رأي في الأحداث

مشاهداتي في قصر من قصور الائتلاف العراقي الموحد

12479 05:37:00 2006-08-16

منذ يومين شاءت الصدفة وظروف منع التجول ان ادخل في قصر من قصور الائتلاف العراقي الموحد في بغداد، فلقد ذهبت لملاقاة شخصية قيادية وبارزة فيه، وطال الحديث حتى اضطررت للمبيت هناك لأني لم استطع الرجوع لبيتي في ذلك الوقت بسبب تجاوز الوقت ودخول بغداد في موعد منع التجول، وكانت فرصة كبيرة لي لكي أعرف مزيدا من أسرار قصور الائتلاف العراقي الموحّد، وكلمة قصور اقتبستها من رسالة لأحد الأخوة أرسلها للوكالة يخاطب فيها أحد الشخصيات العلمائية البارزة في الائتلاف ويطالبه بأن يشرف من نافذة قصره لكي يرى واقع الشعب، ولهذا تحمست جدا لكي أرى هذا القصر.

وحماسي هذا أوقعني في مطب مربك!

ءأكتب ما شاهدته؟ عندئذ قد اتهم بأني اتحدث عن اسطورة وخيال!!

أم اكتم ما رأيت وشاهدت بأم عيني؟ فاكون كاتماً لسر يحتاج الكثير من الناس ان يتعرفوا عليه، وربما أكون ساكت عن حق.

في وسط ترددي هذا، قلت لنفسي الوكالة وقد عرفت بأنها لا تحابي أحداً، ولن أكتب اسما محددا، ولكن دعوني اخوتي القراء أن أشهد الله على أن كل حرف من حروف هذا المقال هو عين ما رأيته ولم أزد عليه بشيء، بل ربما لم اكتب كل ما شاهدت، وبالنتيجة لا أبالغ بشيء مما سأروي.

دخلنا في حدود الساعة الواحدة والنصف وقد كنت اعرف انه منزل أحد الشخصيات العلمائية البارزة في البرلمان، لم يك قد حضر بعد، لذلك جلسنا ننتظر بعد أن اتممنا اجراءات التفتيش، كانت صالة الاستقبال عبارة عن غرفة صغيرة مفتوحة على غرفة أخرى وضع فيها اثاث وقور ولكنه بسيط، والغرفة الأخرى كان فيها طاولة طعام، في حدود الثانية والربع حضر من كنا ننتظره جاء مسؤول الضيافة في الدار فسأل إن كان يستطيع ان يفرش المائدة، فقال له: لننتظر حضور الأخوة، لم يمض وقت طويل حتى حضر أحد أعضاء الجمعية الوطنية السابقة وعضو مجلس الدستور، وهو دكتور وعالم ومؤلف للعديد من الكتب المشهورة جدا في الوسط الديني الفقهي، ثم تعاقب الأخوة: الدكتور مستشار رئيس الجمهورية، والأستاذ مستشار نائب رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي، وأحد مسؤولي الأمانة العامة في مجلس الوزراء.. انا تصورت أن الحاضرين كانوا مجرد زوار مثلي، ولكني فوجئت بعد ذلك انهم يقيمون معاً في هذا القصر!!

كان الغداء عاديا جدا لم يتجاوز نوعين من الصحون، وباعتبار ان العدد المقيم في هذا القصر محدد لذلك فإن اشتراكنا في مائدة القصر كان سببا في تقليص الحصة من الغداء، صاحبنا أبلغ مسؤول الضيافة بأن يبقي شيئا للوزير الفلاني فقد يحضر بلا غداء من وزارته!!! كان حديث المائدة طريف ولكن علمت أثناءه أن نائبا آخرا في مجلس النواب يقيم هنا!!! وقد كان المكان مظلما لأن الكهرباء مقطوع.

حضر الوزير الدكتور وكان بلا غداء وجلس يأكل بصمت في صحن واحد فقط!!

القصر كان عبارة عن اربعة غرف صغيرة للمنام، وصالة استقبال وطعام وصالة كبيرة للحرس ومسؤول الضيافة بالاضافة إلى المنافع الصحية والمطبخ.

بقينا للعشاء وكان العشاء عاديا جدا لم يزيد على نفر كباب وصحن من الشوربة، وكان الشخصية العلمائية يتندر ويقول: بأن الطباخ كأنه قد أقسم بالقرآن بأن لا يذيقنا إلى يوم القيامة إلا الكباب والشوربة!!

انتهى العشاء وبعد تناول الشاي ومقدار من الفاكهة انهمك الجمع في أحاديث شتى لكن غالبيته كان يدور حول ازمة الخدمات والأمن ومشاغل البلد بشكل عام، ولم يخل الحديث من تندر فيما بينهم رغم ان وجودي وصاحبي ربما نغّص عليهم خصوصيتهم.

ما لاحظته أن أحدهم لم يهدأ تليفونه ابدا حتى ساعات متاخرة من الليل، كان يرد على كل اتصال، احدهم همس في أذني، قال: إنه يعتقد بوجوب الرد على التلفون، من خلال طبيعة الأحاديث اعلم ان المتصلين لا يعرفهم، وإنما هي شكاوى في غالبيتها أمنية في مناطق شتى من العراق، وكنت ألمس انه ما أن يغلق التلفون حتى يبدأ هو بالاتصال بمسؤولين في رئاسة الوزراء أو الوزراء أنفسهم بل ربما اضطر للإتصال بموظف صغير لكي يقضي حاجة من اتصل به، أحد حرسه ابلغني بانه يعطي تليفونه لكل من يطلبه، وهو لا يغلق التلفون ايضا لا سيما في الليل. (كانت حصيلة اليوم هي عدة اتصالات من المدائن وديالى والنهروان والشعلة والتاجي والموصل).

عند الفجر وتحديدا في الساعة السادسة إلا عشر دقائق والسادسة اهتزّ القصر!! لانفجارين لصواريخ انفجرت على مقربة منه، وكان صوت الانفجار قد ايقظنا بحمد الله للصلاة، رغم إن بعضهم كان جالسا قبل ذلك.

في الصباح جلسوا متفاوتين في اليقظة ولكن القدر المسلّم ان احدا منهم لم يشبع من النوم لأنهم سهروا في غرفهم إلى قدر من الليل يراجعون أعمالهم، وكان الفطور عبارة عن قطعة من الجبن وشاي وقطعة من الصمون..

ثم فرغ البيت من روّاده فكل غادر لمحل عمله، بعضهم ومنهم الشخصية العلمائية التي قصدناها كانت عائلته في بغداد، ولكن بين زحمة العمل وظروف الأمن كان يمضي وقته بعيدا عن عائلته...

قبل أن أودعه قلت له لدي سؤال ملّح: لماذا هذه الطريقة من الاكل؟

قال: وما به؟

قلت له: إن الأكل الذي تاكلونه لا يتناسب مع اوضاعكم!

فأجابني بمزاح: هل ان بطوننا تختلف عن بطون الآخرين؟

فاعتذرت وقلت له: انتم لا مشكلة لديكم في المال... فلماذا هذه الشحة التي قد تبدو بخلا؟

قال: ليس بخلا ولا شحة فالأكل هو هذا الذي نأكله في بيوتنا، بلى نستطيع ان نأكل ما هو أفضل منه ولكنه لا يغير من المعادلة شيئا، نحن لا نعيش لناكل، وإنما ناكل لنعيش، وبالنتيجة لم نمت من الجوع، ودعني وانصرف.

صراحة بقيت مبهوتا، ولكني صممت ان أكتب ما شاهدت إلى القراء لا سيما لأخينا الذي طلب من أحد قادة الائتلاف أن يشرف من قصره على المساكين، لكي يعلم ان بعضهم يعيش واقعا حياة المساكين، فقصره لم يكن في مساحته مع الحديقة الصغيرة يتجاوز ال250 مترا مربعا فقط.

ما يجب علي التنبيه له: إن هذا لا يشمل جميع أعضاء الائتلاف، فلربما في مكانات أخرى ثمة نمط آخر من المعيشة.

إن في ذلك لعبرة أيها الأخوة.

محسن الجابري

وكالة أنباء براثا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
أبو تقى من الديوانيه
2006-12-05
الحمد لله على هذه الحاله وأرجو أن يكون جميع أعضاء الأئتلاف بنفس الصوره وليبرئنا الذمه من كان بهذه الحاله ونكون قد اغتبناه في يوم من الأيام
أبو الحسين الدكتور الموسوي
2006-10-16
السلام عليكم صراحة لاأعرف حياة المسؤليين لكنني أقمت فتره في مكتب حزب الدعوه الاسلامية ورأيت الزهد بعينه ففي ألايام التي نكون مفطرين (وهي قليلة) فأن غدائنا هو العدس والرز وبكمية قليلة وكل واحد منا يخدم نفسه بنفسه حتى الشيخ المجاهد------.
نصير الكيتب
2006-09-13
تحية وتقدير ....ارجو الانتباه على انه هذا المقال قديم جدا ويستحق التغيير ...على اقل تقدير من وجهة نظري ...ما عندكم جديد ؟؟؟؟ السلام عليكم
محمد البلداوي
2006-09-09
وما الداعي للعجب في ذلك اوليسو هم أحفاد محمد وعلي صلوات الله عليهم وهم يؤمنون بحكمة منسوبه للسيد المسيح عليه السلام(من كان همه فيما يدخل الى بطنه كانت قيمته مايخرج منها)على العكس من آخرين كفر الزمان فسماهم قادة للعراق ولا هم لهم الا الحديث عن المقاومه الشريفه (كلّش هوايه)وأهلنا في المنطقه الغربيه
حيدر
2006-09-05
انا اعرف بعض!! اقول بعض وليس كل شخصيات الائتلاف العراقي الموحدمن خلال سنوات المهجر, اي منذ ايام معارضتهم لنظام الطاغية الملعون, وهذه المعرفة متأتيه من علاقات شخصية وزيارات عائليه متبادله ومن هنا فانا اعرف جيدا كيف كان يعيش هؤلاء الاخوة في بيوت بسيطة ومتواضعه تعكس بساطة وتواضع واخلاص اصحابها لقضية امنوا بها ودفعوا ثمناً باهضا لاجلها. وبعد التغيير الذي حصل في العراق التقيت بعدد من هؤلاء الاخوة الذين هم الان في مواقع قياديه في الائتلاف او في الحكومة لاجدهم كما عهدتهم في السابق. والله من وراء القصد
أبو فرزدق
2006-09-02
الى الاخوة الذين علقوا هنا ولم يتقبلوا مسالة أكلة الباميا ثم مسألة الرواتب ومسألة الغرف الاربعة وفيها يسكن ثمانية وانها مبالغة... أقول أنا مصر على كلامي انها اكلة الباميا وأقول لمن يسأل عن الرواتب أن السيد عمار على سبيل المثال وهو قيادي شعبي لاراتب له لان ليس له صفة رسمية في الدولة او صفة حكومية ثم أن بيت السيد الحكيم في الجادرية تسكنه عوائل كثيرة ياأخي لاتكفيهم اربع غرف ولاسبع غرف. والسلام
رزاق الكيتب
2006-08-28
السلام عليكم شكرا جزيلا للاخ العزيز محسن الجابري ولموقع براثا الذي يقدم ما لا يقدمه الاخرون مع حداثة الموقع نسئل الله لكم التوفيق ,وان ما ذكرته هو عين الحقيقة مع انه ايضا هناك صورة اخرى مختلفة وكل ما بالاناء ينضح وعلينا ان نتذكر دائما بأن الحكمة هي مخافة الله ومن يرحم في الارض يرحمه ما في السماء .
بنت العراق
2006-08-23
خبر مفرح للغاية والله.. الحمد لله ان في هذا العصر يوجد المؤمنين امثال ابطال الائتلاف عكس ( ا ي ا د ع ل ا و ي) :)
محمد فاضل
2006-08-17
يقول صاحب المقال ان القصر فيه اربع غراف نوم ولكن عدد الذين يسكنون في القصر ثماني اشخاص ؟ ارجوا ان لا يكون هذا المقال اشبه بالبطاقة التموينية المفقودة لعدي المقبور
أم محمد
2006-08-17
السلام عليكم أنا لا أعرف شخصيات الإئتلاف إلا من خلال شاشات التلفزة ـ لكني متأكدة وكأني أراهم بعيني إن هذه هي فعلا معيشتهم لا أستغرب بتاتا مما رأيت وكتبت يا أخي لكن أتمنى أن يكونوا مثالا لنا نحن الشعوب قبل أهل السلطة ـ تحياتي
يحيى قنصل
2006-08-16
والله اخوان سامحوني هذا كلام فيه مبالغه هسه اكلو باميا لو دجاج بس كلي رواتبهم اشكد اذا هم يريدون يقتصدون هاي مشكلتهم . والسلام
أبو فرزدق
2006-08-16
ثقوا ايها الاخوة إن كان كاتب المقال قد أكل الكباب فلعله كان محظوظاً حينها فإن في البيت الذي يسكنه المولى عبد العزيز الحكيم والاخوة الذين معه وهم قيادات الائتلاف لو قدر لكم الذهاب هناك والبقاء لبعض الوقت فأن وجبة الطعام الرئيسية هي الباميا "قبل ان يزيد سعرها" حتى اصبحت نكته لطيفة يتداولها من يزور المكان أويبقى فيه لبعض الوقت للقاء السيد عمار أو والده السيد الحكيم فيقول احدهم للآخر لعلكم اكلتم اليوم الاكلة الفلانية فيرد الآخر لم تصب الحقيقة بل هي البامية كالعادة!
soha
2006-08-16
هل يعقل إن في هذا الزمن يوجد هكذا مسؤولين؟! إن كان صدقا ما قلت يا أخينا محسن فبشرك الله بالخير.. واقعا احتار كيف أصف مشاعري.. نشكر الله على هذا التوفيق في أن نعرف ان هناك من يشاطرنا الالم
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك