قالت وكالة "رويترز" في تحليل نشرته اليوم السبت إن "نفوذ جبهة النصرة الإسلامية أكثر جماعات المعارضة السورية نجاحاً في القتال ضد الرئيس السوري بشار الأسد، تراجع أمام قوة جهادية أكثر تطرفاً تتجاوز أهدافها الإطاحة بالأسد".
ونقلت الوكالة عن مصادر في جبهة النصرة ومعارضين آخرين "أن تنظيم دولة العراق الإسلامية الذي رعى جبهة النصرة في المراحل الأولى من الثورة على الأسد انتقل لسورية وقام بتهميش دور الجبهة".
وقال قائد بارز للمعارضة في سورية على صلة وثيقة بجبهة النصرة للوكالة "انقسمت جبهة النصرة إلى جبهتين؛ الأولى تسير على نهج القاعدة التي تسعى لتأسيس أمة إسلامية واحدة، والأخرى سورية ذات أهداف وطنية تساعدنا في القتال ضد الأسد".
وذكر آخرون أن "المعسكر السوري داخل الجبهة انهار فعلياً وأن قائده أبو محمد الجولاني توارى عن الأنظار وأن مقاتليه انفضوا من حوله وانضموا لجماعات معارضة أخرى".
وكانت مصادر تحدثت قبل أسابيع عن إصابة الجولاني بجروح نتيجة قصف للجيش السوري على مناطق في ريف دمشق.
وأضافت رويترز "يفتقر زعيم دولة العراق الإسلامية أبو بكر البغدادي - الذي انتقل لشمال سورية لإحكام سيطرته على عمليات القاعدة في البلاد - للشعبية بين مقاتلي المعارضة... ويعتبر هؤلاء المقاتلون البغدادي شخصية قاسية لا تعنيه تعقيدات الصراع في سورية؛ فلا ينصب اهتمامه على الإطاحة بالأسد بل على فرض حكم إسلامي متشدد، ويتهمه كثيرون في الأحاديث الخاصة باختطاف ثورتهم".
ونقلت الوكالة عن مصدر من جبهة النصرة مقرب من قائدها أبو محمد الجولاني قوله "نرفض وجوده (البغدادي) في سورية، يجب أن يصطحب مقاتليه ويعود للعراق. لا نرضى عن أساليبه".
وقال مصدر آخر في جبهة النصرة إن "الوضع تغير كثيراً، حيث ينشط مقاتلو البغدادي ولم تعد النصرة نشطة رسمياً. يقاتل أكثر المقاتلين شراسة مع البغدادي ويحاول الأشقاء تجنبهم قدر المستطاع".
وذكر المصدر ومقاتلون سوريون آخرون في جبهة النصرة تحدثوا إلى "رويترز" "أنهم يخشون أن ينفر السوريون من أنصار البغدادي كما حدث في العراق إذ انقلب العراقيون على نهجهم المتشدد ما مهد الطريق لهزيمة القاعدة في غرب العراق في 2007 على أيدي مجالس الصحوة التي ساندتها الولايات المتحدة".
وأضاف المقاتلون "إن هوة الخلاف تتسع وأن المقاتلين الأجانب والعرب ينشطون بشكل رسمي في الوقت الراهن تحت راية الدولة الإسلامية في العراق والشام، في حين انفض كثيرون من مقاتلي جبهة النصرة السوريين عنها وانضموا لجماعات إسلامية أخرى"، في حين قالت مصادر في الجبهة "إنها تنتظر أن يحل الظواهري الخلاف وتأمل أن يطلب من البغدادي العودة إلى العراق".
وقال مصدر في النصرة "أمامنا خياران الآن. إما أن يعلن الظواهري انفصال النصرة السورية عن دولة العراق الإسلامية وإما أن يصدر أوامره للبغدادي بالبقاء (في سورية) واذا حدث ذلك ستكون كارثة" معتبراً أن البغدادي "تسبب في ضرر بالغ وانهارت الجبهة".
الوكالة نقلت أيضاً عمن أسمته "قائداً للمعارضة المدعومة من الغرب" قوله "إن البغدادي حصل بالفعل على مباركة الظواهري على انتقاله لسورية.. نصبوا فخاً للجولاني، أرادوا موطئ قدم داخل سورية وأتاحت لهم مساعدة الجولاني بالرجال والسلاح في البداية ذلك وحين قويت شوكتهم أمسكوا بزمام الأمور"
وتوقع القائد البارز للمعارضة "أن يقود تنامي نفوذ مقاتلي البغدادي لإنهاء تردد الغرب إزاء التدخل عسكرياً في سورية - ولكن ليس ضد الأسد - بل ضد خصومه المتشددين، إلى حد أن يستخدم الغرب هجمات بطائرات من دون طيار على مواقع للمقاتلين المتشددين على غرار ما حدث في اليمن".
وبات واضحاً منذ أوائل نيسان/إبريل وجود خلاف بين البغدادي والجولاني بعد قيام الأول بإعلان توحيد دول العراق الإسلامية وجبهة النصرة تحت لواء واحد، ما رفضه الجولاني وتذرع بأنه لم تتم استشارته في ذلك، معلناً في الوقت ذاته البيعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ولكن ذلك لم يحل الخلاف، حيث انتقل البغدادي إلى شمال سورية وانضم للقتال الدائر هناك.
وكانت الولايات المتحدة وضعت جبهة النصرة قبل ستة أشهر على لائحة المنظمات الإرهابية ولحقت بها عدة دول غربية أخرى، ومنذ يومين فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على زعيمها الجولاني رغم عدم معرفة اسمه الحقيقي وجنسيته.
وكانت جبهة النصرة تبنت أكثر الهجمات دموية منذ بداية الصراع في سورية، حيث استهدفت بسيارات يقودها إنتحاريون مقار أمنية في مدن سورية راح ضحيتها العشرات من المدنيين إضافة إلى العسكريين.
وقد يؤدي دخول البغدادي على خط الأزمة في سورية إلى تعقيد موقف الغرب الذي لا يزال يبحث دعم المعارضة السورية بالأسلحة.
رويترز
3/5/13519https://telegram.me/buratha