المقالات

الفوضى الخلاقة والارادة العراقية


( بقلم : علي الخياط )

ما لا يقبل الشك والريبة ان القوى الكبرى تضع لها استراتيجية معمقة قبل البدء بأي مشروع ودراستة من كافة النواحي والالمام بكل ماله شأن بذلك. وأكيد ان القوات الامريكية قبل الدخول الى العراق واسقاط نظامه البعثي قد وضعت خطة لما بعد (سقوط النظام) ولم تكن الاحداث ناتجة عن فوضى كما يحاول البعض وصفها والفوضى الخلاقة او البناءة مصطلح ادرجته الادارة الامريكية وعلى لسان كبار مسؤوليها لموازنة سيطرة الاحزاب الاسلامية عن طريق الديمقراطية التي يداعي بها المسؤولون ونقيضتها الفوضى الخلاقة، من اجل اسقاط هذه الاحزاب الاسلامية الحاكمة، عن طريق تغذية هذه الفوضى هنا وهناك وعن طريق جماعات مسلحة وعصابات منظمة وارهابيين تكفيريين وامدادهم بما يحتاجون من مال وسلاح وتوفير الحماية لاسقاط حكومة الاسلاميين المنتخبة؟

وما عمليات السلب والنهب والقتل التي حدثت بعد انهيار النظام البعثي ووقوف القوات الامريكية موقف المتفرج من هذه العصابات وتهديم البنى التحتية وسرقة منظمة للمصارف، كل هذا امام مرأى ومسمع القوات الامريكية لارسال رسالة الى المواطنين ألآ وجود للامن ولا حماية للممتلكات بعد حل المؤسسات الامنية وجعل البلد في فوضى لتنصلها (القوات المتعددة الجنسيات) عن حماية مؤسسات اركان الدولة وممتلكاتها.

وكما قال الكاتب صمويل هنغتون صاحب نظرية صدام الحضارات (فجوة الاستقرار) في معالجته للنخبة السياسية التي تولد احباطاً ونقمة في اوساط المجتمع مما يعمل على زعزعة الاستقرار السياسي، فالاحباط الاجتماعي يولد المزيد من اللااستقرار اذا ما انعدمت الحرية الاجتماعية والاقتصادية وهينغتون يريد ان يصل الى أن التحديث السياسي او اللغة السائدة اليوم للاصلاح السياسي يرتبط بالاستقرار وهذه الحالة قابلة للانقياد اما نحو التكيفّ الايجابي او تحلحل البنية السياسية باكملها واستبدالها بأخرى.والان الحكومة المنتخبة امام مأزق الاستراتيجية الاميركية في الاتفاقية الامنية المزمع توقيعها بين الطرفين ،ومااختلاف وجهات النظر بين الساسة العراقيين والاتهامات المتبادلة بشأن السيادة وحقيقة الاتفاقية وبنودها الا تعبير عن مصداقية الفوضى التي ولدتها السياسة الامريكية لتحقيق اعلى سقف من المطالب التي تصب في صالحهم.وهنا

كثرت الطروحات وتشعبت، وادلى كل احد بدلوه ليشخص عيوب الاتفاقية الامنية واسباب الضرورات المحيطة بها حسب وجهة نظر الذي ادلى برأيه.. خطباء الجوامع والحسينيات وائمة الجمعة يطالبون بعرض الاتفاقية ومفرداتها على ابناء الشعب ، رجال السياسة اغلبهم يطالب بعرضها ، على الشعب ، اما المواطنون عموما فاختلفت اراؤهم ، منهم من يعتمد على البرلمان ، المنتخب في حل هذه المعضلة ، اخرون يرفضونها جملة وتفصيلا ، بعضهم يطالب بتثقيف المجتمع وإطلاعه على هكذا اتفاقيات ، وكما حدث في اغلب الدول التي عانت ما يعانيه العراق من وجود قوات اجنبية على ارضه، مرت اشهر على المفاوضات بين الجانبين العراقي والامريكي ، ولم يعرف ابناء الشعب عنها غير ما يرد في الاعلام والذي يكذبه بعض الساسة على اختلاف انتماَتهم بأن ما يذكره الاعلام غير ما تذكره حقيقة الحقائق والوثائق في هذه المفاوضات ، الحكومة والبرلمان والمرجعيات السياسية عاجزة عن ايصال مفردات الاتفاقية الى الشعب ،وربما اقرار مثل هكذا اتفاقية دون ان يكون متوافقاً عليها من المكونات السياسية ، سيؤدي الى ما لا يحمد عقباه ،خاصة و نحن نعيش في بلد التوافقات السياسية من اعلى رأس في الحكومة الى اصغر موظف في وزارتها ، فما الذي ينتظره القائمون على هذه الاتفاقية في الاعلان عنها وذكر تفاصيلها . جميع المواطنين في العراق يرغبون برحيل القوات الامريكية والاجنبية كافة من ارض البلاد ، جميع الطوائف والاديان لها نفس الرأي ،والجميع يطالب بتسليح القوات الامنية العراقية من جيش وشرطة وقوى اخرى تستطيع القيام بحماية المواطن والتصدي للارهاب والعنف ،واخيرا نقول ان كانت الفوضى الخلاقة منتجا امريكا فعلينا ان نؤكد ان الاعمال الارهابية والمسلحين الخارجين عن القانون ،والقاعدة هي جزء من هذا المنتج واستراتيجيته للعراق ومعنى الاستراتيجية :هي خطة عامة لتحقيق هدف معين في مرحلة معينة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك