المقالات

مقتدى الصدر و فوبيا الاتفاقية العراقية – الأمريكية


د. سناء الحربي

في الواقع يضعنا مقتدى الصدر بفعل إصراره الغريب على رفض أي شكل من أشكال الاتفاق و التأطير لعلاقة العراق الحالية و المستقبلية بالولايات المتحدة الأمريكية أعظم دول العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي و أكثرها امتلاكا لأوراق اللعب في الطاولة الدولية ، أقول يضعنا مقتدى الصدر بهذا الإصرار أمام بعض من التساؤلات التي تبقى عالقة دون إجابات تذكر . فلماذا كل هذا الإصرار على رفض أي نوع من الاتفاق حد أنه عرض أخيرا على الحكومة العراقية تأييد أتباعه له دون أن يوضح معنى محددا لهذا التأييد و لكنه يذكرنا بلا شك بمناسبات سابقة حين كان التيار الصدري جزءا من الائتلاف العراقي الموحد ؟ و لماذا يأتي الرفض وهو في الخارج بكل هذه القوة التي فاقت حتى رفضه لما يسميه الاحتلال وهو في الداخل و اقصد هنا جانب التركيز و التكرار و الانفعالية الواضحة في بياناته و خطاباته ؟ لا يسعنا هنا و نحن نراقب الحالة الصدرية منذ زمن طويل إلا وضع النقاط التالية كأجوبة محتملة بقوة لسبب الرفض الصدري القاطع ذاك و هي :أولا : محاولة تعويض الاخفاقات التي لحقت بجيش المهدي خلال الأشهر الأخيرة و سترها برفض حاد و دون أن يترك مجالا للمناقشة و الأخذ و الرد . فأتباع الصدر شعروا بانهيار في معنوياتهم و حالة من الضياع و عدم القدرة على معرفة ما الذي يسعهم عمله بعد أن تم إخراج مليشياتهم من اللعبة .. و هذا الواقع يمكن تلمسه من خلال رسالة وجهت لمقتدى الصدر أخيرا و نشرها موقع مقرب من التيار الصدري بدت فيها معنويات أصحابها في الحضيض و انعكس على سطور الرسالة التي كانت على شكل استفتاء مبلغ ما يعانيه أتباعه من حالة الضياع و التوهان . ثانيا : مقتدى الصدر يقيم حاليا في مدينة قم و في مدينة قم هناك حملة واسعة و منظمة لرفض أي معاهدة أو اتفاق مع الولايات المتحدة و يبدو أن مقتدى قد ركب الموجة و خضع تماما و باستسلام لتأثير البيئة التي يقيم فيها حاليا دون أن يمحص الأمور و يتفحص الخيارات و ينتقي منها ما هو أوفق بمصلحة العراق لا مصلحة الآخرين و ما يمكن أن يعود بالإيجابيات على العراق بغض النظر عن السلبيات في نظر أطراف أخرى لسنا معنيين بها كعراقيين . و من المعلوم أن النقاط التي كانت مثار اعتراض و مادة تشنيع للوسائل الإعلامية التي تتصيد في الماء العكر هي نقاط مرفوضة من قبل الشعب و الحكومة و لا حاجة للمزايدة في هذا الشأن ,. ثالثا : الخشية لدى مقتدى و جيش المهدي أو بقايا هذه المليشيا من أن تفضي الاتفاقية الأمنية إلى إبقاء قدر معقول من القوات الأمريكية في العراق إلى حين تبلغ القوات العراقية من الجيش و الشرطة المرحلة النهائية لاكتمال جاهزيتها السليمة و الصحيحة . إن هذا يعني عدم القدرة على بناء بعض الطموحات و الأحلام لاستعادة التواجد العسكري في المدن العراقية و المراهنة على ضعف تجهيزات الجيش و الشرطة و عدم اكتمال الجاهزية لها هذه الجاهزية التي على ما نرى لن تحصل إلا بعد وقت ليس بالقصير قد يستلزم خمسة إلى عشرة أعوام مقبلة . رابعا : فهم دوغمائي متطرف لمعنى العلاقة مع الآخر ، و الإيمان بتصورات سقيمة لم يعد لها وجود و إمكانية للتحقيق . فالولايات المتحدة كما قلنا دولة عظمى و لا يمكن تجاهل خطرها و شانها بل و نفوذها في الواقع على الأرض . إضافة إلى إغفال جانب أن الاتفاقية المرتقبة إنما كانت لأجل إخراج البلد من سلطان البند السابع الذي صادر قدرة أي حكومة عراقية حتى على التصرف بعائدات النفط و معرفة حسابات الإيرادات بشكل دقيق . و لهذا و لكي تستكمل السيادة فلا بد من الانتهاء إلى اتفاقية إطارية تحدد شكل و نوعية العلاقة بين العراق و الولايات المتحدة و لكن يجب بكل تأكيد عدم استبدال البند السابع باتفاقية لا تختلف عنه و هذا ما تعرفه الحكومة العراقية تماما و تعمل لأجل تلافيه بكل ما أوتيت من قوة . خامسا : الظهور بمظهر الوطني الغيور و الذي لا يشق غبار وطنيته و هو ما يحمل ضمنا القول بالعمالة و الخيانة و .. إلى آخر هذه الأوصاف للحكومة و الشخصيات السياسية المشاركة فيها . هذه بعض من الأسباب التي يمكن أن نتصورها لحقيقة رفض مقتدى الصدر للاتفاقية الأمنية بين العراق و أمريكا و التي يمكن إضافة نتيجة لها من أن الخوف من الاتفاقية قد تحول إلى ما يشبه الحالة المرضية ، أنها فيما تبدو فوبيا جديدة ألمت بالسيد مقتدى وهو في دار الغربة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مرتضى المهندس
2008-08-04
اعتقد ان مقتدى الصدر واتباعه يعيشون تفكيرا مزدوجا بين فكر البعث القومي وفكر التطرف الديني ونتيجة لهذا الازدواج نرى التخبط في المواقف والتناقض في اغلب الاحيان ولكن رغم هذا كله تصفق له اتباعه كما كان يفعل اتباع صدام وعلى نظرية عزت الدوري ( خطأك احسن من صحي ....سيدنا )
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك