال والمقاومة فأضحى مدرسة إبداع وإخلاص وتفان وصدق وتضحية وعطاء ونضال وجهاد، وما سعى إليه هذا الرمز إلا لرفع عز وعنفوان وكرامة الأمة التي دنسها الصهاينة باحتلالهم للقدس السليبة والتنكيل بالشعب الفلسطيني قتلاً وإذلالاً ، حيث كان الحاج رضوان مؤمنا في ثقافة الشهادة التي تزرع في نفوس الأمة الوحدة والوفاق والصدق والأمانة والنزاهة والعلم والعدل لتجني النصر والحرية والكرامة والشرف وعلو الهمّة والرأس المرفوع، فهنيئاً لك يا حاج عماد الجنة، ويكفيك انك حملت قضية فلسطين كما لبنان في قلبك. وامام هذه الذكرى لشخصية مقاومة انه الحاج عماد مغنية نتذكرالمكانة الخاصة الذي كانت تربطه بالرئيس الخالد الشهيد ياسر عرفات، أبو عمار، حيث حظي باحترامه وثقته رغم التباين الواسع في الاقتناعات والرؤية في ما يتعلّق بأولويات الكفاح المسلح في مواجهة العدو، كان أبو عمار حريصاً على التواصل معه والوقوف على آرائه، وكما كان لامير الشهداء ابو جهاد، خليل الوزير، علاقات راسخة بينه وبين الحاج عماد حتى تاريخ استشهاد أبو جهاد في تونس.
وفي ظل هذه العلاقة كان للشهيد القائد عماد مغنية " الحاج رضوان " علاقة خاصة مع الشهيد القائد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ابو العباس حتى إن البعض لا يعرف ربما، بهذه العلاقة ،كما مع كافة قوى المقاومة في فلسطين ، لم يكن الحاج عماد يفرق بين مقاوم وآخر، لم يدع سبيلاً الى فلسطين الا سلكه غير آبه بكل الممنوعات التي كانت تطوق فلسطين .ومن هنا لقد شكل استشهاد القائد الحاج عماد مغنية مؤشراً لزمن الانتصارات، وأن العمل المقاوم اعطى دروساً عظيمة ورسخ قناعتنا بأننا من خلال الايمان بطريق النضال ستتحرر فلسطين كل فلسطين والقدس .واليوم نحن نقف في ذكرى شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب وسيد شهداء المقاومة عباس الموسوي وقائد الانتصارين عماد مغنية نؤكد ان المقاومة ازهرت انتصارات بارادة المجاهدين ، هذا العنوان الذي يجب ان نستلهم منه العبر نحو التأكيد على ان ارادة المقاومة في فلسطين ستنتصر مهما كانت الصعوبات ، لان هناك شعباً اسمه شعب التضحيات وهناك جنوداً مقاوميين يحملون شعار نموت واقفين ولن نركع مهما كانت المؤامرات التي تحاك بهدف تصفية القضية الفلسطينية وخاصة حق العودة والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية . وعلى هذه الارضية نقول ان الذين يريدون تجريدنا من عناصر قوتنا ، يريدوننا ان نتجرد من الكرامة ونرفع رايات الاستسلام و نحني رؤوسنا للأعداء , يريدون أن نتحول إلى مجرد بشر يأكلون و يشربون يقتاتون من فتات الموائد و عطاءات الحكام.
المقاومة هي الكرامة و العزة وهي التي تردع المحتل وتحفظ الحقوق وتسير بالشعب نحو المستقبل ، و الأوطان لا تستحضر إلا بالتضحيات و للحرية ثمن يتحول من خلاله الشهداء و الجرحى و أسرى الحرية القمر الذي يضيء ليلنا، ومن هنا نؤكد على تجارب المقاومات في فيتنام والجزائر كيف قاومت الاحتلال ، وكيف فاوضت ، وكيف انتصرت .
ونحن اليوم نشارك عائلات الشهداء القادة عماد مغنية وعباس الموسوي وراغب حرب نشارك حزب الله وعلى رأسه سماحة سيد المقاومة الامين العام لحزب الله السيد المجاهد " حسن نصرالله و المقاومة الوطنية اللبنانية ولبنان الشقيق وشعبه الذي احتضن فلسطين في قلبه وقدم التضحيات في سبيلها ، لنقول ان مسيرة شهداء لبنان وفلسطين التي تعمدت بالتضحيات ستشكل منارة مضيئة في تاريخ امتنا .
لقد اكدت المقاومة في لبنان اخلاصها ودعمها للمقاومة في فلسطين وقدمت التضحيات كما قدم شعبنا تضحيات جسام منذ انطلاقة ثورته الفلسطينية المعاصرة وكان قمر المقاومة الشهيد القائد عماد مغنية رمزا لهذه المقاومة وسيد الشهداء عباس الموسوي وشيخ المجاهدين راغب حرب والقادة محمد سعد وجورج حاوي ، كما كان شهيد فلسطين والامة ورمزها القائد ياسر عرفات والقادة العظام ابو العباس وابو علي مصطفى وابو عدنان قيسى والشيخ احمد ياسين وفتحي الشقاقي ، وكذلك شهداء المقاومة في لبنان وفلسطين التي تعانقت ارواحهم الطاهرة لتنبت انتصارات تضيء لنا الطريق نحو الفجر الاتي .
وفي هذه اللحظات التي تحتفل المقاومة في لبنان بذكرى شهدائها ، نؤكد ان الشعب الفلسطيني متسلح بارادة النضال والمقاومة وتمسكه بمنظمة التحرير الفلسطينية الكيانية السياسية للشعب الفلسطيني على جميع المستويات مهما حاول البعض المساس بهذه الكيانية .
لذلك فإن الردّ على سياسة حكومة العدو وعلى جميع المشاريع والمخططات الصهيونية والامريكية يكون بوحدة الصف الداخلي ووحدة الموقف العربي، وهذا يتطلّب خطابا يجمع ولا يفرّق ويبتعد عن ما يستفزّ مشاعر الناس، فمقاومة الاحتلال تتطلب وحدة الموقف هذه الوحدة هي التي تهدد الكيان وحلفاءه، فهي توّلد المناعة وتحصّن المقاومة وهي التي ستجبر العدو على الرضوخ لإرادة شعبنا، هكذا نستخلص من تضحيات شهداء الرسالة ،وهكذا يجب أن نستخلص دروس النكبة ومعانيها التاريخية والمعنوية، وحتى نكون أوفياء لذلك التراث يجب علينا ان لا نقف امام الصغائر ويجب ان نتعالى عن كل ذلك في المضي قدما في المصالحة الفلسطينية والياتها ونعزز الوحدة الوطنية ونتمسك بالثوابت الوطنية ونعود الى فلسطينيتنا وعروبتنا ، هذا ما تعلمناه من القائد الكبير الرمز الامين العام الشهيد ابو العباس ، وهذه هي مهمتنا في نقل التجربة والمعرفة لجيل لا يريدون له أن يعرف تاريخه وإرثه.
واليوم نقول ان من يشكك بجدوى المقاومة أنما يشكك بإرادة الشعب الفلسطيني و حقه في النضال من أجل استعادة حقوقه الوطنية الثابتة وخاصة حقه بالعودة الى دياره وممتلكاته وفق القرار الاممي 194 واقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
وغني عن القول ستبقى المقاومة خيار شعبنا وامتنا حتى دحر الاحتلال عن ارضنا العربية ، وسنبقى نحافظ على الدماء الذكية التي سالت من اجل تحرير الارض والانسان من الاحتلال الصهيوني وخاصة ابطال العمليات الاستشهادية والعمليات البطولية لفصائل الثورة الفلسطينية المعاصرة وللمقاومة اللبنانية والفلسطينية .
ومن موقع تقديرنا للمقاومة في لبنان وصمود ومقاومة شعبنا في فلسطين التي بفضلهما استطاعت الشعوب في الماضي أن تنتزع حريتها واستقلال بلدانها، نثمن الدور الكبير لسماحة سيد المقاومة حسن نصر الله الامين العام لحزب الله إحدى الرموز البارزة في تاريخ النضال العربي المشرف الذي يعتبر بانه بدون حرية فلسطين وشعبها لا يمكن ان تحقق الامة كرامتها وعزاتها.
ولا بد من القول ان الشهيد القائد عماد مغنية، الذي احب فلسطين كما احبها سيد المقاومة الشهيد عباس الموسوي من قبله والذي كان يتألم على الشعب الفلسطيني ومعاناته ويدرك مع رفيق دربه شيخ المجاهدين راغب حرب ان فلسطين هي الطريق التي من خلالها يجب ان تتواصل بوصلة النضال والجهاد بمواجهة المشروع الامبريالي الصهيوني الاستعماري .
نعم عماد مغنية ابن لبنان وفلسطين ، تأتي ذكراه في ظل متغيرات عربية ،ولكن في ذكراه نشعر بعبق حرية فقدناها في ظل تربع بعض الأنظمة المتاّمرة على مقدرات هذه الأمة، حيث شكل عماد مغنية رمز للعزة و الكرامة مقاوم أرعب عدوه بشدة، كما ارهب الشهيد القائد ابو العباس العدو الصهيوني ، وكان استشهاده في معتقلات الاحتلال الامريكي في العراق شمعة تضيء احلام كل المناضلين حتى نبقى اوفياء للمقاومة ، المقاومة التي اقترن بحبه ودفاعه عنها ، حيث سطر علي صفحات التاريخ بطوله .
ختاما : عماد مغنية .... مسيرة حب وعشق وإيمان لا زالت يحملها كل المناضلين الاوفياء ، مثل مدرسة فكرية وثورية ... ورسم تاريخ مشرق مع قادة تعملقوا نجوما في سماء الامة ... لم يعشقوا سوى فلسطين القضية والانتماء ، ترفعوا عن ثقافة التعصب والحقد ، وزرعوا أشجار لتنبت في صحاري قاحلة قوافل الشهداء.
37/5/13527
https://telegram.me/buratha