( بقلم الحق المهتضم )
حاولت جاهدا ً أن أترك الكتابة حتى تضع الحرب أوزارها ولكن الظاهر وبحسب الظروف الدولية لم يكن هناك إستقرار في العالم و لا يستقر الأمن إلا ّ بظهور المنقذ والمخلص الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ليخرج العالم من هذا المأزق .
وأجدني بمسيس الحاجة أن أخرج من دوامة التفكير والإحباط من الفضائيات لأعود الى الكتابة .ولا شبهة أنني في لائحة المغضوب عليهم عند بعض المتدينين ـــ للگشـر يعني المتطرفين ـــ وفي القائمة السوداء .
كما هو الحال فيمن يوضع في خانة المعادين للسامية .
ولا أقول ذلك جزافا ً بل لكثرة ما وصلني من رسائل على بريدي الخاص لمقالات طرحتها قبل أشهر .
وضعت يدي على الجرح النازف لكن ربما كان الوضع والوقت غير مناسب للطرح . ومن حق المعترضين أن يعترضوا ويفرغوا ما بجعبتهم من سهام لرشق من لا يتفقون معه في الرأي لأن الجرح لم يكن جرحهم ‘ ولم يكن نازفا ً منهم .
لم يكونوا قـد ذاقوا مرارة الظلم والتعسّـف وأشده إيلاما ً ما كان ممن ينتسب إليك بالهوية الشيعية . وكما يقول القائل : لا يألم الجرح إلا ّ من به الألم
فعودتي للكتابة لم يكن محمودا ً بل هو نذير شؤم لفتح جبهة قتال كلامية غير جبهات القتال التي تدور رحاها في العالم الآن .
ولا أدري هل يتساوى القاتل والمقتول كما هو في معايير الفضائيات ؟
أم أكون ظالما ً ومفسدا ً في الأرض كما هو حال العراقيين الذين تحسبهم الفضائيات قتلى ؟
وغيرهم حتى لو كان ناصبيا ً يصبح بجـّرة قلم محرر الأخبار شـــهيدا ً وشــاهدا ّ ومشــهودا ً ؟
والظاهر أننا أصبحنا أمام معيار هو مثل لطم شـــمهودة ــ رحمها الله ــ المهم أن تكون هناك نشرة خبرية ولا يهم من يكون فيها المظلوم أو الظالم فالبرئ منهم سينتصف له يوم القيامة . ولكني إستعنت بالله ــ أستجير بالله من المستعين بالله ـــ لعل من لديه القليل من الأنصاف أن يقف معي أو على الأقل لا يهاجمني ويخرجني من ربقة المؤمنين كما هو حال من أسلفت ممن أباحوا دمي الحرام ونحن في الشهر الحرام .
ــ هذا إذا كان القياس أن لدمي حرمة حتى لو كنت شيعيا ً إلا ّ أن ذنبي هو أني لم ا ُجاهر بقتال الأمريكان ولم أشهر السلاح وأنضم الى جيش اسامة ـــ و إلا ّ فالويل لي ومن يقف معي .
ولنبدأ رحلة المعاناة مع الشيخ دبس ذلك الرجل الساذج ــ أهبل بتعبير السوريين ــ لا يقرأ ولا يكتب ولا يفقه حتى الإجرومية ولكن الزمن رفعه وأجلس ذوي النهى في بيوتهم من علماء ومفكرين ووطنيين أحرار بل وضعهم في خانة المتواطئين مع الإحتلال في عصرنا الحاضر ورفع عقيرته من لا حريجة له في الدين وحامل ذكر ليكون سيد القوم فقامت المتردية و النطيحة
لتتصدر المجالس والفضائيات لتتحـــّـكم في مصير البلاد والعباد . ورحم الله المتنبي حيث قال :
متى تصل العطاش الى ارتواء ***** اذا اســتـقت البحار من الركايا
ومن يثني الأصاغــر عن مــراد ٍ ***** وقد جلس الأكابر في الزوايا
وإن ترفــّـع الوضعـــاء يـوما ً****** على الشــــرفاء من أحد البلايا
اذا اســــتوت الأســـافل والأعالي ****** فقــد طابت منادمة المنـــايا
لم تكن للشيخ دبس صفات تؤهله لأن يكون في مصّـاف العلماء والمفكرين أو حتى الرجال الواعين .
ولكن حثالة المجتمع التي تحيط به من قتلة وقطـــّـاع طرق وســفلة وإنتهازيين يسيطرون على مقدرات المنطقة والقرية التي هو فيها .
وهذا هو بلاء الا ُُمة في كل زمان ومكان .
فكم من رجل لا يحمل شهادة علمية أو لم يكن خريج جامعة تجده عبقريا ً وتأمل فيه الخير لتحمل المسؤولية قد عركته الصعاب تجده منزويا ً في داره لأنه لا يجد من يفهمه ويصغي إليه . وقد تجد العكس فيمن يضفي على نفسه ألقابا ً أو تنسب إليه الألقاب والعناوين الفضافضة ـــ كما هو حال الكثير من القادة والزعماء ومحللي الفضائيات في زمننا الحاضر ـــ له الصدارة في كل ما هّــب ودب.
وربما تقرأ عن البعض أنه من حملة شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية أو الخبير الاقتصادي ووو ولكنه أعجز حتى من إنشاء جملة مفيدة .
ومن أدهى الدواهي أن تجد هذا الداء منتشرا ً في عالمنا العربي والإسلامي . فهذا وأمثاله ميّــت يمشي على الأرض .
وكما قال إفلاطون : أموات الأحياء أربعة : السقيم في بدنه ‘ والمتغــّرب عن وطنه ‘ والناظر الى مال لغيره ‘ والمقدم عليه من هو دونه .
كان الشيخ دبس في قومه عارفا ً فقيها ً ـــــ لأن من حوله بين من هو من الأشقياء ولا دين له ‘ والبعض الآخر من السّـذج الذين غرقوا في البلادة والتخـــّـلف هم همج رعاع ينعقون مع كل ناعق ــ ولكنه عكس ذلك تماما ً إذ أنه لا يتمكن من قراءة آية على صورتها الصحيحة . يشبه من قرأ الآية الكريمة : ألم غلبت الترك في أدنى الأرض . فقيل له : غلبت الروم . فقال : كلهم أعداء الله قاتلهم الله .
خشن التعامل ‘ إبتليت به المنطقة كما إبتلي العراقيون بالفضائيات حتى الشيعية منها فجعله ــ الحظ المايل ـــ عالما ً ووجها ً بارزا ً في المنطقة .
وما من عالم ٍ يزور المنطقة للوعظ والتوجيه إلا ّ وقابله الشيخ دبس بسذاجته ومن حوله الهمج الرعاع والقتلة والمارقين الخارجين على القانون بالمكر والحيلة والتهديد .
و إتفق أن زار تلك المنطقة رجل دين على جانب من العلم والورع . فلما علم الشيخ دبس أن الوافد يحل محله بادره قائلا ً : سيدنا إكتب حيّــة .
فكتب السيد كلمة حيّــة .
فما كان من الشيخ دبس إلا ّ أن رفع صوته بالضحك عاليا ً مستهزءا ً بالسيد ورسم على الأرض خطا ً ملتويا ً وًقال لأتباعه الهمج الرعاع : بالله عليكم هذه حيّــة وأشار الى ما كتبه السيد ؟
أم أن هذه حيّــة ؟
وهكذا إستمر الشيخ دبس في تربعه في تلك القرية وأصبح لا يقترب منه كل من سمع به . والأدهى من ذلك أن الشيخ دبس لم يكن من المتدينين . ولكن تسلطه ومنطق القوة و التهديد وعقدة النقص جعلت منه رجلا ً فقيها ً وعلما ً من أعلام الا ُمة وشاعت قصته على كل لسان وفي كل زمان .
وهذا هو الواقع المشابه الذي يعيشه العراقيون من خلال معاناتهم اليومية في تصنيف الفضائيات لضحاياهم .
ولنأخذ قناة العالم مثالا ً واضحا ً لأنها شيعية ـــ و لا نعتب على غيرها لأن الفضائيات البقية تحكم على الشيعي بأنه منزلة مرتد مهدور الدم ـــ
تكتب على شريط الأخبار :
19 شهيدا ً في مختلف لبنان جراء القصف الإسرائيلي .
إســتشـــهاد 4 فلسطينيين جراء القصف الأسرائيلي
المقاومة الإسلامية تعلن مقتـــل جندي إسرائيلي
13 قتيـــلا ً و4 جرحى في مدينة الموصل
3 شــهداء برصاص مسلحين عقب مشاركتهم في مظاهرات تأييدا ً لحزب الله .
وإذا أردنا أن نضع الأخبار على المحّـك نخرج بالنتيجة التالية :
العراقي وإن كان شيعيا ً ويقتل الى جنب الحرم العلوي الشريف في النجف الأشرف
أو الى جوار الحرم الحسيني أو في مسجد براثا أو في أي حسينية .
تطلق عليه كلمة قتيـــل !
حاله حال الإسرائيلي الذي قتل من جراء قصف حزب الله !
ومن يقتل في فلسطين وإن كان ناصبيا ً أو من حركة حماس التي تكفــرّ الشيعة ‘ أو التي أقام قادتها الهالكين مجلس فاتحة على المجرمين عدي وقصي ومن أطلقوا على المجرم الناصبي
أبو مصعب الزرقاوي بطل الا ُمة وشهيدها لأنه فلسطيني خبيث . تعتبر ذلك القتيل
شــهيدا ً .
ولنسأل ما هو أكثر وضوحا ً : لماذا أطلقت عبارة شــهيد على من قتل في تظاهرة تأييدا ً لحزب الله فقط وهو عراقي أيضا ً ؟
هل أصبح المعيار حزب الله ؟
ونقول : لا بأس ونحن في خدمة حزب الله نرفع الأكف أن يجعل النصر حليف هذه الثلة المؤمنة التي هزأت بالحياة وسارت على خطى سيد الشهداء الامام الحسين ع وأن يتغمدّ شهداءها بالرحمة والرضوان ويحفظ قائد مسيرتها البطل السيد حسن نصر بمحمد وآله الطيبين الطاهرين .
ولكن آية الله العظمى السيد السيستاني مد ظله كان واضحا ً في بيانه الذي إستنكر ما يجري في لبنان .
وهي الا ُخرى المحافظات العراقية في غالبها بادرت الى مناصرة حزب الله وخرجت في تظاهرات وإستنكرت ما يجري في لبنان وقامت منظماتها ومؤسساتها بجمع التبرعات ولازالت وفي طليعتها مؤسسة شهيد المحراب قده ؟
فلماذا هذا التخصيص وفي يوم واحد وعلى شريط إخباري واحد تطلق قناة العالم
كلمة شـــهيد على من كان في مظاهرة تأييدا ً لحزب الله ؟
وكلمة قتيـــل على من قتلوا بتفجير إرهابي في الموصل والمدن العراقية الاخرى ؟
وهل أن الدم الفلسطيني والذي يدعو أتباعه الى ذبح الشيعة في العراق ولازالوا يجمعون التبرعات لمن أسموهم بالمجاهدين في العراق هو أنقى من الدم الشيعي ؟
ربما كان التعليل هكذا لأن الفلسطيني بنصب بعضهم العداء لأهل البيت ع أفضل لأنهم تأثروا برائحة المقولة شعب الله المختار ؟
أو ربما كان ذلك تكريما ً لتصريح قياداتهم من أمثال السافل خالد بيوض التميمي عضو حركة فتح وعضو المجلس الفلسطيني عندما وصف آية الله السيد السيستاني بــ الحقير ؟
أو وصف شهيد المحراب بـ المجرم ؟
أو وصفه الشيعة أنهم أتباع المجوس في طهــران ؟
أو لأنهم أتباع الدكتور .... الذي أقام هو والعجوز ــ الهالكين بغضب الله ـــ مجلس الفاتحة على المجرمين قصي وعدي ؟
أو لأنهم من أتباع الدكتور السفيه محمد عفيف النابلسي الذي وصف آية الله السيد السيستاني بــ المنافق في خطبة الجمعة في أحد مساجد طول كرم ؟
وكل من ذكرتهم لم يكونوا من السّــذج أو الرعاع حتى يقال أن كلامهم لا يعبأ به ؟
بل هم من حملة الدكتوراه ــ ظلما ً وعدوانا ً ــ ومن القياديين وأحدهم أطلق عليه القناة الحبيبة ـــ لا نسميها لأننا في محنة ــ شيخ المجاهدين ؟
والظاهر أن هذا الكلام هو نفخة النافخ في رماد
وأرى أن تترك هذه الفضائيات ـــ والشيعية منها ـــ الشأن العراقي لأنها تنكأ الجرح ولا خير فيها وفيمن يقدم برامجها من الفلسطينيين والأردنيين .
فمتى أحب آل أبي سفيان وأبناء مروان أبناء علي ع ؟
ولسان حال العراقيين ــ والشيعة منهم خاصة يقول لهذه الفضائيات التي يديرها أشباه الرجال
إذا كان لا علـــم ٌ لديك تفيـــدنا ** ولا أنت ذو دين ٍ فنرجوك للـــدين
ولا أنت ممن يرتجى لكريهة ٍ ** عملنا مثالا ً مثل شخصك من طين
الحق المهتضم
https://telegram.me/buratha