المقالات

مشاهد فيلية- جامع براثا والكورد الفيلية-


ساهم الكورد الفيلية في كل عمليات ترميم وتوسيع التي أجريت على المسجد على مراحل تاريخية مختلفة (بقلم: د. منيرة أميد)

يرتبط الكورد الفيلية بأكثر من وشيجة بمسجد براثا التاريخي في بغداد والذي استهدفته قوى الظلام والارهاب الاسبوع الماضي . ليس فقط لموقعه القدسي، حيث أغلبهم من أتباع المذهب الجعفري الاثنا عشري، ويدينون بولاء كبير لال بيت رسول الله (ص)والائمة الطاهرين (ع)، حيث تقول الروايات أن أمير المؤمنين الامام علي ابن طالب (ع) قد مر في هذا المكان بعد عودته من واقعة نهروان سنة 37 للهجرة ، وصلى فيه مع ولديه الامامين الحسن والحسين (ع).، وحفر بئراً، ما زال موجوداً يتبرك به كل من يزور المسجد وانما ربطتهم به أكثرمن ذكريات.أن موقع المسجد والمعروف "بالمنطگه" في بداية المنطقة المعروفة بالعطيفية، شهدت سكن الالاف من العوائل الكورد الفيلية.سكنها "خان بشتكو"* منذ وصوله بغداد في عشرينات القرن المنصرم. ثم مع توسع وزيادة العمران الذي شهدته مدينة بغداد في الخمسينيات والستينيات من نفس القرن، وزيادة رغبة العوائل وخاصة تلك التي كانت تتمتع بوضع أقتصادي مرتفع، الخروج والسكن خارج الاحياء الشعبية في بغداد التي بدأت تضيق بساكنيها. زاد الاقبال على المنطقة التي كانت تتمتع بجمال أخاذ وهي محاذية لنهر دجلة وتنتشر فيها بساتين الحمضيات وأشجار النخيل التي كانت تسقى من مياه دجلة التي ترفع اليها بمحركات (مكائن) ، كانت تثير فضولنا ونحن أطفال.تلك المكائن كانت منصوبة بمحاذات النهر فتنقل المياه الى سواقي كبيرة نسبياً، كانت مكاناً مثالياً لتعلم السباحة، وكان تعج بأبناء المنطقة في فصل الصيف بالرغم من تحذيرات الاهل وتهديداتهم بالعقاب لنا لو تجرأنا الاقتراب منها. كانت تلك السواقي تتفرع منها أخرى أصغر فأصغر لتدخل البساتين والبيوت .المنطقة كانت تمتاز ايضاً بانها تقع في الطريق المؤدي الى المرقدين الشريفين في مدينة الكاظمية. لذا بدأت البيوت الفخمة والمبنية على طراز غربي ومطعم بذوق عراقي، تعلو فيها. مع احتفاظها بحدائق غناء منسقة بذوق رفيع، ومهنة البستاني كانت زاخرة هناك. وكان للكورد الفيلية نصيب الاسد من تلك البيوت الفارهة. حتى سميت عدة مناطق بأسمهم. ان لوجود المسجد في ذلك المكان كان معلماً بارزاً ، تستدل عند وصولك اليه انك دخلت العطيفية، فولد أرتباطاً روحياً بالمكان. وأصبح المسجد كدالة مكانية تستمد منه أحداثيات اي موقع تريده.ساهم الكورد الفيلية في كل عمليات ترميم وتوسيع التي أجريت على المسجد على مراحل تاريخية مختلفة. ففي الستينات عثرعمال بناء من أبناءهم في انقاض بعض أجزاء المسجد، على بعض الكتب والمخطوطات، كتبت بخط اليد، وكانت مزدانة برسوم ونقوش مثل تلك التي نراها في الكتب التراثية وبلغة عربية لم نكن نفهمها، وبلغات أخرى ربما كانت فارسية أو تركية (عندما كانت تكتب بالحروف العربية). ونقود معدنية قديمة، تعود لفترات تاريخية مختلفة،. كما عثروا على حاويات خزفية كبيرة (بستوگات)، كانت ماتزال في حالة جيدة، سلمت لادارتها.أتخذ الشيعة من المقبرة الملحقة بالمسجد**، مدفناً للاطفال المتوفين باعمار صغيرة، ولاولئك المعدمين وكذلك لسدنته ، وكم من رفات طفل فيلي تحتضن تلك الارض ، وأحداهن كانت شقيقتي.كانت مراسيم عاشوراء في أحياء بغداد القديمة، والغاصة بسكنته من الكورد تبدأ بخروج المواكب من "جامع المصلوب " الموجود في حي القشل عند المنعطف المؤدي لسوق الدهانة، وتختم طقوسها في جامع الخلاني. بينما في زيارة الاربعينية كانت تخرج الجموع سيراً على الاقدام من مناطقها في الرصافة لتعبر الى الكرخ عبرالجسر الحديدي، لتصل الى "المنطگه" وتتبرك بزيارة المسجد، وأقامة صلاة الظهر ، وتشرب وتغسل وجوهها بماء البئر المبارك، وتأخذ قسطاً من الراحة ، لتواصل مسيرها الى مدينة الكاظمية، يمرون بطريقهم ببعض الاقارب يتزودون بالماء. وخاصة عندما كان يصادف ان يكون الموسم صيفاً.كانت الحشود تصل المرقدين الموسويين في مدينة الكاظمية، لتكمل شعائر ذلك اليوم، وتتناول بعدها طعام الغداء هناك.عند المساء، البعض كان يفضل وخاصة كبار السن والاطفال، ركوب تلك السيارات الخشبية لتعود الى مناطقها في أحياء الكورد الموزعة على جانبي شارع الكفاح (غازي)، بينما يفضل الشباب أن يعودوا سيراً في نفس الطريق ، وخاصة بسبب الزحام لذا ينطلقون مبكرين.د. منيرة أميد
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك