المقالات

بغداد.. قتلوني ولكن!


( بقلم : بشرى الخزرجي )

لم ينم بشار تلك الليلة الحالكة الظلمة .. ظل يقظاً يرمق السماء بنظرات حزينة غريبة والدموع تملأ مقلتيه يناجي خالق الكون .. يا رب دقات قلبي تتسارع! ثمة شيء يقلقني، يخيفني، يرعبني، يسرق النوم من عيني لا اعلم له سببا؟ .. ربي ما الذي يخفي لي القدر مع حلول يومي القادم؟ اللهم أسألك اللطف بي وبوالدي وعائلتي الصغيرة، يا الله.. مولودي الجديد الذي ولد قبل أيام عدة بحاجتي فلا تحرمه مني يا ارحم الراحمين. سكون الليل كان على غير عادته، لف المنطقة والدار المتواضعة القابعة في احد أحياء مدينة الصدر الشعبية، الجميع غط في سبات عميق.. لكن لم يداعب النعاس جفن المهندس بشار ذلك المساء أبدا.. بقي متحيرا لا يجد تفسيرا لما هو فيه، فتارة يضم صغاره إلى صدره كما وقد عزم السفر بعيدا بلا عودة.. وأخرى يرنو بناظريه نحو حجرة والديه وكأنه يودعهم الوداع الأخير محدثا نفسه .. إنها النهاية .. انه الفراق، انه الموت الذي لا بد منه، بل أظنه طريق الفناء الذي رسمه لي الأعداء المجرمون المتعطشون لدماء أبناء العراق.. هؤلاء الوحوش البشرية الذين يتبعون خطوات الشيطان متوهمين أنهم يسلكون سبيل الرحمن، ينهشون جسد بلادنا دون رحمة كل يوم، حتى في شهر الرحمة والتراحم رمضان الكريم لم يسلم الناس منهم.. أولئك الغرباء المبتورون لا يريدون الأمان لنا، فكم من الدماء الزاكيات هدروها على أرضك يا بلد الأولياء ؟لقد حان أوان رحيلي المبكر الذي خطه القتلة السفاحون لي بلا شفقة أو ذمة .. سأودع أهلي عند غدي الباكر .. أمي، أبي، زوجتي، إخوتي .. أرجوكم سامحوني سأترك لكم أحزانا كبيرة اسأل الله أن يخففها عنكم .. سأمضي أحبتي إلى واجبي عند الصباح، سيكون صباحا غير كل الصباحات .. فقاتلي الملثم الجبان ينتظرني خلف جدران التخلف والتعصب الأعمى ..هناك في شوارع مدينتنا الحبيبة بغداد.. أجل سأقتل برصاص الغدر والجهل عند شروق شمس يوم جديد من أيامك يا بغداد .. على يد أناس مجهولين ليس لهم طعم ولا لون سوى لون الدم وطعم الموت والدمار!. أستحلفك يا مدينتي الغالية بكل قطرة دم سقت ترابك الطاهر أن لا تحزني ولا تبكي أبنائك الذين يتساقطون كنجوم ساطعة تنير درب الحرية والبناء .. بل تباهي و تفاخري بهم ثم ادعي وتضرعي إلى الله .. ادعي فبدعائك يرفع الله البلاء عن سماء عراقنا .. وصيتي لك الصبر ثم الصبر يا مدينة السلام.. كما عهدتك صلبة العود على الرزايا بشموخك وسموك الذي يبلغ آفاق المدى.. كيف لا وأنت عنوان العزة وفخر المدن ومهد العلم والعلماء .. اطلبي يا أم العراق وقلبه الكبير الصافي الطيب من الله أن يحفظ وطننا وأهلنا ويخزي و يهلك أعداءنا في الدنيا قبل الآخرة .. وسنردد كلنا خلفك وبصوت واحد .. آمين يا رب العالمين.

تنويه: اهدي كلماتي هذه إلى ابن عمتي الشهيد المظلوم الفقير ابن الفقراء المهندس بشار كاظم الذي قتل يوم 2_9_2008 وجميع شهداء العراق الأبرار الذين قضوا نحبهم على يد القتلة المجرمين وما بدلوا تبديلا.

بشرى الخزرجي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي السّراي
2008-09-25
لكي ايتها الاخت الفاضلة ولكل اهلنا واحبتنا في عراق الصابرين اسمى ايات التعازي والاسى لفقدكم الاخوة والاحبة على يد اعداء الله ورسوله والناس اجمعين رحم الله شهيدك وكل شهداء العراق واسكنهم فسيح جناته وعزائنا هو اننا نقتل ونذبح لاننا اتباع اصحاب السراط المستقيم وإنا لله وإنا اليه راجعون ولعنة الله على ظالميهم وظالمي آل محمد من الاولين والاخرين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك