( بقلم عبد الرزاق السلطاني )
من خلال استقرائنا للخارطة السياسية العراقية بدت تطفو مؤشرات ناشزة تحاول كبح الاستحقاقات الانتخابية بتعطيل ارادة الجماهير الوطنية، واعادتها للمربع الاول بتعويق العملية السياسية من خلال الالتفاف عليها،
ومما لاشك فيه هو تفكير البعثيين المستمر بحلم العودة ولو على برك من دماء العراقيين وهذا ما تظهره بياناتهم ودعواتهم لزرع الكراهية وتصوير حالات الاحتراب بين الشيعة والسنة لجر الواهمين الى مستنقع الاحقاد والاقتتال الذي لاطائل منه غير عودتهم الى سدة الحكم، فلقد كان للدعوات الكريمة للمرجعية الرشيدة التي كانت ولا تزال صمام الأمان للشعب العراقي بمواقفها الوطنية الشجاعة للتعايش ونبذ الكراهية بأعتبارها المظلة الأبوية للعراقيين بكافة اجناسهم وأعراقهم، وهي الرافد المعطاء لتضميد جراحاتهم النازفة، فدعوتها لحفظ وحدة العراق شعباً وتراباً والعمل باتجاهه، الأمر الذي لم يرق لأعداء العراق مما حرف بوصلتهم باتجاه دعواتهم الخبيثة التي حالوا بها جره الى اتون حرب لارابح فيها غير الصداميين والتكفيريين بعد ان وصلوا ذروتهم في الابادة الجماعية والقتل على الهوية، والتهجير القسري المستمر لأتباع أهل البيت(ع) فلابد من وقفة حقيقية لدراسة استمرار هذا الوضع المأساوي وسبل الخروج منه بوضع الآليات الدقيقة للمعالجات الجذرية، وعدم تدوير الزوايا الحادة في المعالجات الأمنية باعتماد الحلول الناجعة لدرئ تلك المشاكل التي بينت عمق الكارثة الإنسانية التي حلت بهم بتطبيق القوانين الصارمة والطرق على رؤوس الارهابيين والضرب بيد من حديد من خلال تفعيل قانون مكافحة الارهاب، ففي ظل حالات الضبابية التي تكتنف المشهد السياسي المشاريع التي تتداول في الغرف المغلقة وتحت الطاولات دون بيان ماهيتها وشخوصها ومشاريعها إذا كانت تحمل تلك السمات!، من وسط كل الارهاصات تستمر عاصفة الماكنة الإعلامية المظللة بكل حنكة وتذاك لتفتح ثنانيا الأجساد المتناثرة وتحول الأفزوعة الى بيانات تجميلية وتزينية مخدرة تحت مسميات (المقاومة) التي أوجدت مصانع للعنف المبرر وتؤدلجه لتجعل منه أمراً عادياً، ثم تصور الوطنيين ممن قارعوا الانظام الصدامي الدموي وأسهموا بشكل فعال في اسقاطه – قتلة –، فهم يصورن الموت تسلية.
هذا القطيع من السياسيين والاعلاميين حاولوا جاهدين تغيب الحقائق بآرائهم المسمومة وأقلامهم، فمن حسنات الديكتاتوريات إنها تؤرشف نتاجها المعوق لغلوها القوماني والشعاراتي والتبريري، فمن علامات الصحة في المواقف هو النضج والوعي الوطني الكبير الذي لايسمح للمزايدات ان يكون لها مفعول يودي الى تيسر مهمة استدراج الشارع العراقي نحو كمائن وفخاخ بالغة الخطورة وما لها من انعكاس على بناء العراق الفيدرالي الذي يعد نتاج تأريخي وليس ايديولوجي كما يصوره البعض،
فالاصرار على الفيدرالية هو التعبير الصادق عن المطالب الوطنية والشعبية فضلاً عن كونها أحدى الحقوق الدستورية، والتحرك باتجاهها هو لتعزيز الوحدة الوطنية بل هي الكفيلة لتعزيزها والداعمة لها، ففي ظل الدول المركبة أي – الاتحادية – تتجمع هذه الخصوصيات لتحقيق اندماج المحافظات لتوفير الأرضية المناسبة للمصالح الأقتصادية، والسياسية، الأجتماعية، ومن هنا فتشكيل أقليم الوسط والجنوب الواحد هو الحل الأمثل لمشاكل العراق في الوقت الحاضر ومستقبلاً من أجل تعزيز وحدة العراق وتهيئة المناخات الجامحة للحفاظ على وحدته، كما انه المشروع الاستراتيجي الصائب الذي يقف بوجه الفكر الإلغائي ويسحق الديكتاتورية.
وعلى الرغم من المفخخات والقتل العشوائي للعراقيين تمارس اسرائيل ذات الأسلوب والتهجير لأهلنا في لبنان فهي أضافت صفحة سوداء لسجلها الحافل بالجرائم ضد الإنسانية، فإن الصاعقة التي شكلتها المجازر التي جسدها الارهاب الحقيقي الذي تمثله آلة الحرب التي ضربت العشرات من الأبرياء من النساء والاطفال بدم بارد، وضمير ميت، إلا انه لم يكن كافياً على ما يبدوا للقوى العظمى والدول العربية التي عبرت عن صمتها المعهود للأقرار بالجرائم التي ارتكبتها اسرائيل ضد جنوب لبنان.
https://telegram.me/buratha